رعاية الابن المراهق
2004-09-03 19:12:25 | إسلام ويب
السؤال:
عندي ولد، عمره 13 سنة وأشهر، هو أكبر إخوته، وهم ثلاث بنات وولد.
تصرفاته السلوكية غريبة جداً، لا أدري هل هذا مرض نفسي، أم ماذا؟! فهو غير واثق في نفسه، ودائم التردد: فتارة يقبل على الشيء، ويتمسك به بشدة، ثم بعد فترة وجيزة يتحول إقباله إلى رفض، وقد نحضر له الشيء ونتعب في البحث عنه، ثم إذا به يعيب الشيء، ويتركه! وهو دائم السخرية ممن حوله، ولا يعجبه شيء، سواء أكان طعاما أو لباسا، ولا يسلم منه حتى إخوته، فدائماً يستهزئ بهم، ويطلق عليهم ألقابا، ويعلم أخاه الصغير الشتائم والسباب!
وهو لا يحب الأصدقاء، ويتسم بالأنانية الشديدة بشهادة جميع أقربائنا، وليست عنده هواية معينة، وكل وقته يقضيه أمام التلفاز وألعاب الكمبيوتر والبلاي استيشن.
هو مريض منذ صغره بمرض الصدفية الجلدي في إحدى كفيه وقدميه، ونحن نعالجه باستمرار، ولكنه في الفترة الأخيرة صار لا يداوم على أخذ الدواء؛ حتى ساءت حالته الجلدية، لا ندري هل هو يفعل ذلك؛ لكي يجذب اهتمامنا به أكثر، أم أنه غير سوي، ويحتاج إلى علاج نفسي؟
إننا نعامله على أنه سوي، وندفعه لحفظ القرآن، وهو - بفضل الله - نبيه، ويحفظ 25 جزءاً حتى الآن، ويصلي الصلوات في جماعة مع والده.
لا أدري كيف نتعامل معه حتى يصبح سوياً مثل إخوته! فلا يعادي أحداً، ولا يستهزئ بأحد، خاصة وأنه أكبر إخوته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أ ج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إذا كان ابنك يحفظ من كتاب الله 25 جزءاً كما تقولين فإنه سوي ولله الحمد، وربما التصرفات التي يقوم بها من أجل إثبات شخصيته في الأسرة، وبما أن الأسرة -كما تقولين- تتكون من ثلاث بنات وولد، فهو يرى نفسه أنه مهمش في البيت والاهتمام الكامل بالبنات، فابنك -أختي الكريمة- يحتاج إلى بناء شخصيته الاجتماعية، ويعتمد بناء الشخصية الاجتماعية على شقين:
الأول: إشباع حاجاته النفسية.
الثاني: إعداده لممارسة حياته المستقبلية.
فيما يخص إشباع حاجاته النفسية والاجتماعية: فمن الممكن أن يعيش الإنسان بدون هذه الحاجات، ولكن لن يكون شخصاً سويا أبداً إذا فقدها أو فقد بعضها، وتتمثل هذه الحاجات في:
1- حاجته إلى الاحترام والتقدير والاستقلال، وإشباع هذه الحاجة يعني قبوله اجتماعياً، وزرع الثقة به، واكتساب ثقته، واحترام حقوقه في المجالس، والاحترام لابد أن يكون نابعاً من قلب الوالدين وليس مجرد مظاهر فقط، ولابد أن تسود أواصر المحبة والصداقة بينكما، إذ ليس شرطاً أن يكون الولد صورةً عن أبيه، ولكن المهم المحافظة على حالته النفسية.
وأما الاستقلال، فلا بد أن يترك للولد الحرية في التحرك، ولكن في إطار منظم، ويعتمد على نفسه، ويستمر في ذلك في كل حاجاته وأعماله، مما يدعم ثقته بنفسه، ويسهل تكيفه مع المجتمع.
2- حاجته إلى الحب والحنان، وهذه هي من أهم الحاجات النفسية، وفي مرحلة المراهقة التي هي بداية ولدك يظل محتاجاً إلى الحب والحنان، إلا أنه قد يخجل من إظهار هذه العاطفة، وخاصةً إذا كان والداه ينتقدان حاجته للحب أو ينكران قبولها، أو يحسان بالانزعاج والتضايق عندما يعبر عن حبه لهما.
واعلمي –أختي- أن عدم إشباع هذه الحاجة تؤدي إلى انعدام الأمن وعدم الثقة بالنفس، فيصعب على الولد التكيف مع الآخرين، ويُصاب بالقلق والانطواء والتوتر.
أطمئنك مرةً ثانية، فولدك يحتاج إلى نوع من الرعاية والحب والحنان، وترك المجال له ليثبت شخصيته النفسية أو الاجتماعية، وإذا أراد أن يحقق شيئاً ما يوافق الشرع وليس فيه مضرة عليه فاتركيه، وشجعيه على ذلك، فأحياناً المعارضة من الوالدين قد تولد له حب الانتقام من أخواته أو من الآخرين أو حتى من نفسه، فالولد في هذا محتاج إلى نوع من الرعاية التامة حتى ينمو سوياً بإذن الله تعالى.
أما مرض الصدفية الذي ذكرته، فحاولي أن تغريه بتناول الدواء؛ كأن تقدم له هدية إذا شرب الدواء، فهذه مجرد تعزيزات حتى يتناول الدواء، وقد يكون هذا المرض له دورٌ في تعقيد ولدك، فلا تحسسيه بذلك، واتركي الأمر عادي، ونبهي أخواته لذلك.
وبالله التوفيق.