ولدت بحالة خلقية أرادها الله لي، فكيف أرضى بقدر الله تعالى؟

2014-10-16 01:44:58 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أشعر بأنني لوحدي وأحتاج لمن يساعدني ويحتويني، أنا الآن في السنة الخامسة بالمرحلة الجامعية، وحينما كنت بالصف الثالث الثانوي ذهبت لطبيبة النساء والولادة؛ بسبب تأخر دورتي الشهرية، وبعد الفحص ظهر السبب، أنني لا أملك رحماً كبقية الفتيات.

دخلت في دوامة الهواجس والأفكار، وما هو مصيري بعد أن أكبر ويذهب كل من إخوتي لحياتهم، ويستقل كل منهم في منازلهم ومع أسرهم، فهل يعقل أن أتزوج؟ وأن أعيش أحلامي؟ أم أن أحلامي ليست إلا مجرد أحلام ومن المستحيل تحقيقها.

كنت أقنع نفسي دائماً بضرورة الرضا بالقدر وقسمة الله، ولكنني حينما أحضر زواجاً، وأرى الأطفال، أعود لنفسي وأقول: لماذا اختارني القدر ولم يختر غيري، تجدني أحياناً أكره نفسي، وأحياناً أكون راضية بالقدر وقسمة الله، نعم، أنا مؤمنة ومحسنة الظن بربي، لكنني مثل ما أسردت لكم، حينما أرى الأطفال أتمنى أن يرزقني الله بطفل، وأن أحمل به، وأنجبه، وأرضعه كبقية الفتيات.

كنت دائمًا أحلم وأخطط أن يكون طفلي إماماً للمسجد، أو أن يكون حافظاً للقرآن، كنت أتمنى أن يكون سنداً لي في الدنيا حينما أكبر، فليس لدي ملجأ إلا الله.

أمي وأبي لديهما علم بحالتي، ولكنهم لم يحاولوا سؤالي ولو لمرة واحدة عن شعوري وراحتي، أو أي سؤال يبين لي اهتمامهم بي، ،أجد كل اهتمامهم مصبوباً على الذكور دون الإناث، فهم دائماً ما يجدوني أضحك ولكن من وراء قلبي، ولا يعلمون أنني فتاة لها أحلامها وطموحاتها بالحياة.

ليس لدي من أفضفض له، أخواتي وبنات عمومتي أغلب أحاديثهم عن الدورة الشهرية، والزواج، والإنجاب، وبعد كل رمضان، تتحدث كل واحدة منهن عن دينها الذي يجب أن تقضيه، دائماً ما أهرب من المكان حينما يتحدثن، ولا أريد نظرات الشفقة منهن.

أنا أفضفض لكم، وأستشيركم أحتاج لأن أشعر بأن لي قيمة، وأنني سأنجح في حياتي وأتزوج كبقية الفتيات.

عذرًا على الإطالة، ولكن صرخات قلبي أبت إلا أن تخرج من صندوق حزني، وشكراً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا الفاضلة، في موقعك إسلام ويب، ونشكر لك التواصل والاهتمام، ونؤكد لك أننا في مقام الآباء، وفى الموقع أمهات، فتواصلي وفضفضي وخذي راحتك، وثقي بأن أبواب الخير والنجاح مفتوحة، وأن الكريم إذا اخذ من الإنسان شيئاً، عوضه بأشياء، وإن نعم العظيم مقسمة، والسعيدة هي التي تتعرف على نعمة الله عليها؛ لتؤدى شكرها، وبالشكر ستنال المزيد.

نبشرك بأن الله سوف يعطيك على صدق نيتك، وستجدين في ميزان حسناتك أئمة وحفاظًا لكتاب الله، ونيتك في هذه الأحوال، خير لك من العمل، وأنت لست مكلفة بالتفكير في الغد والمستقبل، والانزعاج لأجل ذلك؛ لأن ربنا تكفل بأرزاقنا، وبيده مستقبلنا، فلا تهتمي، ولا تغتمي، وأظهري رضاك عن ربك، وعن كل ما يقدره، فإن الرضا هو باب السعادة الواسع، وفي هذا الإطار يُفهم قول عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).

كم تمنينا أن نعرف الرأي الطبي، والتفسير لمثل حالتك، حتى نفكر سويًا في الاتجاه الصحيح، ولا يخفى على أمثالك أن هناك من لم يتزوجن، ولكنهن سعيدات، وهناك من تزوجن ولم يرزقن، وهن سعيدات، وهناك من أنجبن وندمن، وهناك من أنجبن ولم يجدن من يرعاهن، وكم هي عجيبة هذه الدنيا، وصدق من قال:
كلَّ من لاقيت يشكو دهره ** ليت شعري هذه الدنيا لمن

أرجو أن تتعرفوا على نقاط القوة عندك، وتحمدي الله عليها، وانطلقي في عمل الخير، واشغلي نفسك بذكر الله عز وجل، واجتهدي في حفظ كتابه، وجندي نفسك لخدمة الضعيف، ليكون العظيم في حاجتك، وتعوذي بالله من شيطان يحاول أن يحزنك، ولا عجب! فهمّ هذا العدو أن يحزن أهل الإيمان، وليس بضارهم إلا إذا قدر مالك الأكوان، وكم هو ضعيف كيد الشيطان، ولم يجعل الله له سلطان على أهل الإيمان.

نقترح عليك المساهمة في رعاية الأيتام، والتعاون في ذلك مع زوج المستقبل، فكثير ممن حرموا الذرية، أخذوا أيتاماً، وأحسنوا إليهم؛ طمعاً في بشارة النبي في الجنة: (كهاتين).

لا مانع من أن تقوم إحدى أخواتك، أو عماتك، أو خالاتك بإرضاع الطفل ليكون محرمًا بالرضاع، ويسهل عليه أو عليها العيش في الأسرة الطبيعية، ويتفق المفهوم الكبير: "وإن تخالطوهم فإخوانكم".

نسعد بتواصلك، ونفرح بمزيد من التوضيح، حتى نشاركك الرأي، فأنت في مقام بناتنا وأخواتنا، وشرف لنا أن نكون في الخدمة، وهذه وصيتنا لك: بالتقوى، والرضا، والذكر، والدعاء، فإنه سلاح المؤمنة، وتزودي بالصبر فإن العاقبة لأهله.

نسأل الله أن يقدر لك الخير وأن يوفقك ويسعدك.

www.islamweb.net