الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحباً بك في استشارات الشبكة الإسلامية، ونتمنى لك دوام الصحة والعافية.
أولاً: نقول لك –يا أخي الكريم- أنت ما زلت في ريعان شبابك، وما زال المستقبل -إن شاء الله- يعد بالكثير، وما زالت فرص تحقيق الآمال والطموحات أمامك واسعة. ما بالك بأناس في عمر السبعين وما زال عطاؤهم لم ينضب، ومنهم من حفظ القرآن في هذا العمر، ومنهم من حصل على شهادات الماجستير والدكتوراه في هذا العمر، والأمثلة كثيرة.
الفكرة التي سيطرت عليك هي فكرة وسواسية، وهي ليست حقيقية، ولا تستند على دليل ولا برهان، فكثير من الناس كانت لهم أفكار مثل فكرتك هذه، فصدقوها، ومنعهم ذلك من الاستمتاع بالحياة، وظلوا منتظرين ساعة الصفر، ولكن مرَ الوقت ولم يحدث لهم شيء، وما زالوا على قيد الحياة، فالفكرة ليست حقيقية، ولو تتبع الناس أفكارهم لما خرجوا من منازلهم، ومن حكمة الله ورحمته بنا أن أخفى عنا آجالنا؛ حتى نعمر هذه الأرض، ونعيش ونمارس حياتنا بصورة طبيعية. وإليك بعض الإرشادات ستساعدك -إن شاء الله- في التخلص من هذه الفكرة:
أولاً: لا بد من التذكير بركن من أركان الإيمان، ألا وهو الإيمان بالقضاء والقدر خيره وشره، فما كان مقدراً من الله تعالى لا بد أن يحدث، وما لم يكن مقدراً فلا تحدثه توقعاتنا وتصوراتنا؛ لذلك لا داعي أن نعيش في خوف أو قلق مستمر يمنعنا من العيش بصورة مستقرة في هذه الحياة، ويبعد عنا السعادة والاستمتاع بما هو مباح من النعم؛ لأن شدة توقع الشيء أحياناً تكون أمرّ من وقوع الشيء نفسه.
يا أخي الفاضل: الحذر الشديد والتشاؤم المستمر قد تكونان من العوامل التي تؤدي إلى نقصان السعادة، فكن متفائلاً، واعمل ما يرضي الله تعالى، وتوكل عليه؛ فإنه يحب المتوكلين، واعلم أن الآجال محددة وحتمية، فكم من مريض عاش طولاً من الدهر، وكم من صحيح أكفانه تنسج وهو لا يدري.
والمؤمن لا بد أن يتذكر الموت، ويعلم أن هذه الحياة فانية؛ لكي يكثر من الصالحات، ويتجنب المنكرات، والإنسان خلق ليعبد الله في هذه الدنيا، وليُعمر هذه الأرض، فإذا توقعنا وتصورنا المرض والموت بالصورة المرضية -كما تتصوره أنت- لتوقفت كل النشاطات التي نمارسها في الحياة، فلا تعليم، ولا عمل، ولا زواج، ولا إنجاب، نكون فقط في انتظار المرض والموت.
والمؤمن ينبغي عليه أن يُسخِر كل عاداته ونشاطاته وممارساته الحياتية في خدمة الدين، فتصبح العادة عبادة؛ وبالتالي يكون قد حقق ما خُلق من أجله.
ثانياً: لا تستسلم للمشاعر والأفكار السلبية، بل قابلها بالأفكار الإيجابية والمنطقية، وحاول مراجعة كل الأفكار السلبية التي سيطرت عليك من قبل، وتوقعتَ فيها حدوث خطر يصيبك ومكروه يأتيك، كم منها تحقق بالفعل؟
تذكر قول رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم- عن أنس -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل). فبدلاً من التفكير في الموت فكر في المهمة التي سافرت من أجلها، وفكر في إكمال دراستك، والرجوع إلى وطنك ظافراً منتصراً محققاً لأهدافك وطموحاتك.
وللفائدة راجع علاج الخوف من الموت سلوكيا: (
261797 -
272262 -
263284 -
278081).
نسأل الله تعالى أن يطيل في عمرك، وينفع بك الأمة.