خطبت فتاة بناء على رغبة أهلي، لكني لم أسترحْ لذلك، ماذا أفعل؟!
2015-05-31 04:33:22 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله –تعالى- أن يوفقكم إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يسدد خطاكم على طريق الخير -بإذنه تعالى.
لديّ سؤال شديد الأهمية، أرجو من سيادتكم الإجابة عليه بشيء من التفصيل، وجزاكم الله خيرًا.
تقدمت لخطبة فتاة بعد استخارة الله، وبعد الضغط المستمر من أهلي على الارتباط بها، وهذه الفتاة نحسبها على دين وخلق -والله تعالى أعلى وأعلم- ولكن لم يظهر لي أي مظهر يدل على هذا، ولا أشعر بأي ارتياح نفسي منذ لحظة الخطوبة أو القبول بهذه الفتاة، ولا أشعر بأي نوع من الفرحة والسعادة التي يشعر بها أي شاب وفتاة مخطوبين، أو التي كنت أتوقعها عند خطبتي، كما أني أشعر دائمًا أني لا أستطيع أن أكمل حياتي معها، وأشعر بقلق دائم من ناحية أهلها، وليس لديّ أي استقرار نفسي تجاهها وأهلها! وأخشى أن يؤدي هذا إلى عدم دوام العشرة بيننا مستقبلًا.
بمعنى أني أشعر دائمًا أن هذه الفتاة ليست مناسبة لي، وليست هي التي كنت أتمناها، والله –تعالى- يقول: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء...} الآية.
هل إذا خطب الإنسان فتاة، فإنها أصبحت من نصيبه ومن القدر الذي قدره الله عليه؟ وهل الدعاء يغير من القدر والقضاء الذي قضاه الله علينا؟
أفيدوني، جزاكم الله خيرًا، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ahmed حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى- أن يمُنَّ عليك بزوجةٍ صالحةٍ طيبةٍ مباركةٍ تكون عونًا لك على طاعته ورضاه.
بخصوص ما ورد برسالتك -أخي الكريم الفاضل-، فإن قضية الزواج قائمة على التراضي، وقائمة على الراحة النفسية من الطرفين فعلاً، فقد تكون المرأة صاحبة دين وخلق ولكن أنت لا تستريح لها، فمن حقك أن تعتذر لأهلها وألا تقبلها زوجة لك؛ لأن الله -تبارك وتعالى- إذا كان يقول عن الدِّين: {لا إكراه في الدين}، فما بالك بالزواج الذي يقوم على المودة والمحبة؟!
إذا لم تكن –بارك الله فيك– مستريحًا للفتاة من الآن، فأنا أرى أن الأمر يحتاج إلى مراجعة وإلى صدقٍ مع النفس، لكن أنصحك –بارك الله فيك– بالتوجُّه إلى الله -عز وجل- بالدعاء قبل فكرة الانفصال، خاصة وأن الانفصال أمرٌ ليس سهلاً على نفسية الفتاة، فقد تكون فعلاً في أمسِّ الحاجة لأن يرتبط بها أحد، ثم بعد ذلك تأتي لتكسر خاطرها وتتركها بعد هذا الارتباط، قد يكون فعلاً من الصعب عليها ذلك.
لكن لعلَّ الأمر الآن يكون أسهل؛ بدلاً من أن يتزوج الإنسان فتاة لا يُحبُّها، ثم يُقبل على طلاقها بعد ذلك، فسيكون الأمر أصعب وأدهى وأمرَّ.
أنا أرى –بارك الله فيك– أن تجتهد في الدعاء والإلحاح على الله –تعالى- أن يشرح الله صدرك للذي هو خير؛ لأني كما ذكرتُ لك: أنت لست مجبورًا على الارتباط بها، حتى وإن كان أهلك قد رشَّحوها، فمن حقك أن تجلس معهم وأن تناقشهم، وأن تُبيِّن لهم أنك غير مستريح لها، وأن نفسيتك غير مطمئنة لها ولأهلها، وأنك ستشعر بأنك ستعاني معها، وهذا من حقك –بارك الله فيك-.
لكن كما ذكرتُ لك، توجَّهْ إلى الله بالدعاء، واسأل الله –تعالى- بصدقٍ أن يقدر لك الخير.
تقول: هل إذا خطب الإنسان فتاةً أصبحتْ من نصيبه ومِنْ قَدَره؟
لا يلزم ذلك، فقد تكون المرأة متزوجة وعندها عيال وتُطلّق، فما بالك إذا كانت مخطوبة؟! فالأمر فيه سعة، وليس فيه إكراه ولا إجبار.
هل الدعاء يُغيِّر من القدر شيئًا؟ نعم، النبي -صلى الله عليه وسلم- قال عن الدعاء: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، وقال -صلى الله عليه وسلم-: (إن الدعاء ينفع ممَّا نزل وممَّا لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)، فأنت مطالب بالدعاء والإلحاح على الله -تبارك وتعالى- أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يباعد بينك وبين هذه الفتاة إن لم يكن فيها خير، فهذا الكلام كله من حقك.
لذلك أتمنى –بارك الله فيك– ألا تُقبل على هذه المسألة وأنت بهذا الحال من الكراهية؛ لأنك بهذه الطريقة لن تكون سعيدًا، وبالتالي لن تُسعدها، ولن تُريحها، بما أنك غير مستريح معها. إلا أني أنصحك –بارك الله فيك– بمراعاة ظروفها، وقبل أن تُقبل على هذا ينبغي لك أن تُصلّي –كما ذكرت لك–، وتجتهد في الدعاء بنيّة قضاء الحاجة، وبنيّة أن يشرح الله صدرك للذي هو خير، وأن تُلحَّ على الله -عز وجل- إلحاحًا قويًا، وتقول: (يا ربِّ، إني أعلم أن هذا الأمر صعب، وأن هذا الأمر لن يكون مقبولاً بالنسبة لها ولا لأهلها، ولكني لستُ مستريحًا لها، فأسألك اللهم أن تجعل لي ولها مخرجًا ممَّا نحن فيه)، وسوف يجعل الله لك مخرجًا بإذنه تعالى.
ألحَّ على الله -تبارك وتعالى- في الدعاء، واطلب من أهلك أن يعذروك في هذا الأمر، واطلب من أهلها أيضًا أن يُسامحوك على ترك الارتباط بها، وأكرمها وأحسن إليها، وادعُ الله –تعالى- أن يرزقك خيرًا منها، وأن يرزقها خيرًا منك.
هذا، وبالله التوفيق.