بسبب الهرع فقدت استمتاعي بالحياة، فما علاج حالتي؟

2015-12-07 23:19:40 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرا لكم على جهودكم.

عمري 29 سنة، متزوجة منذ شهرين، أعاني من الهلع أو الهرع -كما شخص لي-، ابتدأت قصتي منذ خمس سنوات، عندما كنت أتمشى مع صديقاتي، أحسست بدوخة مفاجئة، وخفقان بالقلب، واسوداد في الرؤية، ومن ثم فقدت الوعي لدقائق، وتكررت معي هذه الحادثة بعد أسبوع تقريبا، وأيضا فقدت الوعي في مكان عام.

ذهبت لعدة أطباء في جميع الاختصاصات، وأيضا قمت بإجراء تحاليل شاملة، والحمد لله لم أكن أعاني من أي سبب عضوي، ولكن لازمتني الدوخة، والتنميل بالأطراف، والخفقان في القلب، والشعور بالإغماء لفترة طويلة، فنصحوني أن أذهب إلى طبيب نفسي بما أنني لا أشكو من أي سبب عضوي، وشخص مرضي بالهلع، ووصف لي (سيروكسات) مع (كلونازبام)، وقد تحسنت جدا بفضل الله تعالى على هذه الأدوية، وعدت لممارسة حياتي الطبيعية، واستمررت بأخذ هذه الأدوية لمدة ثلاث سنوات.

أنا من سكان سوريا، وقد أثرت الحرب على نفسيتي كثيرا، لهذا أهملت نفسي، واستمررت بأخذ الأدوية دون الرجوع مجددا إلى الطبيب، نظرا للظروف المحيطة بي في ذاك الوقت، وجئت إلى مصر منذ ثلاث سنوات تقريبا، وقررت الذهاب إلى طبيب نفسي حتى أتابع حالتي، وقال لي إن دواء كلونازبام هو من الأدوية المهدئة التي تسبب الإدمان، وكنت لا أعرف هذا طبعا، وأستبدله بدواء سيبراليكس، مع دواء داعم له وهو زيبريكسا.

في بداية الأمر عانيت قليلا، لكني بعد بفترة تحسنت عليه، وبعد ذلك راجعت دكتوري، ووصف لي ديبرام؛ لأنه أخف من الأدوية السابقة، لكن لم يأت بأي مفعول، وازدادت حالتي سوءا، وهاجمتني نوبات الهلع باستمرار، وخاصة وقت النوم، فاتصلت بدكتوري، وقد فوجئت أنه خارج البلاد، فتصرفت من نفسي وأخذت دواء سيبراليكس، وأنا مستمرة عليه منذ ستة أشهر تقريبا، ولكني لا أعرف طعم الراحة، ولا الاستمتاع بوقتي، على الرغم من أن الله رزقني بزوج صالح قد هيأ لي كل أسباب الراحة والاستقرار النفسي، لكني لا أشعر بأنني سعيدة وأعيش حياتي طبيعية مثل كل الناس.

دائما ما أعاني من توتر، وضيق بالتنفس، ووجع بالرأس، وعدم الراحة، خصوصاً عندما أخرج من المنزل، أو أكون جالسة مع الأصحاب، وعلى الرغم من أن صلتي بالله قوية، ولكن أتمنى أن أرتاح وأستمتع بحياتي.

شكرا جزيلا لك على حسن استماعك وتقبل مروري.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ زهرة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

الأخت الكريمة: الحمدُ لله الذي خلَّصك من الـ (كلونازبام Clonazepam)، لأنني أتفق مع أخِي الطبيب الذي ذكر أن هذا الدواء مُهدئ ويُسبب الإدمان، وأنت استمررت عليه لفترة طويلة ثلاث سنوات، والحمد لله تعالى أنك الآن تخلصت وتوقفت عنه، لأنه في بعض الأحيان الذي يستمر عليه لهذه الفترة قد يحتاج إلى تدخُّلٍ طبي واضح، وإعطاء أدوية بديلة بالتدريج، حتى يتمَّ التخلص من آثار هذا الدواء.

طبعًا –أختِي الكريمة– أشعر بالمعاناة التي تعيشينها، وظروف الحرب التي دفعتك للجوء إلى وطنٍ ثان، وتركك لديارك وأهلك، هذه كلها أشياء نفسية ضاغطة وتُسبب الكثير من الضغوطات النفسية والأعراض النفسية.

الـ (سبرالكس Cipralex) دواء فعّال للقلق والهلع، ولا أدري ما هي الجرعة التي تستعملينها الآن، فإذا كنت تستعملين عشرة مليجرامات فيمكن زيادتها إلى عشرين مليجرامًا مثلاً، لأنه في بعض الأحيان بعض الناس لا يستجيبون إلَّا لجرعة عشرين مليجرامًا، هذا من ناحية.

من ناحية أخرى: أرى –نسبة للأشياء التي ذكرتها، وللظروف التي تعيشينها– أنك تحتاجين إلى دعم نفسي، ويُفضّل –إذا كان في الإمكان– الاتصال بمعالج نفسي لعمل جلسات نفسية مستمرة ومبرمجة، فهذا يكون أفضل، لكي يُساعدك في الاسترخاء والتخلص أو التغلب على معظم هذه الأعراض -أعراض القلق والتوتر، وعدم الشعور بالراحة كما ذكرتِ عند الخروج أو الاتصال بالآخرين-، فهذا شيء غير طبيعي، وبالاسترخاء، وبالجلسات النفسية، وبالتدرُّج، وبإعطاء تدريبات سلوكية ومهارات معينة يمكنك التغلب عليها.

وإذا تعذّر ذلك، فإنني أنصحك بأن تُجربي بنفسك أن لا تتركي الخروج، اخرجي بانتظام، حتى ولو كنت تحسِّين بالضيق، وبعد فترة -إن شاء الله تعالى- هذا الضيق سوف يبدأ في الانخفاض تدريجيًا.

ثانيًا: لا تنسي أن تستعيني بالصلاة، والانتظام في الصلاة، وفي قراءة القرآن والذكر والدعاء، فهذه الأشياء تدعو إلى الطمأنينة والراحة النفسية والسكينة وراحة البال، وقد قال الله تعالى: {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم} وقال: {الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وقال: {واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون}، فهذه أشياء مهمة في الحياة، وتُساعد الإنسان في التغلب على كل هموم الحياة وصعوباتها ومشاكلها.

أيضاً عليك بتفويض الأمر لله تعالى، واللجوء إليه، وشكره، وطلب العون منه، والدعاء باستمرار بما ورد في السنة المطهرة كقوله -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن، وأعوذ بك من العجز والكسل، وأعوذ بك من الجبن والبخل، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال) وكدعائه -صلى الله عليه وسلم-: (اللهم إني عبدك «أمتك» ابن عبدك «بنت عبدك» ابن أمتك «بنت أمتك» ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حُكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك سمَّيتْ به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي)، وغيرها من الأدعية المأثورة التي تفرِّج الهم وتكشف الضر بإذن اللهِ تعالى، وكقوله تعالى: {لا إله إلَّا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين}.

هذه الأمور تساعد كثيرًا، مع تناول الأدوية والعلاج النفسي.

وفَّقك الله وسدَّد خُطاك.

www.islamweb.net