كيف يمكنني أن أعيش الحاضر دون التفكير في الماضي أو المستقبل؟
2015-05-11 02:12:36 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، شيخنا الفاضل/ د. أحمد الفرجابي, جزاك الله عنا خير الجزاء, وجزاكم جميعًا كل خير.
أغلب وقتي إما أفكر في الماضي، أو أحلم بالمستقبل، هذه هي مشكلتي, أتمنى حقًا أن أحيا لحظتي، أحيا حياتي دون تفكير في ماضٍ، ولا في مستقبل، بهذا الشكل المبالغ فيه, حتى إن كان التفكير هذا يسعدني، سواءً فكرت في ماضٍ أو مستقبل, كيف السبيل إلى هذا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -ابنتنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك التواصل المستمر، والأسئلة المتميزة، ونسأل الله لك صلاح الأحوال وتحقق الآمال.
الأمس مضى، ولا يمكن أن يعود، ولا يعلم من ينتظر الغد، أو ما يحصل فيه إلا الله، ولا تبقى للإنسان إلا اللحظة التي يعيشها، وحتى ساعات اليوم منها ما هو ماض ومنها ما هو مستقبل، وقد أفلح من كان يومه أفضل من أمسه، وغده أفضل من يومه، وقد قال علي -رضي الله عنه-: من قضى يومه في غير فرض أداه، أو علم اكتسبه، أو مجد حصله، فقد عق يومه وظلم نفسه، وكان الفاروق يقول: والله أنني لأكره أن أرى الرجل فارغا، لا في أمر دينه ولا في أمر دنياه.
لا شك أن المؤمنة تنظر للماضي لتعتبر، وتحاسب نفسها ثم تتوب من تقصيرها، وعليه فالمرفوض هو الاستغراق في الماضي، وقول: لو أنني فعلت كذا كان كذا، ولأن الإسلام دعوة للإيجابية، فقد أمرنا أن نقول: قدر الله وما شاء فعل؛ لأن لو تفتح عمل الشيطان، أما المستقبل فالمهم فيه هو حسن النية، فإن عاش وأدرك حول النية إلى عمل، وإن كانت الآخرة، نال الإنسان أجر ما نواه وتمناه، فيا له من كرم عظيم من ربنا الكريم، فلا يزال الإنسان بخير ما عمل الخير، قال تعالى: " لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم"، قال ابن عباس: ما من إنسان إلا يفرح ويحزن، ولكن المؤمن يجعل فرحه شكرا وحزنه صبرا.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، وعليك باليقظة والانتباه والاستفادة من اللحظة التي أنت فيها، وعليك الاستفادة من الشباب والفراغ، كما قالت حفصة بنت سيرين: يا معشر الشباب عليكم بالعمل، فإني ما رأيت العمل إلا في الشباب.
وقفي عند الماضي للاعتبار، وانظري للمستقبل بحسن نية، واجعلي همك الاستفادة من اللحظة التي أنت فيها، والدنيا ساعة، فلنجعلها لله طاعة، والنفس طماعة، فهيا نعلمها القناعة، والاعتدال مطلوب، ولا يصح الاستغراق في الماضي، والبكاء على اللبن المسكوب، فما مضى لن يعود، كما أنه ما ينبغي محاولة عبور الجسر قبل الوصول إليه، وهذا المنهج يجعل الإنجاز يتضاعف، ويخلص صاحبه من الإحباط، ومن أحلام اليقظة.
وفقك الله وسدد خطاك.