طفلي يشكو من مرض البيلة التفهة فهل يمكن الشفاء من هذا المرض تماماً؟
2015-03-16 02:10:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
استشارتي لموقعكم الفاضل تخص صديقتي، وهي حول حالة ابنها وتقول فيها:
بدأت معاناتي مع ابني منذ الولادة، فقد كان يرفض شرب الحليب، ولا يشرب غير الماء فقط، وهو كثير التبول.
حينما كان يطلب شرب الماء، كنت أعطيه الماء جهلاً مني، ولم أعلم ما سبب شربه الكثير للماء، ثم بدأت بملاحظة وزنه ونموه اللذين نقصا بشكل ملحوظ، وذات يوم قمت بعمل التحاليل اللازمة له، فظهرت النتائج بأن نسبة الصوديوم لديه هي (160)، فتم إدخاله إلى المستشفى بشكل مباشر، ومكث فيها مدة شهر.
وتم تشخيص مرضه بأنه: البيلة التفهة مركزية المنشأ، وتم إعطاؤه علاجاً هو (المنيرين)، ولم يكن هناك أي تحسن ملحوظ، فقام الطبيب بإيقاف العلاج، ووصف له علاجا جديدا هو (الهادروكلورثيايزيد)، (الاميلورايد)، وتم تشخيص حالته مرة أخرى، على أن ما يعانيه هو: البيلة التفهة كلوية المنشأ، تحسن طفلي لفترة، ولكنه ما زال يتبول كثيراً، ويشرب الماء كثيراً.
في الوقت الراهن يتناول طفلي علاج (هيدروكلورثيازيد)، بمقدار ربع حبة، أي (25 ملغ)، ويتناول أيضاً (اميلورايد)، نصف حبة، أي (5 ملغ)، علماً بأن ابني يبلغ من العمر ثلاث سنوات، ووزنه هو (11)، وطوله (80)، وما زال كثير التبول.
أخيراً: هل يمكن لطفلي الشفاء من هذا المرض؟ أم أنه مرض مزمن وسيرافقه مدى الحياة؟ وهل هناك علاجات محددة؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم مصطفى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرض (Diabetes Insipidus)، والذي يعرف بالسكري الكاذب، أو البيلة التفهة.
هذا المرض يفقد فيه الإنسان كمية كبيرة من الماء في البول، لعدم القدرة على إعادة امتصاصه من خلال الكليتين، وبالتالي يرتبط هذا المرض مع تناول كمية كبيرة جداً من الماء؛ ونتيجة لهذا الفقدان الكبير للماء دون الأملاح، يصاب المريض بالجفاف المرتبط مع ارتفاع نسبة الصوديوم في الدم.
الكليتان تقومان بعمليات تنقية وترشيح لسوائل الدم من الأملاح الزائدة، والمواد غير المرغوب فيها، وتعيد امتصاص أغلب كمية الماء، وبعض الأملاح، مثل: الصوديوم، والبوتاسيوم، ولكى تقوم الكليتان بتلك الوظيفة، يعتمد ذلك على عنصرين:
أولهما: التحكم، عن طريق الهرمونات المنظمة لإعادة امتصاص المياه حسب حاجة الجسم، وهو الهرمون الذي يفرزه الفص الخلفي للغدة النخامية بالمخ.
والعنصر الثاني: هو سلامة الكلى وقنواتها، ووجود المستقبلات التي تستجيب للهرمون المنظم، وبالتالي تنفيذ الوظيفة.
من خلال ما سبق، نستطيع استنتاج أسباب المرض الذي نتحدث عنه، ويتم تقسيم الأسباب إلى أسباب مركزية، وأسباب كلوية، حيث يختلف العلاج في كليهما:
1)- الأسباب المركزية: هي أي خلل أو ضرر ناتج عن التهاب مخي، أو نقص أكسيجين، أو تجمع دموي بالمخ، أو أورام أو غير ذلك، أو غياب وراثي للفص الخلفي للغدة النخامية، وكل تلك الأسباب ستؤدي إلى نقص هرمون الديسموبرسين، المسؤول عن إعادة امتصاص المياه، والذي يتم تعويضه باستخدام المنيرين، سواء البخاخة أو الأقراص، بالإضافة للتعامل مع أسباب المرض، مثل الأورام.
2)- الأسباب الكلوية: ترتبط مع بعض الأمراض الوراثية، والتي تغيب فيها بعض المستقبلات للهرمون، وبالتالي لا تستجيب قنوات الكليتين، ولا تعيد امتصاص الماء، وبالتالي يتم فقدانه بالبول، ويحدث المرض، أيضاً أي ضرر شديد على الكلى؛ ناتج عن التهابات شديدة، أو تكيسات، أو غير ذلك، يمكن أن يتسبب في نفس الحالة، ويتم التعامل مع الأسباب الكلوية بإعطاء بعض مدرات البول، مثل (الهيدروكلوروثيازيد) أو (الأميلورايد)، التي تقلل كمية الماء المفقود إلى النصف، ويتم تعويض المريض بكمية كافية من السوائل، مع تجنب الملح بالطعام، وتقليله إلى أقصى حد؛ لتجنب ارتفاع نسبة الصوديوم في الدم.
الحالة كما هو موضح في السؤال، بأن شكواها منذ الولادة، والمرض هنا كلوي المنشأ، وفي الأغلب هي حالة وراثية المنشأ، تغيب فيها مستقبلات الهرمون المسؤول عن إعادة امتصاص المياه، وهنا يكون العلاج مدى الحياة، ولا تحدث مشكلات كبيرة طالما تم الالتزام بالتعليمات الطبية: من تناول كمية كافية من السوائل، وتقليل ملح الصوديوم، وأخذ الأدوية بجرعاتها المنضبطة حسب وزن الطفل، واستجابته، مع عمل تحاليل طبية لنسب الأملاح، ووظائف الكلى من وقت لآخر.
هذا والله الموفق.