أصبت بفتور وخوف بعد أن كنت مجتهدة ومتفوقة دراسيًا، فكيف أعود كما كنت؟
2015-12-23 05:13:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في العام الماضي كنت في الثانوية العامة، وكنت متحمسة جدا لهذه السنة المهمة، ولذلك بدأت في حضور دروس الصف الثالث الثانوي، منذ أن كنت في الصف الثاني الثانوي؛ لآخذ فكرة عن المواد والمنهج المقرر، ولم آخذ إجازة بعد الصف الثاني الثانوي، وبدأت في دروس الصف الثالث، لأتمكن من الانتهاء من المنهج المقرر، وأتمكن من قضاء أكبر فترة ممكنة في المراجعة، وبالفعل تمكنت من الانتهاء من المنهج كاملا في شهر 11، علما بأن امتحاناتي في شهر 6.
وكنت أعيش في شقة مع صديقتي بمفردنا؛ لكي نكون أقرب لأماكن دراستنا، وكنت أرى أهلي مرة في الأسبوع، فتركت تلك الشقة وذهبت للعيش عند أهلي في بدايه شهر 3، ومن حينها لم أخرج لأي درس، لم يكن هناك سبب سوى أنني بدأت أشعر بالخوف من النزول إلى الشارع، ومواجهة الناس، واستمرت هذه الحالة حتى موعد الاختبارات، فجأة قررت عدم الاختبار؛ لأنني لم أستطع الخروج، فتفاجأ أهلي بالقرار، لكني لم أندم، وظننت أنني سأتحسن مع بداية السنة الجديدة، لكن الأمور ساءت أكثر.
أريد أن أتصرف بثقة، وأسعى لتحقيق آمالي، لكنني أصبحت أتكاسل عن كل شيء، حتى الأمور الحياتية البسيطة، علما أن معظم المدرسين يشهدون لي بالذكاء الشديد، وكنت من الأوائل المتميزين، أما الآن فإنني أشعر بالإحباط، وأعاني أحيانا من وسواس الموت والفشل، وإلى الآن لم أذاكر شيئا، علما أنني تعرضت للتحرش مسبقا من مدرس في السنة المشئومة ذاتها، أرجو أن تنصحوني بحل أو دواء يساعدني في تخطي هذه المرحلة؛ لأنقذ ما تبقي من أحلامي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ghada حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في استشارات إسلام ويب.
أيتها الفاضلة الكريمة: من المعروف أن الحماس الشديد والدفع الشديد نحو التحصيل الدراسي، قد تعقبه فتراتٍ من الاضمحلال والإجهاد النفسي، وضعف الرغبة في الدراسة، هذا أمرٌ معروفٌ جدًّا، وهذا نشاهده لدى الكثير من الطُّلاب والطالبات من المتفوقين والمتميزين والنجباء.
أنت -جزاك الله خيرًا- حاولت أن تُحضِّري للثانوية العامة بشكلٍ مكثَّفٍ جدًّا وتسبقي الأمور نسبيًا، وتُحضِّري للسنة النهائية منذ وقتٍ مبكر، وهذا قطعًا أخذ الكثير من جُهدك، جهدك النفسي وجهدك الجسدي وجهدك الوجداني، وأعتقد أن الإجهاد والإرهاق بدأ يستشري في ذاتك دون أن تحسي بذلك، لذا حين انتقلت للعيش مع أهلك – وهذه أيضًا نقلة مهمة جدًّا – قطعًا كانت هناك مؤازرة من صديقتك، كان هناك نوع من الزمالة التي تُشجعك وتزيد من حماستك الأكاديمية، لا أقول أن الأهل قد قصَّروا، لكن قطعًا المُحيط الأسري قد لا يكون مُشجعًا كثيرًا على الأمور الأكاديمية، هذا يحدث كثيرًا في مجتمعاتنا.
عمومًا أختصر لك الأمر وأقول لك أن الذي حدث لك يحدث لبعض الناس، حماسة شديدة، اندفاع، يقظة ذهنية كبيرة جدًّا يعقبها هبوط، هبوط في كل شيء، وهذا الذي حدث لك.
الآن أريدك أن تجلسي جلسة نفسية عميقة مع نفسك، وتُقيمي كل الذي حدث، وتقييمك يجب أن يكون على أسس:
الأساس الأول: الحمدُ لله تعالى أنت صاحبة مقدرات، وأنت ذكية، وأنت متطلعة، إذًا جوهر مقدراتك موجود، والذي حدث لك هو تقلُّبٍ ظرفيٍ أدَّى إلى عدم القدرة على التكيُّف، ونتج عنه ما نتج، وهذا أمرٌ عابرٌ -إن شاء الله تعالى-.
تبدئين الآن وتُخططين للسنة القادمة، ليس باندفاعٍ شديدٍ، إنما بحسن تدبير، وحُسن التدبير أول ما فيه حُسن إدارة الوقت: النوم الليلي المبكر حتى لا تحسِّين بالإجهاد، الدراسة مع الصباح بعد صلاة الفجر لمدة ساعة إلى ساعتين قبل أن تذهبي إلى المدرسة، هذا الوقت يُعادل ثلاث إلى أربع مرات غيره من الأوقات، وممارسة شيء من الرياضة، الترفيه عن النفس بما هو طيب وجميل، الصلاة في وقتها، المشاركات الأسرية، المراجعات الدراسية الأسبوعية مع زميلاتك، وهكذا، تدخلين بهذه الطريقة وبهذه الكيفية وبهذه الحماسة المنضبطة، هذا -إن شاء الله تعالى- يزيل عنك هذا الذي أنت فيه، وعليك بالدعاء.
قطعًا موضوع التحرش أمر مؤسف جدًّا، وأتمنى أن تتخطي هذه المرحلة بشجاعتك وبكياستك وبصبرك، وأسألِ الله تعالى أن يحفظك. لا أراك في حاجة لعلاج دوائي أبدًا.
باركَ الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.