ينتابني شعور بكره زوجي بسبب ابتعادي عن أهلي..ما تعليقكم؟
2024-02-17 23:32:11 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
تزوجت وابتعدت عن أهلي هم في الشرق وأنا في الغرب، وتقريبا تستغرق المسافة بيني وبينهم ساعتين بالطائرة، و12 ساعة بالسيارة، أشعر بالقهر لبعد أهلي، وكثيرًا ما أكره زوجي بسبب شعوري بأنه هو السبب في ابتعادي عنهم، فقد أرهقني بعدهم عني، ومنذ 7 سنوات وأنا أحاول التأقلم مع وضعي، ولكني لم أستطع.
توظفت في المدينة التي أسكن فيها مع زوجي، فشهادتي بكالوريوس، بينما زوجي شهادته دبلوم، وهو غير طموح، ولا يملك أي تطلعات حتى في تعليم أبنائنا، فأنا من يتعب ويبحث ليحصلوا على أعلى تعليم ودراسة، أحيانًا أشعر بالقهر، وأقول في نفسي بأني أريد الرجوع لمدينتي، وأشعر أحيانًا بالندم من الزواج، وأقول لو أني انتظرت رجلاً من نفس مدينة أهلي، فأنا أملك الخلق والجمال والمال، وعندما أتواصل مع صديقاتي اللاتي عشت كل حياتي معهن واجتماعاتهن الدورية فإنهن يقلن: لا ينقصنا سوى رؤيتك، فأزداد قهرًا وحزنًا، ولكن ما يكسرني أن زوجي طيب، ويلبي كل طلباتي، ويحترمني ويحترم أهلي، وكريم ماديًا رغم أني موظفة.
أشعر أحيانًا بأن تفكيري سلبي، ولكن كيف أتحمل بعد أهلي وأمي وأبي وإخوتي؟ أبنائي يكبرون ولا يرون أخوالهم إلا قليلاً، بينما أعيش هنا مع أهل زوجي، وألبي كل اجتماعاتهم، وأذهب دائمًا معهم، بينما لا أرى أهلي.
أيضا أخي حبيبي أصيب بتعب نفسي، وهو دائمًا يجلس وحيدًا، كم أتمنى أن أكون بقربه، فعلاقتي به قوية.
كنت قد أرسلت لكم مشكلة سابقة، وأجبتم علي، فأحببت أن أرسل لكم ما يخالج صدري مرة أخرى، لعلي أجد عندكم المشورة لتقويم تفكيري.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رؤى حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجوابًا على استشارتك أقول:
- الزواج رزق مقسوم من الله تعالى، وقد جاءك نصيبك وفق قضاء الله وقدره، ومقدر لك أن تعيشي بعيدة عن أهلك، قال تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، وقال عليه الصلاة والسلام: (قدر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، فعليك أن ترضي بقضاء الله وقدره كي يرضى عليك ربك، واسمعي لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ).
- مفارقة الأهل بعد الزواج سنة ماضية في جميع الناس، والزوجة تعيش مع زوجها في أي مكان يعيش فيه، قال تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ)، ولا يجوز لك بحال من الأحوال أن تبغضي زوجك لكونك تسكنين بعيدة عن أهلك، فزوجك يحبك، ووفي معك، وقد وصفته بأوصاف لو سمعتك امرأة لحسدتك على ذلك، فقد قلت فيه: (طيب وحنون، ويلبي كل طلباتك، ويحترمك ويحترم أهلك، وكريم من الناحية المادية)، وهذه صفات نادرة، فاحمدي الله واشكريه على ذلك، وأزيحي الغشاوة عن بصرك وبصيرتك.
- أنت تذهبين لزيارة أهلك بين الحين والآخر، وهذا كاف، وعندك من وسائل التواصل الشيء الكثير، فيمكنك التحدث مع أهلك ومراسلتهم يوميًا.
أما كونك لم تتأقلمي، فذلك لأنك تعطين لنفسك رسائل سلبية، وهي التي أثرت على عقلك الباطن حتى صار شغلك الشاغل هو القرب من أهلك، والواجب عليك أن تعطي نفسك رسائل إيجابية، فأنت -ولله الحمد- متزوجة، وزوجك طيب، ومستقرة في حياتك معه، وعندك أولاد، فأشغلي نفسك في خدمة زوجك وتربية أولادك، وانظري لما حولك، ستجدين من تعيش بعيدة عن أهلها بأكثر من المسافة التي أنت فيها، ومع هذا فهي سعيدة مع زوجها، وستجدين من هي تعيش بالقرب من أهلها، ولكنها تتمنى الاستقرار والسعادة في حياتها، فهي تعيش في جحيم لا يطاق.
- لا تنظري إلى الفارق العلمي بينك وبين زوجك؛ فذلك لا يؤثر، فهنالك من تزوجت بمن لا يحمل سوى شهادة المتوسطة، ومع هذا تعيش في غاية السعادة، والعكس، فمن الرجال من يحمل شهادة الماجستير، وتزوج بمن تحمل الثانوية، ويعيش معها بسعادة.
- احذري أن يخرب عليك الشيطان حياتك بسبب أمور أنت من يكبرها ويضخمها، فهي أمور عادية وطبيعية، لكنك عاطفية للغاية، فلا تجعلي العاطفة تغلب عقلك.
- أنت الآن مسئولة مسئولية كاملة عن زوجك وأبنائك، وسيسألك الله إن قصرت في ذلك، ولن تسألي عن أخيك أو عن زميلاتك، وفي حال مرض أي شخص من العائلة يكفيك أن تتواصلي معه وتواسيه، وهذا هو الممكن والمتاح، ولن تكلفي فوق ذلك.
- تضرعي إلى ربك بالدعاء وأنت ساجدة، وتحيني أوقات الإجابة أن يقنعك ويرضيك بحياتك مع زوجك، فالقلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء، وقد أمرنا الله بالدعاء ووعدنا بالإجابة قال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).
أسأل الله تعالى أن يسعدك في العيش مع زوجك، إنه سميع مجيب.