كيفية التعامل مع شكوك وتصرفات الوالدة الخاطئة!
2015-11-30 22:11:38 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعد الله صباحكم بكل خير.
لدي مشكلة مع أمي، فهي شخصية شكاكة وتحليلية وضعيفة بالمواجهة، فقد ظلمتني، وسببت بيني وبين أشقائي الكبار مشكلة منذ 7 أشهر، فتدمرت نفسيتي، لأني أثق بالبعيد، وقد ظُلمت من أحن الناس علي (أمي) بل أُصبت بالاكتئاب، ودخلت مشفى الصحة النفسية؛ لكي أُحدث تغييراً إيجابياً بها، ولكن حاولت التمثيل، ولبس قناع جديد، فما مضى على خروجي سوى أسبوعين إلا والوهم عاد من جديد حول من هو سبب دخولك للمشفى.
أسلوبها يعتمد على الملاحظة الدقيقة، والتحليل، وكثير من الوهم، ولا تواجه ابنها، بل تخبر أبناءها الآخرين، وكأن الذي تقوله صحيح 100٪، وأن لا بد من تدخلهم، وعند حدوث المشكلة تبكي، وتقول لماذا أنتم هكذا، وتحاول أن تكون الوسيط للإصلاح، وهي سبب المشكلة بالأساس.
أنا عرفت شخصيتها، فلم أستجب لتحليلاتها عن أشقائي الصغار؛ لأني أعرف أن ما تقوله هو مجرد وهم، كما حصل معي، ولكن المشكلة تكمن فيمن يصدقها، ويعتقد أنها ذكية، وهي ظالمة، في نفس الوقت لا زال هاجس العقوق يدق أجراسه في بالي، عندما أحاورها، أو أكلمها، حتى عندما أكون لوحدي، فأنت تظلم من أمك، وهي ترى بأن كلامك لدفع الظلم عقوق يجعلني مرتاباً من شدة هذا الحال.
لم أنسها من دعائي، وأصبحت أدعو بأن يتوفاني الله قبل أن أفقد أعصابي؛ بسبب الشكوك، وهذا الوهم، وأن أمد يدي عليها، فمجرد التفكير بأني لو ضربتها يضيق صدري، ولكن كلامها الخالي من الصحة يجعلني أفقد أعصابي.
لا أدري هل جدتي ربتها هكذا، أم أنها كانت عاقة بجدتي، أو أنه ابتلاء من الله، فالبيت أصبح ضيقا، وأصبح العمل والدراسة مكانا للترفيه.
ما الحلول الممكنة لهذه الحالة؟ وهل الذهاب لعيادة نفسية مجدٍ؟
أريد الإجابة من الناحية الدينية والاجتماعية والنفسية.
جزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد العزيز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في استشارات إسلام ويب.
طلبك لوجود حلول نفسية وشرعية يدلُّ على جدِّيتك، وأن علاقتك مع والدتك ومشاعرك السلبية نحوها تريد أنت أن تُصلح من هذا الأمر، وهذا أمرٌ جيد، نشكرك عليه كثيرًا.
أيها الفاضل الكريم: أنا على قناعة تامة أن والدتك تُحبك، وأنها تُريد لك الخير، ولا أعتقد أنها تميِّز إخوتك عليك، هذا لا يمكن، لأن حب الأمهات لأبنائهنَّ وبناتهنَّ حُبٌّ غريزيٌّ وفطريٌّ وجِبِلِّيٌّ، لذلك تجد القرآن وصَّى الأبناء بالإحسان إلى الآباء والأمهات، ولم يوصِّ الآباء والأمهات بالإحسان إلى أبنائهم وبناتهم، لماذا؟ لأن حبهم مجبولون به، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار)؟ قالوا: لا. قال: (الله أرحم بعباده من هذه المرأة بولدها).
شعورك بأنها تُفرِّق بينك وبين أخوتك في المعاملة، ربما لأنها أكثر حرصًا عليك أن ترتقي وتتطور بصورة أفضل، وكلامي هذا ليس مبالغاً فيه -أيها الفاضل الكريم- كل أب وكل أم يحرصان أن يكون أبناؤهما من أفضل الناس.
وهذه إشكالية يقع فيها بعض الآباء والأمهات، يدفعون أبناءهم دفعًا شديدًا نحو الإنجاز، نحو التعليم، نحو التميز، وهذا قد ينعكس سلبًا في بعض الأحيان، وبعض الآباء والأمهات ليس لهم الحكمة والكياسة في التعبير عن مشاعرهم نحو أبنائهم وبناتهم.
أريدك أن تُعيد النظر في تحليلك وتفسيرك لمشاعر والدتك نحوك، أنا لا أرى ولا أتفق أبدًا أنها تكرهك، والحلُّ -أيها الفاضل الكريم- أن تحاول وتحاول دائمًا أن تكون أنت صاحب المبادرات الإيجابية حيال والدتك، وعليك أن تُكثر من الاستغفار، وأن تستعيذ بالله تعالى من الشيطان الرجيم، ولا تجعله يدخل بينك وبين والدتك أبدًا، اصبر على ما تتصوره أذىً من جانبها، اصبر على ما تتصوره من انتقاد منها، وأنت حين تبدأ بالمبادرات الإيجابية أنا متأكد وفي فترة قصيرة جدًّا من الزمن سوف تقتنع بمقدرتك وبمهاراتك، وسوف تُشجعك، أو على الأقل لا تنتقدك.
سوِّق نفسك لوالدتك بصورة أفضل، هذا مهمٌّ جدًّا، يعني {ووصينا الإنسان بوالديه ... أنِ اشْكُرْ لي ولوالديك إليَّ المصير * ... وصاحبهما في الدنيا معروفًا واتبع سبيل من أناب إليَّ}.
والدراسة والعمل والاجتهاد هذا كله جيد، حتى وإن كان الأمر بيدك من الاحتكاكات مع والدتك، إلَّا أن والدتك سوف تكون سعيدة جدًّا حين تراك متميِّزًا في دراستك وفي عملك، فاجعل هذا هو منهجك.
وإن كان -أيها الفاضل الكريم- لديك شكوك تراها أكثر ممَّا يجب نحو مقاصد والدتك، إذا كان هذا الارتياب يُطبق عليك فهنا يجب أن تذهب إلى الطبيب، ولا عيب في ذلك أبدًا، أحيانًا تأتينا أفكار ظنانية تكون فيها بعض الحقائق أو شيء من الحقائق، لكنها قد تتضخم وتزداد، ممَّا يجعلنا نتصرف حسب هذه الأفكار المتضخمة، ممَّا يضرُّ كثيرًا بعلاقاتنا مع الآخرين وكذلك مشاعرنا.
فاذهب إلى الطبيب، وما دمت قد دخلت مستشفى الصحة النفسية قبل ذلك؛ فخذ معك التقرير الذي أُعطي لك في المرة السابقة لتعرضه أيضًا على الطبيب.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
انتهت إجابة الدكتور محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
وتليها إجابة الدكتور أحمد الفرجابي مستشار الشؤون الأسرية والتربوية
++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++++
فمرحبا بك ابننا الكريم في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والسؤال، ونسأل الله أن يرزقك بر الوالدة، ويصبرك ويصلح الأحوال، وأن يقدر لك الخير ويحقق الآمال.
إذا لم يصبر الإنسان على أمه فعلى من سيكون الصبر، وإذا تذكر الإنسان لذة الثواب فسوف ينسى ما يجد من الآلام، فاتق الله واصبر وأبشر، وإذا كان نمط شخصية والدتك تحليلياً؛ فأنت بحاجة إلى أن تشرح لها، وتسد كل الثغرات، وتخيرها في اتخاذ القرار؛ حتى لا تجد مجالاً للتفسيرات وللتأويلات، واحرص على أن تتفاهم مع إخوانك، وعليهم أن يحسنوا الاستماع لكلام الوالدة، ولا يستعجلوا اتخاذ القرار، فهي لا تريد ذلك، ولكن تريد من ينصت إليها ثم يعطيها دفعات معنوية.
نحن ننصحك بالتعامل مع الوضع بهدوء، تفاهم مع إخوانك، اطلب منهم التواصل مع موقعكم؛ حتى يستمعوا للتوجيهات، وننصحك بتجنب رفع الصوت عند الوالدة؛ فإن ذلك لا يقبل، وتعوذ بالله من شيطان يجعلك تفكر في الرد عليها، وإذا تملكك الغضب فتعوذ بالله من الشيطان، واذكر الرحمن، وأمسك اللسان، وهدئ الأركان، وتوضأ ثم صل واسجد لله، وأرجو أن تستفيد من توجيهات الدكتور محمد حفظه الله، وسدده.
هذه وصيتنا لك بتقوى الله، ولا نملك إلا أن نقول لك: أمك، ثم أمك، ثم أمك، وأرجو أن يتعامل إخوانك معك كما تتعامل مع إخوتك الصغار، ولن يحدث ذلك إلا إذا اقتربت منهم، ووضحت لهم الحقائق، ونسأل الله أن يؤلف القلوب، ويستر العيوب، ويذهب الغموم والهموم والأحزان والكروب.
وفقكم الله وسددكم، وحفظ لكم الوالدة، وأعانكم على الصبر عليها، وعلى برها.