هل يمكن إصابة شخص بالعين برؤية صورته؟ وهل قول (ما شاء الله) يمنع الإصابة؟
2015-10-25 06:03:51 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله، أنا شاب يتيم توفي والدي عندما كان عمري أقل من سنتين.
ما أريد السؤال عنه هو: عندما كنت أتصفح حسابي على (الفيس بوك) وأشاهد ما ينشره أصدقائي على الفيس بوك، نشر صديقي صورة له مع والده، وكان يمدحه مدحا جميلا جدا (أتمنى أن يبارك الله في صديقي) وعندما رأيت تلك الصورة تحسرت في قلبي كثيرا، وأتذكر أني قلت: (ما شاء الله) بعدها بقليل، والمهم أنه بعدها بشهر أو شهر ونصف سمعت بوفاة أب صديقي -رحمه الله-.
ملاحظة: أنا لم ألتق بوالد صديقي من قبل في حياتي، فقد رأيت صورته، وليس أكثر.
السؤال:
1- هل من الممكن أن أكون قد أصبته بالعين من تلك الصورة وتسببت في وفاته؟
2- وهل (ما شاء الله) وحدها كافية لمنعي من إصابته؟
3- هل يستطيع العائن إصابة شخص آخر بمجرد التفكير فيه، أو رؤية صورة له، أم أنه لا يمكن؟ (أرجو الإجابة على هذا السؤال؛ فهذا سؤال مهم جدا لي).
لدي سؤال آخر يحيرني، وأرجو الإجابة عليه -أخي المستشار-:
لو أني رأيت شيئا أو شخصا يعجبني، ونسيت أن أقول: ما شاء الله، أو نسيت المباركة في الشيء أو الشخص، وبعدها بساعة أو ساعتين تذكرت أنه ربما أضره بسبب -لا سمح الله- حسدي أو عيني، وبعدها (ساعة مثلا) تذكرت فقلت: (ما شاء الله) أو (اللهم بارك في فلان...) هل قولي: (ما شاء الله) أو المباركة فيه بعد مدة من الزمن يبطل حسدي أو عيني التي خرجت مني؟
شكرا جزيلا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ali حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنسأل الله أن يفرج الكرب، وأن ينفس ما تعسر على البشر تنفيسه، وأن ييسر بقدرته ما كان عسيرا على خلقه، وأن يلهمك طريق الصواب، وأن يرشدك إلى الحق، وأن يأخذ بناصيتك إليه، وأما بخصوص ما تفضلت به، فإنا نحب أن نجيبك من خلال ما يلي:
أولا: نسأل الله أن يرحم والدك، وأن يبارك فيك، وأن يجعلك نعم الخلف، وعزاؤك أن نبيك صلى الله عليه وسلم كان يتيما، ومثلك عشرات بل مئات، بل آلاف فقدوا أهليهم كلهم، فإذا ابتلاك الله بأمر فقد رزقك غيره، ونسأل الله أن يجمعك بوالدك في الجنة.
ثانيا: هناك فارق -أخي الحبيب- بين الحسد والعين، والأثر المترتب على ذلك، فالحسد -كما قال العلامة ابن القيم -رحمه الله-: (بغض نعمة الله على المحسود، وتمني زوالها، فالحاسد عدو النعم، وهذا الشر هو من نفسه وطبعها، ليس هو شيئا اكتسبه من غيرها، بل هو من خبثها وشرها) وهذا يفترق عن العين كما قال العلامة الأمين الشنقيطي: يشترك العين والحسد في الأثر، ويختلفان في الوسيلة والمنطلق، فالحاسد: قد يحسد ما لم يره، ويحسد في الأمر المتوقع قبل وقوعه. ومصدره: تحرق القلب واستكثار النعمة على المحسود، وبتمني زوالها عنه أو عدم حصولها له -وهو غاية في حطة النفس.
أما العائن: فهو لا يعين إلا ما يراه، والموجود بالفعل. والعين حق، فقد روى مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (العين حق، ولو كان شيء سابق القدر سبقته العين، وإذا استغسلتم فاغسلوا)، والعين التي نقصدها هي التي ذكرها ابن حجر بقوله: (نظر باستحسانٍ مَشُوبٍ بِحسد من خبيث الطبع يحصل للمنظور منه ضرر).
ثالثا: لا شك أن هناك أثرا مترتبا على العين لكنه بإذن الله تعالى، ولأجل ذلك أمر بالوقاية من الحسد بأن يذكر العبد ربه، وأن يبرك على ما يراه حسنا.
رابعا: ما مر من وقف والد صاحبك، فلا يدل دلالة واضحة على عين أو حسد، فلا تجلد نفسك كثيرا، فما تمنيت زوال النعمة من صاحبك، ولكنك فقط تذكرت الأمر، وتمنيت أن تعيش تلك اللحظة لا أن تزال من أخيك.
خامسا: اعلم -أخي الحبيب- أن الحسد قد يقع من الإنسان بغير تعمد أو قصد له، وقد يقع هذا من بعض الأخيار، ولذلك ندعوك دوما إلى الدعاء بالبركة لصاحب النعمة بالخير. يقول ابن القيم رحمه الله: وإذا كان العائن يخشى ضرر عينه وإصابتها للمعين فليرفع شرها بقوله: اللهم بارك عليه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لعامر بن ربيعة لما عان سهل بن حنيف: ألا بركت عليه. ومما يدفع إصابة العين قول (ما شاء الله لا قوة إلا بالله) روى هشام بن عروة عن أبيه أنه كان إذا رأى شيئا يعجبه قال: ما شاء الله لا قوة إلا بالله. اهـ.
سادسا: إذا أعجبك أمر فنسيت أن تبرك عليه فتبرك ساعة أن تتذكر، ولكن كما ذكرنا لك عوّد لسانك على التبريك، وذكر الله عز وجل.
وختاما: أنت شاب صالح -أخي الحبيب- ويرجى لك الخير إن شاء الله، فاجتهد في البذل، واعلم أن أكثر العباقرة كانوا أيتاما، وإنا ننتظر أن تبشرنا بحالك، ويسرنا سماعك متفوقا في كل شؤونك، والله المستعان.