تعلقت بخاطب صرفه الله عني وأحس أنني لا أستحقه.
2015-01-14 04:53:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة أبلغ من العمر 31 سنة، تقدم لخطبتي رجل يبلغ من العمر 49 سنة، وهو مطلق، لقد كنت مصممة على رفضي كونه مغتربا، ويعيش في أميركا، إلا أنه كان متحمساً جداً لحل أي معضلة مقابل موافقتي، فهو يبحث عن فتاة بمثل مواصفاتي، من حيث التفكير والمبادئ، ومع إصراره، قررت منح نفسي فرصة للاستخارة، فاستخرت، وشعرت براحة كبيرة.
طلب الخاطب رؤيتي، بعد الرؤية قرر هو الاستخارة، ثم أخبرني بأنه لا يوجد نصيب بيننا، لقد فقدت ثقتي بنفسي، وأكثر ما يؤلمني، هو استخارته، أشعر بأنني لا أستحقه، وأنه أفضل مني؛ لذلك صرفني الله عن طريقه، لقد تعلقت به فعلاً.
أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلًا وسهلًا ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت، وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجبر كسرك، وأن يتولى أمرك، وأن يمُنَّ عليك بزوج صالحٍ طيبٍ مباركٍ يكون عونًا لك على طاعته ورضاه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة-، فإن الاستخارة نعمة من الله -تبارك وتعالى-، أكرم بها عباده، وهي في الواقع ليست في صالح طرفٍ على حساب طرفٍ آخر، وإنما هي في حساب الطرفين معًا، لأن الواحد منا قد يستخير فينشرح صدره، وقد يكون هذا من وجهة نظره هو، ولكن الطرف الآخر أيضًا قد يكون رغم الاستراحة للاستخارة، لا يصلح لأمرٍ يعلمه الله -تبارك وتعالى-، قد يكون فيه موصفات الزوج الناجح، ولكنه لا يصلح لك أنت شخصيًا، ولذلك كونك استخرت، أو هو استخار، النتيجة واحدة.
أنت ارتحت للاستخارة هذا حق من جهتك، ولكن هو عندما استخار الله -تبارك وتعالى-، فوجد أنك لا تصلحين له، وإنما تصلحين لغيره، لأننا ينبغي أن نفهم أن الاستخارة ليس معناها عدم الصلاحية لكل شيء، وإنما الاستخارة معناها عدم الصلاحية في هذا الأمر بعينه، ولكن لا يلزم أبدًا من عدم التوفيق في الاستخارة أن نقول بأننا لا نصلح لشيء أبدًا، وإنما قد يكون هذا الشخص مناسب جدًّا، وقد تكون فيه كل موصفات الزوج الناجح ولكنه لا يصلح لي.
والدليل على ذلك، أن الطلاق وقع بين الصحابة وهم خيرة الخلق، ولكن هذا الرجل قد يتزوج امرأة ولكن ليس بينهما الانسجام الذي يؤدي إلى إسعاد الطرفين، في حين أنه لو تزوج بأخرى أقل منها في المواصفات، -أو كان هو كذلك-، لكان سعيدًا جدًّا؛ لأن الأرواح جنود مجندة، وهذا الأمر القدري الذي وضعه الله في عباده لا نستطيع أن نجد له تفسيرًا، فإننا أحيانًا نجد أن الإنسان يميل إلى شخصٍ علاقته معه هامشية ولكنه يستريح له، في حين قد لا يستريح لأخيه ابن أمه وأبيه بهذه الدرجة، وهذا من الله -تبارك وتعالى-، لأن ميل القلب هذا لا علاقة للناس جميعًا به.
لذلك أرى ألا تحزني وألا تبأسي، فإن الرجل قد يكون مناسبًا من وجهة نظرك بالنسبة لك أو كما أخبرتْ الاستخارة، ولكن قد يكون يرى أنك غير مناسبةٍ بالنسبة له هو، وقد تكونين رائعة، وقد تكونين ناجحة، وقد يكون ممتازًا من وجهة نظرك إلا أنه لا يصلح لك.
فأنا أرى أن تسلمي الأمر لله -تبارك وتعالى-، وأرى ألا تحزني ولا تبأسي -بارك الله فيك-، وكونك ترين أنك لا تستحقينه، هذا ليس صحيحًا، فقد تكونين أفضل منك، وقد يكون هو أقل منك، والدليل على ذلك أن الله تعالى لم يشأ أن يوفق بينكما، لاحتمال أن يكون بينكما بونًا شاسعًا، فالله تبارك وتعالى أراد رحمة بك ألا تدخلي حياة زوجية ثم تفشلي فيها، ولعل موقفك الأول كان هو الصواب، وتغيرك عن موقفك أكرمك الله -تبارك وتعالى- به، بأن جعل الرجل لا يقبل حتى لا تدخلي في معركة أنت لست على استعداد إلى خوضها، لأنك ستكونين غالبًا الخاسرة في مثل هذه المرحلة.
كونك أصبحت تعانين مشكلة عدم الثقة بنفسك، هذا من عمل الشيطان، لأن عدم التوفيق في الاستخارة ليس معناه أنك سيئة، أو ليس معناه أنك لا تستحقينه، أو ليس معناه أنه دون مستواك، طب لماذا لا تقولي العكس؟ لماذا لا تقولي: (إن الله رحمني باستخارتي، لعله ليس الشخص المناسب القادر على إسعادي، وأني كنت سأتعب معه تعبًا شديدًا، ولذلك لطف الله تبارك وتعالى بي، وجاء الانصراف من جهته، حتى يحميني الله تبارك وتعالى من حياةٍ أنا في غنىً أن أعيشها أتنازل فيها عن مبادئي وقيمي وأخلاقي).
فأنا أرى أن تستقبلي الأمر استقبالاً طبيعيًا، وأن تعلمي أن هذا من رحمة الله تعالى بك، لأن الاستخارة تكون للطرفين وليست لطرفٍ واحد، ولا ينبغي عليك أن تفكري بهذه السلبية، وإنما قولي (لعله أن يكون رائعًا وممتازًا ولكنه لا يصلح لي، -وبإذن الله تعالى- سيرزقني الله -تبارك وتعالى- خيرًا منه) لأنه أولاً وآخرًا وقبل كل شيء لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، وهذا هو إيماننا بالقضاء والقدر، أن نعلم أن ما قدَّره الله كائن، وأن من لم يُرده الله لا يمكن أن يكون بحال من الأحوال، فما دام الله لم يجعل له فيك نصيب فثقي وتأكدي أن هذا هو الخير.
نسأل الله تعالى أن يقدر لك الخير حيث كان ثم يُرضيك به.
هذا وبالله التوفيق.