كيف أثبت على التزام العبادات.. ولا أتأثر بخداع الشيطان ووساوسه؟
2015-11-30 00:02:53 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أولا: كيف أضبط نفسي وأحافظ على صلاتي والدعاء وقراءة كتاب الله والأذكار؟
المشكلة بأنني أحيانا أسمع الموسيقى والأناشيد والأغاني، وأوقات أخرى أسمع كتاب الله والأذكار والصلاة، فهل غرور وخداع ووساوس الشيطان تمنع العبادات والطاعات، ساعدوني؟
ثانيا: هل الاستغفار، وقراءة الأذكار، والدعاء، وقراءة كتاب الله، ودعاء الوالدين وغيرها من أسباب زيادة الرزق وتوسعته والتوفيق والرضا من الله؟ وهي السبب في مسح الذنوب والمعاصي والفتن والآثام؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سائلة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يردَّ عنك كيد شياطين الإنس والجن، وأن يحفظك، وأن يجعلك من عباده الصالحين وأوليائه المقربين.
وبخصوص ما ورد برسالتك -ابنتي الكريمة الفاضلة-، فإن الإنسان منا هو الذي يستطيع أن يُحدد النظام الذي يمشي عليه في حياته، لأن الله تبارك وتعالى أعطانا مساحة كبيرة من الحرية، وترك لنا الخيار في الأفعال، فلم يجبرنا على طاعته وعبادته كسائر المخلوقات، وإنما كما قال الله تبارك وتعالى: {قد أفلح من زكَّاها * وقد خاب من دسَّاها}، فترك الفلاح والفوز، وترك الخسران أيضًا للإنسان، فالإنسان حر في أن يسلك طريق الخير وأن يسلك طريق الشر، ولكن عليه أن يتحمَّل تبعات هذه التصرفات، فإن تصرَّف تصرُّفًا شرعيًا صحيحًا فإنه هو الوحيد الذي سوف يجني ثمار هذه التصرفات الشرعية المنضبطة، وإن تصرف تصرُّفات غير شرعية وفيها معصية الله تعالى ومخالفة لأمره فإنه هو الذي يجني أيضًا آثار هذه المعاصي، ولذلك قال الله تبارك وتعالى: {من عملَ صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها}، وقال تعالى: {إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها} إلى غير ذلك من النصوص.
وممَّا لا شك فيه أيضًا أن ممَّا ذكره أهل العلم أن المعاصي تؤثِّر في الطاعات، فالعبد إذا عصى الله تبارك وتعالى نُكتتْ في قلبه نُكتة سوداء، فإن عصى الله مرة أخرى نُكتتْ في قلبه نُكتة سواء، حتى يُغلق قلبه تمامًا -والعياذ بالله- فإذا ما أراد الطاعة وجد أن فيها ثقلا، وأنه غير مستريح لها، ولا ينشرح صدره بها، ولذلك يبدأ في التكاسل تدريجيًا حتى -والعياذ بالله- قد يتوقف عن الطاعات الأساسية والعبادات الضرورية.
ومن هنا فإن أوَّل أمرٍ ينبغي علينا أن نفعله إنما هو الانكفاف عن المعاصي، والبُعد عن السيئات والآثام، بصرف النظر عن كونها من الصغائر أو من الكبائر، وبذلك يكون القلب صافيًا ونقيًّا، وكلما أكرمك الله تبارك وتعالى بطاعة كلما زادتْ القلب قوة، وزادتْ القلب يقينًا، وزادتْ الإيمان في القلب، وأصبحت أقدر على الطاعة، فإن الطاعة تؤدِّي إلى طاعة مثلها، أما المعصية –والعياذ بالله– فإنها كذلك تؤدِّي إلى معصية مثلها.
بهذه الطريقة تستطيعين التخلص من هذه الآثار التي تتكلمين عنها؛ ولذلك أول شيءٍ أنصحك به إنما هو ترك هذه المعاصي التي ذكرتِ أنها من غرور الشيطان والنفس الأمَّارة بالسوء، حتى تكون لديك الفرصة في أن تحافظي على الطاعة، وأن تتلذذي وتستمتعي بطاعة الله تعالى.
ثم ابدئي بعد ذلك بالأهم فالمهم، وأهم شيء في العبادات إنما هو: الصلوات في أوقاتها، الصلاة على وقتها، تحافظي على الصلوات في أوقاتها، وهذا أهم شيء، لأن الله تبارك وتعالى لأهمية الصلاة سمَّى الصلاة إيمانا، رغم أن الأعمال الأخرى تُسمَّى (أعمال الإيمان)، أما الصلاة فهي عين الإيمان، فقال الله تبارك وتعالى: {وما كان الله ليُضيع إيمانكم}، ومن هنا فحافظي على الصلوات، وحافظي على الطهارة بدقة، ثم حافظي على أذكار ما بعد الصلوات، حافظي على أذكار الصباح والمساء بانتظام، اجعلي لك وردًا من القرآن الكريم يوميًا، أكثري من الاستغفار، أكثري من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- أكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، اجتهدي في البحث عن صحبة صالحة تُذكِّرك بالله تبارك وتعالى وتُعينك على طاعته، وبإذن الله تعالى ستكون أحوالك في أحسن حال، سوف تتَّسع أرزاقك، وسوف يُيَسِّر الله تبارك وتعالى أمرك، وسوف يقضي الله تبارك وتعالى حاجاتك كلها، وسوف تشعرين بالفرحة وبالسعادة وبالأمن وبالأمان، لا أستطيع أن أصف لك مثل هذه الأمور.
كذلك بر الوالدين، ودعاء الوالدين، كل هذه أمور -بإذن الله تعالى- تؤدِّي إلى السعادة وانشراح الصدر، وتُؤدِّي أيضًا إلى سعة الأرزاق، وتؤدي إلى فتح أبواب الخير، وتؤدي إلى السكينة والأمن والأمان والاستقرار، وأسأل الله أن يرزقنا ذلك عاجلاً غير آجل، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.