أرغب أن أتزوج بفتاة صالحة، كيف أحقق هذه الأمنية في هذا الزمان؟!
2015-05-21 00:58:27 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا صاحب الاستشارة رقم (2272301) أنا في بلد مسلم، أسأل الله أن يرد بلادنا الإسلامية إليه ردًا جميلا؛ لأننا أصبحنا كالمغتربين.
وأرجو أن تسامحوني على إزعاجكم بالتفاصيل، فوالله، أنتم رفقتي الصالحة، فلا أملك لا في أهلي ولا في عملي من يعينني على الاستقامة على طريق الله.
بالفعل أريد الزواج، ولا يملأ عيني الآن إلا امرأة عفيفة منتقبة، لا أخفي عليكم أنني حين أرى امرأة منتقبة أدعو الله لها بالثبات وسط هذه الفتن، وينتابني ألم شديد وحسرة على ما فرطت في جنب الله منذ سنوات خلت، وأقول: هل أستحق مثل هذه العفيفة؟! وتتوق نفسي صراحة أن تكون بجنبي امرأة صالحة، تكون لي عونًا في الدين والدنيا.
أبي لا يتكلم مع أمي منذ مدة طويلة، فأمي لم تقبل علاقته غير الشرعية مع أخرى، رغم أنها عرضت عليه التعدد ورفض، ولا يقطن معها، يأتي فقط ليأكل ويرى أخواتي، هل هذا الوضع بالنسبة لي مناسب للزواج؟
إن كان كذلك، لا أدري كيف سأجد هذه المرأة، فأنا أقطن وحدي، والأهل في مدينة أخرى، وليسوا على قدر من الدين حتى يحسنوا الاختيار، ولا أودّ أن أطلق بصري حتى في المنتقبات أو المحجبات.
قلبي متعلق بآية: {رب إني لما أنزلت إليّ من خير فقير}، وما يليها، عندما تأتي تلك المرأة على استحياء عند موسى، عندما أقرؤها أو أدعو بها، فإني أبكي بشدة! فما تفسير هذا البكاء؟
أرجوكم، ادعوا لي بالثبات والاستقامة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو إلياس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يغفر ذنبك، وأن يستر عيبك، وأن يتجاوز عن سيئاتك، وأن يوسِّع رزقك، وأن يشرح صدرك، وأن يمُنَّ عليك بزوجةٍ صالحةٍ طيبةٍ مباركةٍ تكون عونًا لك على طاعته ورضاه، وأن يغفر لأبيك، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-، فاعلم أن الله -تبارك وتعالى- وضع قواعد في دينه، هذه القواعد قواعد عظيمة ومتنوعة، منها قاعدة (الجزاء من جنس العمل)، كما قال الله -تبارك وتعالى-: {إن تنصروا الله ينصركم}، وكما قال الله -جل وعلا-: {ولينصرنَّ الله من ينصره}، وقال أيضًا: {إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانًا}.
فكونك تتمنى امرأةً مُنتقبة صالحة عفيفة فاضلة، عليك بالتوجُّه إلى الله -تبارك وتعالى- بالدعاء والإلحاح عليه، وأن تُريه من نفسك خيرًا؛ لأن هذه جائزة -مكافأة-، والمكافأة لا تُعطى إلا لمن يستحقها، فأنت تريد امرأة بمواصفات خاصة، لا بد أن تكون أيضًا أنت كذلك عبدًا، تعبد الله بمواصفات خاصة، فالأمر في يدك، ولكن كما تعلم: {إن الله على كل شيءٍ قدير}، فهذا أمر لا يُعجزُ الله -تبارك وتعالى- أن يمُنَّ عليك بحوريَّةٍ عيناء في الدنيا، ولكن القواعد العامة التي وضعها الشرع لا بد من احترامها، ما دمت تريد فتاة أو امرأة بشروط خاصة ومتميزة وأنت تُحبها، فعليك –بارك الله فيك– أن تُري الله من نفسك خيرًا، وأن تجتهد غاية الاجتهاد في تصحيح علاقتك مع الله -تبارك وتعالى- وتحسينها، وفي دعاء الله –تعالى- أن يثبتك، كذلك في دعائه أن يرزقك.
أما قضية الوالد والوالدة، هذه قضية أنت لا علاقة لك بها، وإنما هي قضية إن استطعت أن تقول فيها خيرًا فاصنع، وإلا فعليك بالصمت، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت).
القضية بين الوالدين قضية حسَّاسة، إن استطعت أن تتكلم مع أبيك لعل الله -تبارك وتعالى- أن يغفر له، وأن يترك هذا الأمر، فهذا يكون حسنًا، وإن اجتهدت في الإصلاح بين والديك، فذلك يكون أحسن وأحسن؛ لأن الله -تبارك وتعالى- يقول: {فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم}، وهذا أبوك وتلك أمك.
فيما يتعلق ببعدك وغربتك عن المكان الذي فيه أهلك: هذا لا يُقدِّم ولا يؤخِّر.
مسألة أن والدتك قد لا تُحسن الاختيار: أنت لا تعتمد على والدتك في هذا الأمر حقيقة، واسمح لي؛ لأن النساء العوام عادةً تكون لديهنَّ عاطفة كبيرة، مجرد ما ترى أي إنسانة وتستريح لها فإنها ستزكِّيها لك كما لو كانت مريم البتول؛ ولذلك عليك –بارك الله فيك– أن تبحث في محيط الأخوة، في المساجد التي فيها الأخوة الصالحون، إخوانك أنصار السنة وغيرهم، من الإخوة المحافظين على سنة النبي –عليه صلوات ربي وسلامه–، أظهر بينهم رغبتك في تزوّجك بامرأةٍ صالحةٍ فاضلةٍ منتقبة بشروطٍ شرعية، وهذا الجو أعتقد أنك ستجد فيه -بإذن الله تعالى- بُغيتك، والخير في بلادك كثير، ونحن لا نعدم الخير أبدًا، فإن الخير في هذه الأمة إلى يوم القيامة.
فعليك –بارك الله فيك– أن تجدَّ وتجتهد أيضًا في البحث بنفسك، عن طريق إخوانك الثقات الذين -ممَّا لا شك فيه- تعرفهم، وبإذن الله تعالى سيعينونك على ذلك.
كونك تبكي عندما تقرأ قول الله –تعالى-: {ربِّ إني لما أنزلتَ إليَّ من خير فقير}، هذه حكاية حالك، وعندما تحكي حالك فإن العبرة تغلبك، وهذا أمرٌ طبيعي، فإن العبد الفقير عندما يقرأ الآيات التي تتعلق بمثل هذه المواقف فإنه يتأثر بها، كذلك أيضًا صاحب القرآن الذي يُحب القرآن عندما يسمع أول آية تنهمر الدموع من عينيه، كذلك أيضًا صاحب الصبر، صاحب الابتلاء عندما تمر به آيات الصبر يجد فيها سلوى، فأنت تجد في هذه الآية سلوى؛ ولذلك عبراتك تسبقك، وهذا أمر طبيعي -بإذنِ الله تعالى-.
تضرع إلى الله –تعالى- أن يرزقك زوجةٍ صالحةٍ؛ لأن الزوجة الصالحة خير ما يُكرمك الله -تبارك وتعالى- به في هذه الدنيا، وجتهد وألحَّ على الله، وأرِ الله من نفسك خيرًا، وأبشر بكل خير، فإن الله لا يُخيِّبَ ظنَّ عبدٍ أحسن الظنَّ به.
هذا، وبالله التوفيق.