أصبت بعدم الاستيعاب وضعف الفهم والنسيان بعد أن كنت متميزًا.. ما تفسير كل ذلك؟
2015-03-05 02:59:40 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
دكتورنا الفاضل: محمد عبد العليم -جزاك الله عنا كل خير-، وجعل كل ما تقدم في ميزان حسناتك.
سوف أحاول أن أتكلم باختصار؛ لأن موضوعي طويل -دكتورنا الفاضل- أنا شاب أبلغ من العمر 26 سنة، عندما كنت صغيراً كنت خجولاً وانطوائياً، أي عندما كنت في سن السادسة عشر، وكان عندي كثير من الوساوس والأفكار الغريبة، وكنت دائم البكاء، وحساس لدرجة كبيرة، المهم عندما أصبحت في سن الثامنة عشرة كان يصيبني خوف شديد من الامتحانات لدرجة أني كرهت نفسي، مع أني كنت متميزًا دراسيًا.
أنهيت الفصل الأول في الثانوية العامة بمعدل جيد جدًا، وفي الفصل الثاني حدث معي أمر غريب، وهو أنني انفصلت عن الواقع، أصبحت أشعر أني غير موجود لم أعرف السبب، حيث أدت هذه الحالة إلى عدم انتباه وضعف تركيز، وكأني مغيب، لا أستوعب أي شيء، المهم عملت صورة رنين مغناطيسي، وصورة طبقية، وتخطيط دماغ، مع هذا لم أصل إلى نتيجة، ذهبت إلى طبيب أعصاب، وأعطاني تيجريتول، وبعدها ديباكين، وبعدها لوكسول على مدار سنة كاملة، وأنا أراجعه.
المهم بعدها قررت الذهاب لطبيب نفسي، حيث لم أدع طبيبًا نفسيًا إلا وذهبت إليه تناولت جميع الأدوية المتعارف عليها، وبجميع الجرعات دون أي فائدة تذكر، المهم أنا أراجع عند طبيب واحد لم أغيره منذ عام، وأعطاني تقريبًا جميع الأدوية، والآن أنا منذ شهر تقريبًا أتناول فافرين حبة مساءً، وحبة صباحاً، وبروزاك حبتين صباحاً بدون أي تحسن يذكر، حيث منذ سنتين تقريبًا عرفت ما اسم هذه الحالة التي أصابتني.
المهم دكتور أنا أطلت عليك عندي أكثر من سؤال، أريد الإجابة عليها لكي أرتاح منذ أن أصابتني الحالة إلى الآن، وأنا أعاني من ألم في مؤخرة الرأس، مع زغللة في العينين، وعدم إدراك أي عدم استيعاب لا أفهم أي شيء حولي، وكأنه خيال لا أحفظ، فمثلا إذا ذهبت إلى مكان أنسى بعد لحظات أني ذهبت، لا أشعر بالاستمتاع، تركت الدراسة بسبب عدم القدرة على القراءة بسبب غباش العينين، وبسبب عدم القدرة على الاستيعاب، حيث أصبحت لا أفهم شيئًا.
دكتورنا العزيز: ما سبب زغللة العينين؟ وما تفسير عدم الاستيعاب والفهم والنسيان، حيث أتناول الآن أيضًا أوميجا 3 عيار ألف، أريد تفسيرًا، وأريد أن أعرف إلى متى أبقى مستمرًا على الدواء؟ حيث كان الطبيب كل أسبوعين يغير لي الدواء كذلك جميع الأطباء الذين ذهبت إليهم إلى أنني اقترحت عليه آخر مرة أن أبقى مستمرًا على نفس الدواء إلى شهور، لكن إلى أي مدى، وكيف أعرف مقدار التحسن؟
وشكرًا جزيلاً، أتمنى من الدكتور محمد شرحًا وافياً للحالة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أشكرك على الثقة في إسلام ويب، وفي شخصي الضعيف.
من خلال سردك الواضح والمنسَّق أستطيع أن أقول أن بدايات حالتك كانت قلق ومخاوف، ومع شيء من الأفكار الوسواسية، ثم بعد ذلك انتقلت لمرحلة المخاوف العامة، ثم بعد ذلك بدأت تظهر عندك الأعراض النفسوجسدية، مع أعراض ما يمكن أن نسميه (اضطراب الأنيَّة)، وأقصد باضطراب الأنية: هذه المشاعر الغريبة التي لا تجد لها تفسيرًا، أو كما وصفها أحد العلماء كأن الإنسان ينظر إلى نفسه وذاته من بعيدٍ.
الطبيب الذي قام بإعطائك عقار التجراتول والدباكين، أعتقد أنه كان تحت الانطباع بأنه ربما يكون لديك تغيير في منطقة دماغية تُسمى بالفص الصدغي، التغيرات في هذه المنطقة قد تكون في شكل زيادة في كهرباء الدماغ، وهذه قد تؤدي إلى أعراض نفسوجسدية غامضة من النوع الذي تحدثت عنه.
لكنك لم تستفد كثيرًا من العلاج، وأنا أعتقد أن الأطباء كانوا على صواب؛ لأننا كثيرًا ما نُجرِّب بعض العلاجات في بعض الحالات، ليس من قبيل التجربة، أو عدم المعرفة، أو الخبرة بالحالة، لكن طبيعة الحالات في بعض الأحيان لا تُوجد مؤشرات بيولوجية تستطيع أن تقيس بها الحالة لتتأكد من التشخيص، واضطرابات الفص الصدغي هي أحد هذه الحالات التي لا يمكن من خلال وسيلةٍ بيولوجيةٍ أو فحصيّةٍ أن تصل إلى التشخيص، والرنين المغناطيسي بالرغم من أنه مفيد جدًّا، لكنه لا يوضح في بعض الأحيان أيِّ تغيُّرٍ في الفص الصدغي.
عمومًا – أيها الفاضل الكريم – الآن أنت توجُّهك واضحٌ جدًّا، لديك إصرار على الاستمرار على العلاج الدوائي، وهذا أمر جيد؛ لأن هذه الأدوية تتطلب في كثير من الأحيان فترة طويلة ليتم البناء الكيميائي لتتحصل على فائدتها.
منهجك هذا أعجبني كثيرًا، وأنا أؤيده وأقرُّه، وهو أهمية الاستمرار على الدواء مهما طالت المدة وكان التحسُّن بطيئًا.
الأمر الآخر – وهو ضروري جدًّا -: لفت انتباهي أنك لم تقم بمحاولات سلوكية حقيقية لتخرج من الذي أنت فيه، والجهد السلوكي المطلوب منك هو تغيير نمط الحياة، والإنسان من الناحية السلوكية هو مشاعر وأفكار وأفعال، هذا المثلث السلوكي مهم جدًّا للإنسان أن يفهمه.
في بعض الأحيان – كما هو في مثل حالتك – تكون المشاعر سلبية، تكون الأفكار أيضًا ليست إيجابية، هذا يخل بالأفعال، لذا وجد العلماء أن الإصرار على أن يكون الإنسان فعّالاً ومُنجزًا ومنضبطًا في إدارة وقته، مهما كانت مشاعره وأفكاره، من خلال تنشيط ضلع الأفعال هذا، والإحساس الإيجابي الذي يأتي بعد أي إنجاز هذا يُغيِّر الأفكار وكذلك المشاعر.
فأرجو أن تأخذ بهذه النظرية المعتبرة السيكولوجية المعرفية، وأعتقد أن ذلك أمرًا ليس بالصعب.
أيها الفاضل الكريم: أنت صغير في السن، لك طاقات نفسية كثيرة، وطاقات جسدية كثيرة، والعلاج من خلال تجاهل الأعراض أيضًا هو علاج علمي، وأعتقد أنه مطلوب في حالتك، وأرى أيضًا أن ممارسة الرياضة ستكون مفيدة جدًّا لك في علاج هذه الأعراض النفسوجسدية.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.