أعاني من ضعف الشخصية والخوف من مواجهة الآخرين، فما العلاج؟
2015-02-16 23:40:29 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أشكر جهودكم، وشكر الله فضلكم على ما تعملونه من جهد وعمل، وتقديم يد العون لمن يسألكم، وبارك الله في كل من ساهم وعمل في موقع الاستشارات في إسلام ويب.
عمري 21 عامًا، ومشكلتي، هي ضعفٌ في شخصيتي، والمخاوف التي تواجهني في حياتي الاجتماعية؛ كزيارة الأقارب وصلة الرحم! حيث إني أخجل من تقبيل رأس أمي وأبي، وأخجل أن أتكلم معهم في أي موضوع يخصني أو يخص إخوتي، ومستيقن تماماً أن ما أقوم به هو خطأ فادح.
أحيانًا أرفع صوتي على والدي، وأنا في داخلي حسرة كبيرة، وأندم على ما فعلت، ولا أستطيع من شدة الخجل أن أعتذر لأي شخصٍ كان، ويغلبني الخجل من أقرب الناس لي، منهم: أصدقائي المقربون لي جدًا، وأهلي، وأقربائي، حتى أني أظن نفسي أخجل حتى من نفسي في كل شيء! أخجل بما أقوم به، ومن شكلي ولبسي وأكلي ورائحتي!
أشعر بالغيرة أو بالتحطّم من أي شخص ينجز أي عمل جميل، وأتمنى أن أكون مكانه، وأنا أعرف أني أستطيع، ولدي الثقة التامة بأني أقدر على ما يفعلونه، ولكني لا أفعل ما يفعلونه لسببين، وهما: الخوف والخجل، فهما يمنعاني من أمور كثيرة، ويجعلاني أتردد في اتخاذ قراراتي دائمًا.
حينما يغلط شخص ما في حقي، وأنا أعرف أنه هو الغلطان، فإني أغلّط نفسي؛ لكي لا أتجادل معه؛ لأني أعرف أني لو تجادلت معه، فإنه سيقدر أن يقلب الغلط عليّ؛ لأني لا أستطيع الكلام بترتيب، أو أني أنسى ما قد حدث لي بالتفصيل.
أذكر أني قُبلت في وظيفة عسكرية، ودخلت مقابلة شخصية، كانت سهلة جدًا، كل ما فيها هو: ما اسمك؟ وما عاصمة السعودية، وارجع للوراء، تقدّم قليلًا، اقرأ ما هو مكتوب أمامك، إلا أني ارتبكت، وتعرّقت، وزادت دقات قلبي، وأخطأت بالحروف، وطُرِدت من هذه الوظيفة، وضاعت عليّ.
عمي يسكن قريبًا مني، وأراه كل يوم، ولا أستطيع الدخول إليه لأسلّم عليه وأصل الرحم منذ أكثر من 4 شهور، ولا أستطيع الكلام مع إخوتي كثيرًا، وأنا واثق بأن لديّ الأسلوب الذي يجعل جميع الناس يحبونني، وواثق من نفسي وشكلي وما أقدمه من عمل، وأثق بقدراتي الجسدية والعقلية وكل ما أملك، وأحب خدمة الناس ومنفعتهم قبل نفسي، ولكن مشكلتي أنّ أيّ شيء أنا واثق منه، فإن الثقة تذهب حينما أواجه موقفًا ما، وتضيع مني كل ما أملك من ثقة.
كنت ذكيًا في الدراسة في الابتدائية، وتركت المدرسة في المتوسطة؛ بسبب خوفي من المدرسين الذين كانوا يضربونني، إن لم أُحضر واجبي المدرسي، وكنت أتغيب، وأدّعي المرض؛ لكي لا أحضر المدرسة، حتى فُصِلت منها، وعدت وكمّلت في الفترة المسائية، حتى تخرجت من الثانوية، ولم أستطع دخول الجامعة.
نصحني الناس، ولم أسمع لنصائحهم، وأنا أعرف أنها نصائح صحيحة، ولم أستطع علاج نفسي بمواجهة المخاوف، وحاولت علاج نفسي قبل أن أذهب لأي أحد، وأن أغيّر من نفسي، ولكن بلا جدوى، فلديّ مقابلة شخصية في وظيفة، ولا أريد أن تضيع مني.
ذهبت لطبيب نفسي، وقال لي: إنه رهاب اجتماعي بسيط، وصرف لي أدوية، وهي (زيروكاست) و(اندرالين)؛ لتخفيف نبضات القلب والتعرّق الارتجاف، ولكن لم يتغيّر أي شيء، فما زلت أتهرب من أي موقف.
لا أُنكر أني تحسّنت قليلًا، ولكن ليس بالشكل المطلوب، فهل يوجد دواء فعال أستخدمه قبل دخولي للمقابلة الشخصية؛ لأني لا أريد أن أتخوف من شيء، لا داعي للخوف منه.
آسف على الإطالة، فلمْ أقلْ بما أحس به كاملًا، هذا فقط القليل منه.
أشكركم على قراءة موضوعي، وأتمنى الإجابة عليه.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وأسأل الله لك التوفيق والسداد.
حسب ما ورد في رسالتك هذه، فأنا أتفق مع الأخ الطبيب الذي قال لك: إن لديك رهابًا اجتماعيًا بسيطًا، أعتقد أن درجة الخوف والرهاب التي لديك ليست مُغلّظة، ليست شديدة، وفي ذات الوقت أرى أيضًا أنّ لديك ما يُسمى بضعف تقدير الذات، أنت تظلم نفسك كثيرًا بأنك ترى نفسك أقلَّ من الآخرين، وهذا مفهوم خاطئ.
أيها الفاضل الكريم، الناس سواسية، الناس لا يتميز -فيما بينهم- أحد على الآخر إلا بالتقوى، مآل الناس واحد في هذه الحياة، الإنسان يعيش ويتعلم أو لا يتعلم، يعمل أو لا يعمل، يتزوج أو لا يتزوج، تستمر به الحياة، وفي نهاية الأمر يموت.
هذه هي الحياة البشرية، وليست أكثر من ذلك، (كلكم لآدم، وآدم من تراب)، لكن من أجل ذلك، فالإنسان يجب أن يُجاهد ويُثابر لينفع نفسه وغيره، وأن يحرص على ما ينفعه، وأن يستعين بالله ولا يعجز.
أيها الفاضل الكريم، لا بد أن تُغيِّر من مفهومك حول نفسك، وتوجُّسك حول شكلك ورائحتك؛ هذا كلام غير مبرّر، ويجب ألا تشغل نفسك به، وعليك أن تعمل برامج يومية بسيطة جدًّا:
أولاً: صلّ في المسجد؛ الصلاة في المسجد تعطيك الشعور بالأمان، تجعلك تتواصل مع الناس اجتماعيًا. ابدأ بالصفوف الخلفية، إن كنت تخاف، ثم تقدّم في الصفوف رويدًا رويدًا، حتى تصل إلى الصف الأول، وفي الصف الأول، حتى تصل إلى أن تكون خلف الإمام؛ هذا علاج سلوكي عظيم، جرَّبناه، وأثبت نجاحه مع الكثير من الإخوة.
ثانيًا: عليك بالنوم المبكر، النوم المبكر يؤدي إلى ترميم كامل في خلايا الدماغ؛ مما يُحسِّنَ من تركيزك، ويجعلك في حالة استقرار.
ثالثًا: التوازن الغذائي له فائدة كبيرة جدًّا.
رابعًا: ممارسة الرياضة، خاصة الرياضة الجماعية، فإنه تعطيك الثقة بنفسك.
لا بد أن تكون سبَّاقًا في بعض الأمور: زيارة المرضى في المستشفيات، مشاركة الناس في أفراحهم وأتراحهم ومناسباتهم فيما لا يخالف الدين، نحن نعيش في مجتمع طيب، مجتمع مسلم، مجتمع نرى فيه الكثير من علامات الخير، حتى وإن وجدت صعوبات، يمكن من خلال حياتنا العادية، وما ينصحنا به ويُرشدنا إليه ديننا ومُثُلنا وأُسرنا ومجتمعنا، إذا تعايشنا مع ذلك، وطبّقنا ما هو مطلوب منا اجتماعيًا، تطورت المهارات؛ فالتغيير يأتي منا وليس من غيرنا.
بالنسبة للوظائف: لا تتضايق، لا تنحبس، اصبر، اذهب للمعاينة، وحين يتم اختيارك لبعض الأمور اصبر عليها، بل افرح بها، وكن مُجيدًا ومتقنًا في عملك، هذا هو الذي يعطيك الثقة بنفسك.
بالنسبة للعلاج الدوائي: (زيروكسات Seroxat)، والذي يسمى علميًا باسم (باروكستين Paroxetine)، علاج ممتاز وعلاج فاعل، وفاعل جدًّا، و(إندرال Inderal)، والذي يعرف علميًا باسم (بروبرانلول Propranlol)، فهو دواء مساعد، فاستمر على (الزيروكسات) حسب الجرعة التي وصفها لك الطبيب، و-إن شاء الله تعالى- تدريجيًا سوف تحسُّ بتحسُّنٍ وتغيُّرٍ كبيرٍ، بشرط أن تُطبّق ما ذكرته لك من إرشاد سلوكي.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.