لا أجد من يفهمني، وأميل إلى الانطواء ووالدي يهينني.. ماذا أفعل؟
2015-02-24 01:34:02 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا شخص أدرس أول سنة في الجامعة، وعمري (19) عاماً تقريباً، وحالتي صعبة، ولا أجد من يفهمني، وأميل إلى الانطواء، وأكثر ذلك بسبب المشاكل العائلية.
لا أطيق التحدث مع والدي بسبب تحقيره لي، وصراخه ووعوده الكاذبة ومعاملته، فهو يفرض عليّ أشياء لا يطيقها أحد، ودائمًا يمدح ماضيه، ويريدني أن أذوق طعم معاناته التي جربها.
والدتي تتعامل معي بالصراخ في أكثر الأوقات، وغالباً تجرحني بالدعاء عليّ والشتائم، ولا يمكنني تصحيح أخطائها أو تبريرها، ودائما تجعل الخطأ صواباً.
لا يعجبني أن يهينني أحد، فقد تضاربت مع أصدقاء بسبب ذلك، وأهلي يهينوني، وهم يعلمون أني لا أحب الإهانة والاحتقار، وأهلي بشكل عام يؤمنون بماضيهم المر، ويريدونني أن أمشي في العقبات التي مرت عليهم.
أعاني من أعراض وآلام أحياناً، ولا يمكنني الذهاب إلى المستشفى بحجة أن العلاجات الحديثة مضرة، والمستشفيات مجرد مراكز ربحية، فأضطر إلى الذهاب بالسر أو أنتظر الفرج.
حالتي النفسية صعبة، وأشعر بأشياء غريبة، وأحب الظلام، وأخاف منه أحياناً، وأغلب أوقاتي أجلس في غرفة في نور خافت، وأميل أحياناً إلى الجنون والأشباح بقدر خوفي منها، وأرغب في دخول عالمهم، ودائماً أقرأ في مقالات ما وراء الطبيعة.
أتمنى الموت، وأحياناً أتراجع عن الفكرة، ودائمًا أفكِّر في الموت، فمثلاً إذا كنت أقود أتخيل حادثاً حدث لي، وهكذا، وجربت الانتحار، وتراجعت؛ لأنني لا أريد تشويه سمعة العائلة، وأحياناً أجرح نفسي بشيء، وأجلس أفكر، كيف جرحت نفسي بدون ما أحس؟
بعد التخرج من الثانوية، قررت الابتعاد بحجة الدراسة، لكني لم أُقْبَل في الجامعات الخارجية، فكملت دراستي في المدينة مع الأهل.
أنا أصلي ومحافظ على الصلوات والدين، وأحياناً أكون متشرداً قليلاً بسبب الأصدقاء.
أكتفي بهذا الكلام، وأرجو المساعدة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ahmad حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في استشارات (إسلام ويب)، وندعو الله تعالى لك بالعافية والمعافاة.
أيها الفاضل الكريم: أولى خطوات إصلاح النفس وتعديل السلوك هي بر الوالدين، فأنت تحمل على والديك كثيرًا، وأنا أعرف أنك تعرف قدر الوالديَّة – أي الأبوة والأمومة –، وبالرغم من ذلك فأنت غير مرتاح؛ لأن تعاملاتهم الظاهرية معك ليست بالصورة التي تبتغيها، وقولي (تعاملاتهم الظاهرية)؛ لأن ما في قلوبهم أمرٌ آخر، من العطف والمحبة لك، وهي ثابتة وراسخة، ولا يستطيعان أن يُغيرا ذلك أبدًا؛ لأن ذلك سنة الله في الناس، والفطرة والجِبليَّة، وطبيعة الأشياء، وسنن الحياة، تُحتِّم علينا كآباء وأمهاتٍ أن نُحب أبناءنا، بل كل الآباء دائمًا يسعون لأن يكون أبناؤهم أفضل منهم، لكن أتفق معك أنه قد تكون هناك أخطاء ظاهرية في التربية.
يا أيها الفاضل الكريم: لا بد أن تُغيِّر مفهومك عن والديك، ولا بد أن تُراجع هذا الأمر، وإذا أقدمت على والديك بشيء من الإيجابية، فأنا أعتقد أنهم سوف يُبدون لك الكثير من الإيجابيات.
لا تكن إنسانًا فاشلاً، فالفاشل مرفوض، والفاشل غير مرغوب فيه، وبر والديك هي نقطة الارتكاز التي يجب أن تتحرك منها، وأريدك أن تكون فطنًا وذكيًّا.
أحد أركان البر الرئيسية هي أن تفعل ما يريده والداك منك دون أن يطلبا منك ذلك، أي أن تكون بالذكاء والفطنة والحذاقة التي تجعلك تستقرئ وتقرأ ما في خلدهما، وتقوم ببرهما، وهذا يفتح لك خيري الدنيا والآخرة، فالشعورٌ الإيجابي نحوهما، ومحبتهما، والفعالية نحوهما، سيجعل الأفكار القبيحة التي تتحدث عنها من الانتحار وخلافها، لن تُراودك أبدًا، وسيكون -إن شاء الله تعالى- تركيزك أفضل، ونومك أفضل، ودراستك أفضل، وآمالك المستقبلية أفضل، فكل الذي تحتاجه هو أن تُحسِّن علاقتك مع والديك، وهذه هي نقطة الارتكاز، وهي إذا اتخذت هذا القرار بأن تكون لطيفًا مع والديك، وطائعًا لهما وفعّالاً.
أنت -والحمد لله تعالى- محافظ على صلاتك، والمحافظة على الصلاة تستدعي بر الوالدين، وبر الوالدين هنا سوف يصبُّ في مصلحتك أنت، وهذا التراجع الشديد في مشاعرك، والشعور بالكرب والتشاؤم، أعتقد أنه كله ناتج من علاقتك السلبية مع والديك.
أنت أيضًا علاقتك ليست طيبة حتى مع الآخرين كما ذكرت.
أنا لا ألومك – أيهَا الابن الفاضل – لكني أعتقد أنك أخطأت الطريق؛ لأنك لم تُحسن التعامل مع والديك، فعليك ببرهما والإحسان إليهما، وسوف تجد خيري الدنيا والآخرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( رغم أنف ثم رغم أنف من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما فلم يدخل الجنة).
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.