صديقي يحسدني، ويتضايق من إنجازاتي، ما الحل معه؟
2014-10-14 02:36:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، وبعد:
أحد أصدقائي كان مميزاً معي, ثم بعد فترة من حصوله على ترقية أصابه الغرور والغطرسة، والسخرية، وبدأ برفع الصوت دون مبرر إلا لإثبات صحة وجهة نظره، والتقليل من ذكاء الآخرين سواء كان عميلاً، أو أكبر مدير، لا بأس في هذا لأنه قد يندرج تحت بنود كثيرة (ظروف, خوف عليّ, حالة نفسية)، لكن ما رابني منه ظهور الحسد عليه في قوله ومشورته، بشكل يزين لي الكسل والاستسلام للأمر الواقع، وأنه لا مجال لي في الترقية، وأن شأني شأن ملايين غيري -وذلك كلما تتاح لي فرصة في التدريب والتطوير- وبأسلوب الغاضب المحتقن.
هذا الأمر الذي جعلني أتذكر مواقف أخرى له سابقة لم أجد لها مبرراً في سعيه الدائم؛ لإثبات أنه مساوٍ لي بل أفضل (رغم أني لم يسبق لي الفخر أمامه، أو أمام غيره بأي إنجاز لي بالعمل، بل أكتفي بثناء رؤسائي في العمل فحسب)، أو محاولة إثنائي عن بعض الأمور التي بعد ذلك يقدم هو عليها، ما الحل معه؟
علماً بأن نصائحه السابقة كانت سبباً في تأخري، وبقائي في مكاني، وتقدمه عليّ بل إنه أصابته مؤخراً نوبة من الغضب لم يستطع كتمها، عندما علم أن المدير اختارني لإدارة أحد الأقسام: (فقال إن عملها متعب، وأن المدير كاذب، وقد طلب منه تركها، وأنها... علماً بأنه يعمل في شركة أخرى، تصوروا).
لكني لا أضع اعتباراً لهذا بقدر ما أضعه للصداقة والثقة، وكيف كان يعطيني تلميحات وإشارات منذ زمن عن مكنون صدره، ولكن انبهاري ومحبتي له لم تمكني من رؤية ذلك، المهم أني عقدت العزم على وضعه في (قائمة الأصدقاء العاديين، بدلاً من الأصدقاء المقربين).
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمود حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والتواصل، ونسأل الله أن يطهر النفوس، وأن يصلح الأحوال، وأن يعيننا جميعًا على طاعة الكبير المتعال، وأن يحقق لنا ولكم الآمال.
لا شك أن الحسد داء عضال، والإشكال فيه أنه يكون بين الزملاء والجيران، والأقرباء والشركاء، وهذه دوائر أرادها الإسلام حباً ووفاءً، بل من قبح الحسد أنه لا يكون إلا في أمور الدنيا الدنية التي تضيق بالمتزاحمين فيها، مع أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وأجلها، والحاسد لا يضر إلا نفسه، وهو على خطر عظيم؛ لأنه يعترض على الكريم في عطائه، وفي قسمته بين عباده، والحاسد مريض ومحروم، فنعوذ بالله من الحسد ومن شر حاسد إذا حسد.
لكننا ننصحك بالشفقة عليه، والدعاء له مع أخذ الحذر، ولا مانع من إخفاء بعض مصالحك عنه، ونتمنى ألا تتهمه جهراً؛ لأن الحسد مرض خفي، والاتهام والعداء يزيد النار اشتعالاً، بل يحول الحسد إلى حقد وبغض، وكراهية مفرطة، ومن هنا فأرجو أن تبقى شعرة العلاقة، والحكيم يداري الناس، ويعاملهم بما يقتضيه حالهم.
كن وفياً لصداقته القديمة، حافظاً لأسراره، ولا يحملك ما يظهر منه على مزيد من العداء، وتجنب الشكاية منه بين الزملاء، ولا تعالج أخطاءه بالأخطاء، ولا تقابل شره بالشر، ولا يخفى على أمثالك أن هذا الكون ملك لله، ولن يحدث فيه إلا ما أراده الله، وإن حسد الحساد لا يؤخر رزقاً قدره الله، فلا تلومن أحداً على ما لم يعطك الله، ولكن ابذل الأسباب، وتوكل على الكريم الوهاب، وكن في نفسك سليم الصدر، تتمنى الخير لزملائك لتؤجر، وتكون عندهم محبوباً، وتعيش مرتاحاً سعيدًا، فليس في الدنيا أشقى من حاسد يتقلب ويتألم؛ لأن نعم الله تنزل على عباده في الصباح وفي المساء.
المؤمن يفرح إذا نزلت نعمة من الله على زملائه، ويظهر لهم الفرح، ويسأل الله من فضله كما فعل نبي الله زكريا عندما وجد إكرام الله لمريم توجه إلى الوهاب قائلاً {رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء} فجاءته الإجابة، وبسرعة، وللإنسان أن يسأل مثيل النعمة، أو يرفع حاجته، وهو بخلاف الحاسد الذي لا يرضى إلا بزوال النعم من عباد الله، والعياذ بالله.
نسأل الله أن يوفقك، ويسدد خطاك.