أحب العزلة، وأشعر بضيق ولا أحافظ على صلاتي، ما نصيحتكم؟
2015-03-09 03:50:46 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا رجل بعمر 27 سنة أعزب، مشكلتي أنني أكره الخروج من المنزل، وبمجرد التفكير في الخروج أشعر بضيق واختناق شديد.
تركت العمل بدون سبب ولا مقدمات، علماً أنه عمل خاص لي ومربح، فأنا منعزل عن الناس وغير اجتماعي لا مع أصدقائي ولا مع أفراد عائلتي، وكثير الغضب من أشياء تافهة.
أحب الوحدة، وأسكن في منزل بمفردي مند ظهور تلك الأعراض، وأشعر بالضيق عند تواجد أسرتي معي، ولكن -والله ثم والله- ذلك ليس برغبتي، وجسمي كله يؤلمني خاصة الرأس أثناء النوم، مع العلم أنني دائماً مستمع للقرآن.
أنفق مالاً كثيراً بدون إحساس ولا شعور، وفي الأخير لا أعرف أين أنفقته، علما أني لا أزني، ولم أشرب الخمر مدة حياتي، حتى إنني لا أعرف أنواعه ولا أسماءه، وعقلي -دائماً- شارد وغائب، أبحث عن شيء لا أعرفه، وأحس بذنب كبير؛ لأنني لا أداوم على الصلاة، ولكنني -والله- أحب ديني وصلاتي، ولكن ما العمل؟ فتركي للصلاة بلا إرادتي، وعندما أصلي أحس بِحَرٍّ شديد في بدني ورأسي، وأحياناً أكون شارداً في الصلاة خاصة في المسجد وصلاة التراويح، ودائماً أحاول الرجوع إلى الصلاة ولكن بدون جدوى.
عالجت بالرقية الشرعية (4) مرات، ولكن على مراحل متقطعة، ولا أداوم عليها، وأخاف من زيارة الطبيب؛ لأن عندي وسواسا بأنني مريض بمرض خطير.
لا يهمني عملي ولا صحتي، أريد فقط الرجوع إلى الصلاة والتقرب إلى الله.
هل -فعلاً- هذا سحر، وكيف أعالجه، وهل سيعاقبني الله على تركي الصلاة؟ فأنا أشعر بذنب كبير، وكأنني أستهزئ بالصلاة، فمرة أصليها، ومرة أتركها.
أعتذر إليكم عن أسلوبي في الشرح؛ لأنني لا أجيد التعبير بالعربية كثيراً؛ لأنني من أصول أمازيغية.
شكراً لكم مسبقاً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ mohamed حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
هنالك بعض الشوائب النفسية التي أعتقد أنها قد أدت إلى كثير من التصرفات السلبية في حياتك، فأنت بالفعل غير فعّال، قلق، تحسُّ بالكدر، وبالاختناق، والضيق الشديد، أداؤك في كل شيء ليس على المستوى الذي يُرضيك، فافتقاد الفعالية هذا نشاهده في حالة الأمراض الاكتئابية.
بالنسبة لإنفاق المال بصورة مُسرفة وتفتقد الرويَّة: هذا ربما يكون الاكتئاب قد قادك لما يمكن أن نصفه بشيء من تحطيم الذات، وتحطيم الذات يكون من أحد وسائله وطُرقه أن تفعل ما يضرك بالرغم من إدراكك ذلك.
أنت أيضًا تشعر بالكثير من الندم، وأعتقد أن ضوابطك الضميرية -الحمد لله تعالى- لا زالت بخير، حيث إنك كثير الندم على عدم التزامك بالصلاة.
أخِي الكريم: أنا أعتقد أن مضادات الاكتئاب سوف تُفيدك، فأرجو أن تذهب إلى الطبيب النفسي.
أنا أؤمن بالسحر إيمانًا قاطعًا، لكن هنالك عوامل نفسية يجب أن نُقدِّرها، ويجب أن يُعالجها المختص.
الشيخ أحمد الفودعي -جزاه الله خيرًا- سوف يُفيدك فيما يتعلق باعتقادك أنك مسحور.
البيِّنات التي أمامي تدل أن الحالة حالة نفسية، وتدل أيضًا أنك تسعى لتحطيم ذاتك، تركك للصلاة هذا أمر عظيم، وأنا لم أسمع بسحرٍ يجعل الإنسان يترك الصلاة، نعم الاكتئاب قد يؤدي إلى شيء من هذا، لكن أيضًا هذا الأمر يجب أن تأخذه بغلظة شديدة، وألا تتهاون فيه أبدًا، ولا تترك للشيطان مساحة أكبر من ذلك، لا يمكن للإنسان أن يُعالج خطأً بخطأ، فارتق بنفسك، ارجع إلى صلاتك، جالس إمام مسجدك، سوف تجد منه المساندة التامة والكافية في هذا الخصوص -إن شاء الله تعالى- وكما ذكرت لك اذهب وقابل طبيبًا نفسيًا، وسوف يصف لك أحد مضادات الاكتئاب، فأنت في حاجة إلى ذلك.
لا تخف من مقابلة الطبيب، الطب النفسي تخصص مثل كل التخصصات، والآن حصل تقدُّم كبير جدًّا في مجال الطب النفسي، وأنا كنت أود أن أصف لك دواءً، لكن أعتقد أن حالتك تحتاج للمتابعة، والمتابعة الصحيحة لا يمكن أن تتم إلا من خلال مقابلة الطبيب المختص.
رسالتك واضحة، وشرحك جميل، ولغتك رصينة، فلا تنزعج لذلك أبدًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
++++++++
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد الفودعي. مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
++++++++
مرحبًا بك - أيها الولد الحبيب- في استشارات (إسلام ويب)، ونشكر لك تواصلك معنا، وثقتك فينا، واطلاعنا على أحوالك، وهذا دليل على ثقتك فينا، فنسأل الله تعالى أن يجعلنا عند حسن ظنك، وأن ييسِّر لنا أن نقدِّم لك ما فيه نفعك.
لا شك -أيهَا الحبيبُ- أن التفريط في الصلاة والتهاون بها له أثر كبير فيما أنت تعانيه، فإن الصلاة جعلها الله تعالى طمأنينة للقلب وراحة للنفس إذا أُدِّيتْ على الوجه الذي شرعه الله تعالى، والتفريط فيها والتهاون بها ذنب عظيم، بل يراه بعض العلماء كُفرًا ولو كان التارك متكاسلاً.
لذا فإن الواجب عليك أن تُجاهد نفسك بأداء هذه الصلوات في أوقاتها، ومهما شعرت بضيق أو بحرٍّ شديد أو غير ذلك من العوارض التي تعرض لك أثناء الصلاة فجاهد نفسك على الصبر والمداومة على هذه الصلاة، وسيجعلها الله تعالى بإذنه ومشيئته دواءً وحلاً لمشكلتك، وما ذكرته مما تعانيه إذا صلَّيت، لا يُسوِّغ لك ترك الصلاة والانقطاع عنها.
فإذاً الأمر أولاً بحاجة إلى عزيمة صادقة منك، وَوَثْبَةٌ تَثِبُها لله تعالى، ويُعينك على ذلك أن تُدرك الخطر العظيم الذي ينتظرك إذا فرطت في صلاتك، فإن الصلاة أول ما يُحاسب عليها الإنسان يوم القيامة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أول ما يُحاسب عليه العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحتْ فقد أفلح وأنجح، وإن فسدتْ فقد خاب وخِسر).
والصلاة لها منافع عظيمة في دنياك وفي آخرتك، فهي في الدنيا سبب لحفظ الله تعالى وحمايته، وهي تطهير لك من ذنوبك وسيئاتك، وهي في البرزخ حامية ومدافعة عنك في قبرك، وهي يوم القيامة مُثقِّلة لميزانك، ومُنجية لك من عذاب الله تعالى، وسبب في أن تُحشر في زمرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتنال شفاعته، فإن النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرفك يوم القيامة بآثار الوضوء، وهي في الجنة سبب لرفعة الدرجات ونيل عالي المقامات، إلى غير ذلك من فوائد الصلاة ومنافعها. وعلمك بهذه الحقائق يهوّن عليك الصبر والمجاهدة على الثبات عليها وأدائها في أوقاتها.
ومما يحسن -أيهَا الحبيب- أن تُكثر من ذكر الله تعالى على الدوام، فإنه مطردة للشيطان، وكلمات الذكر جعلها الله تعالى حامية وحارسة لهذا الإنسان، فأَكثرْ من ذكر الله، والزم الأذكار، لا سيما الأذكار الموظفة في الصباح والمساء.
ونصيحتنا لك أن تستعين بأهل الثقة والأمانة والصلاح ممن يُمارسون الرقية الشرعية، فحاول أن تستفيد منهم، وتتعلم كيفية الرقية التي تناسبك، وتعرف منهم إن كانوا يقدرون على تشخيص حالتك وما تعانيه، ثم بعد ذلك وقبله اعتصم بالله تعالى، وعلق قلبك به، واعلم أن دعاءك لنفسك خير من دعاء غيرك لك، وأن رقيتك لنفسك أنفع من رقية الآخرين، فليست النائحة الثكلى كالنائحة المستأجرة، يعني ليست المرأة المُصابة بالمصيبة كالمرأة التي تبكي بالأجرة، فصاحب المصيبة دائمًا ما يكون قلبه أقرب إلى الله تعالى بسبب اضطراره، والله تعالى يُجيب دعوة المضطرين.
فنوصيك بالاعتصام بالله والإكثار من ذكره، واستعمال الرقية الشرعية، فإنها تنفع مما نزل ومما لم ينزل، والرقية الشرعية أمرها سهل يسير، فإنك تستطيع أن تمارسها بنفسك، فتقرأ آيات الكتاب العزيز كسورة الفاتحة، والإخلاص، والمعوذتين، والآيتين الأخيرتين من سورة البقرة، وآية الكرسي، وآيات الصفحة الأولى من سورة الصافات، والآيات التي فيها ذكر السحر وإبطال السحر، تقرأ هذه الآيات، ويمكنك أن تقرأها في ماء فتشرب ذلك الماء وتغتسل به، فذلك ينفعك -بإذنِ الله-.
نسأل الله تعالى أن يقدِّر لك الخير، ويمُنَّ عليك بالعافية.