افتقاد المرأة أهلها بعد الزواج
2004-10-29 12:02:09 | إسلام ويب
السؤال:
أنا فتاة متزوجة من ثلاثة أشهر، أنا أسكن في مدينة تبعد عن أهلي 300 كيلو تقريباً، والذهاب إليهم، وزيارتهم صعبة قليلاً؛ لبعد المسافة، ولظروف زوجي العملية! وأنا لا أعمل، فلدي وقت فراغ كبير جداً، وأفتقد أهلي كثيراً، حتى إني أبكي كثيراً كلما تذكرتهم، وحياتي معهم! وحتى إنها تؤثر في نفسيتي! وحتى أهل زوجي يحاولون إحساسي بأني بنتهم، لكني لم أستطع الإحساس بأنهم أهلي، أو أني أرغب بكثرة زيارتهم! وأحياناً يحسسوني بعكس ذلك، كالتكبر علي.
أنا شخصيتي قوية من يوم ما كنت أعرف نفسي، لكن أحسست بأني لا أستطيع الرد عليهم عندما يحسسوني بأني أقل منهم؛ لأني من قرية، وهم كذلك، لكنهم منتقلون إلى المدينة من زمن، ومع أني أغنى منهم بكثير، ولا أعلم سبب عدم ردي! أهو الحياء؟ الله أعلم!
ماذا أفعل؟ أرجوكم! علماً بأن زوجي يحبني، وأحبه، لكن لا يكفي هذا! أعيش بجحيم! أرجوكم ساعدوني!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الكريمة/ أم عبودي حفظها الله!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،
نسأل الله العظيم أن يرزقك السداد والرشاد، وأن يعيننا جميعاً على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يهيئ لنا من أمرنا رشداً!
فلا شك أن الإنسان يصعب عليه مفارقة بيئته وأهله، وخاصة المرأة، ولكن هذه هي الحياة التي يجتمع فيها الناس ثم يتفرقون، ولا يدوم للإنسان فيها أهل ولا ولد، وإذا لم يتفرقوا في حياتهم فلابد من الفراق بهادم اللذات ومفرق الجماعات.
والمرأة بعد الزواج لا تستطيع أن تفارق زوجها؛ لأنه أولى الناس بها، فاحمدي الله الذي ألف بينك وبين زوجك، وأرجو أن تصبري وسوف تزول هذه المشاعر بعد مدةٍ يسيرة بإذن الله، وحاولي أن تعودي نفسك التعامل مع أهل الزوج الذين حرصوا من البداية على أن يشعروك بأنك منهم، وهذه مشاعر طبية يشكرون عليها، ونأمل أن تبادليهم الإحساس، وتحملي الأذى في سبيل إرضاء زوجك!
واشغلي نفسك بطاعة الله وعمري فراغك بما يرضيه، وتجنبي الوحدة، واحرصي على التعرف على الصالحات، ولا تردي على السيئة بمثلها، ولكن عليك العفو والصفح، واعلمي أن الشيطان حريص على زرع العداوات بين الناس، ولا أظن أنهم يتكبرون عليك، وإن حصل ذلك فإن المتكبر مريض يحتاج للشفقة، والذي يدفعه للتكبر هو شعوره بالنقص، فاحرصي على التواضع معهم ومع غيرهم، فإنه ما تواضع أحد لله إلا رفعه.
ووطني نفسك على الصبر، ولا تردي الشر بمثله، فإنك عند ذلك تضيفين شراً إلى شر والعياذ بالله! واعلمي أن الإنسان إنما يرتفع بتقواه وطاعته لله، وإلا فالناس كلهم لآدم وآدم خلق من تراب، والمفتخر المتكبر أهون عند الله من الحشرات الحقيرة.
وإذا كان زوجك يحبك فهذه نعمة كبرى، فاصبري من أجل تلك المودة، واعلمي أنك بعد مدة يسيرة سوف تعتادين مفارقة الأهل؛ لأن الأصل هو أن تكون المرأة مع زوجها، ولا مانع من زيارة أهلها بين حين وأخر شريطة أن لا يكون ذلك بصورة تؤثر على حقوق زوجك، وعلى الزوج أن يشجعك على صلة أهلك!
وأرجو أن يحرص على أن يكون معك دائماً في هذه الفترة إذا اتيح له ذلك، ونسأل الله أن يوفقك ويسددك، وأن يرزقك ذرية صالحة تنسيك ما تعانين منه من الوحدة والوحشة، وأرحب أن أهمس في إذنك مذكرا بأن الرجال لا يحبون المرأة التي تبالغ في إظهار الحب والشوق لأهلها لأن المرأة لزوجها، وينبغي أن يشعر أنه نجح في إسعادك وتعويضك عن فقد أهلك.
علماً بأن الأهل بعد الزواج لا يرغبون في بعدها عن زوجها، والمرأة أيضاً لا تحتمل أن تعيش إلا في مملكتها الجديدة، فهي هنا آمرة لا مأمورة، وسوف تتضح لك كل هذه الأمور مع مرور الأيام، وسوف تصبح هذه المعاناة مجردة ذكريات بإذن الله! والفراغ نعمة من الله والسعيد هو الذي يعمره بما يرضي الله.
وإذا تذكر المسلم أنه خلق لعبادة الله علم أن الفضائل وأعمال الخير أكثر من الأوقات، فعطري بيتك بتلاوة القرآن، واطردي الوحشة من صدرك بذكر الرحمن، أحسني التعامل مع الجيران، واشكري الله على نعمة، وتوجهي لمن يجيب المضطر إذا دعاه ( سبحانه)، ونسأل الله لك الثبات والسداد!
والله الموفق!