زميل في العمل يشك في الإسلام وفي المشايخ، فكيف أقنعه؟
2016-01-07 01:40:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أحتاج حقيقة إلى مشورتكم في أمر خطير، زميل لي في العمل يتحدث معي بأسلوب المتشكك في كل شيء في الإسلام، وفي الصلاة، وفي الحجاب، يقول: أن النقاب عادة يهودية، لا يؤمن بصلاة الاستخارة، ويقول: بأنه ليس متأكداً من أن الإسلام هو الدين الصحيح، وأنه من الممكن أن تكون المسيحية أو أي دين آخر هو الدين الصحيح، حاولت إقناعه بأن يشاهد أية مناظرة لأي شخص يختاره، نصحته بأنه يحتاج إلى العلم، وبأنه يحتاج إلى القراءة في تفسير القرآن الكريم، وفي سيرة الرسول -صلى الله عليه وسلم- ليحصل على إجابات لكل أسئلته، ولكن بلا جدوى.
آخر مرة سألته إن كان صلى فأجاب بالنفي، طلبت منه أن يقوم ليصلي فسألني إن كانت الصلاة وحدها سببا في كشف الغموم، ثم قال لي بعدها أنه لا يريد ذلك، وأنه لا يستطيع القيام بشيء، هو غير مقتنع به تماماً، يتكلم عن الحجاب بطريقة المتشكك، وبأن كشف الشعر لن يغير كثيراً في مظهر الفتاة، وأن ذلك الحجاب ربما ليس بشيء مقنع، وهو لا يريد فعل أي فرض من فروض الله -سبحانه وتعالى- إلا بعد اقتناعه بالحكمة من وجود ذلك الفرض، فإن اقتنع فعل ذلك، وإن لم يقتنع فلن يفعل.
يرفض حتى القراءة أو الاستماع لأي مشايخ، يقول أنه فقد الثقة في المشايخ، وفي العلماء، وأنه كان ملتحيا، وكان يواظب على الصلاة، ولكنه اقتنع بأنه كان يضيع وقته، أو شيء من هذا القبيل. يعلم الله -سبحانه وتعالى- أنني لا أبالغ في كلمة مما قلت، وإذا أمكن أي أحد التحدث معه فسوف يتعجب من أسلوب تفكيره، أريد استشارتكم، كيف يمكنني مساعدته؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحبًا بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يزيدك صلاحًا وهدىً واستقامةً وقُربًا منه جلَّ جلاله، وتنفيذًا لأوامر وأوامر نبيه عليه صلوات ربي وسلامه، كما نسأله تبارك وتعالى أن يحفظك من الضلال والزيغ بعد الإيمان، وأن يهدي زميلك هذا، وأن يشرح صدره للحق، وأن يردُّه إلى الإسلام مردًّا جميلاً.
وبخصوص ما ورد برسالتك -أختي الكريمة الفاضلة نورة – أُحِبُّ أن أبيِّن لك أولاً بأن قضية الكلام الطويل مع زميل العمل بهذه الكيفية فيه نظر شرعي، حتى وإن كان لدعوته للالتزام أو إلى الحق، لأن التوسُّع في الكلام مع الرجال عليه محاذير شرعية كبيرة، لأنه مع كثرة هذا الأمر قد تميل النفس البشرية إلى هذا الزميل، وقد تقِلُّ مصداقية الإنسان في علاقته بأهله وعلاقته بزوجه – إذا كانت امرأة متزوجة – فإن معظم الانفتاح في مجالات العمل يأتي على حساب العلاقة التي تربط الرجل بامرأته، سواء كان الذي يفعل ذلك رجلاً أو امرأة، ليس الأمر خاصًا بالنساء، وإنما حتى الرجال، فالرجل الذي يتوسَّعُ في الكلام مع زميلات العمل عادةً ما نشعر بأن غيرته تقل على أهله، لأنه يفعل ذلك بنفسه، كذلك أيضًا لا يرى غضاضة في أن امرأته تتكلم مع الرجال، وأيضًا قد يستبيح ما حرَّم الله تعالى في عملية الاشتهاء والشهوة، والتمنِّي أن تكون فلانة هذه فيها وفيها، وغير ذلك.
فأنا أتمنى أن نضيق حدود هذا التعامل، حتى وإن كان في الدعوة إلى الله -تبارك وتعالى-، وتقولين هذه ظروف العمل، ولكن هذه قضايا خارج العمل يقينًا، فأنا أرى ألا تشغلي بالك بهذه الجزئية، وأن تُقللي من التواصل مع هذا الشخص أو غيره، حتى تحتفظي لنفسك بالصفاء والنقاء الذي ينبغي عليك أن تكوني عليه كمسلمة عفيفة فاضلة تُحِبّين الله ورسوله.
ثانيًا فيما يتعلق بهذا الأخ: أنا أنصحك بعدم الكلام معه مطلقًا، وعدم فتح أي حوار معه، لأن هذه الفتن قد تنتقل إليك وأنت لا تدرين، وصدِّقيني لو أن الأمر استمر بينكم على هذا الأمر قد لا يسلم الأمر من تأثرك بهذه الأفكار السلبية، وبذلك تُضيعين نفسك، فأنا أنصح أن تُغلقي الباب نهائيًا مع هذا الشاب، وألا تتكلمي معه مطلقًا، ولكن – كما ذكرتِ أنت – بمقدوره أن يدخل المناظرات، وأن يراجع الكتب، وأن يقرأ تفسير القرآن، وأن يقرأ شرح السنة، وأن يُراجع العلماء، وغير ذلك، أما أنت لا تشغلي بالك بذلك مخافة أن هذا المرض ينتقل إليك، لأنه الآن في موقف المنكر لهذه الأشياء، وأنت الآن في موقف المدافع عنها، لعله من تكرار الكلام قد يصل إنكاره إلى قلبك أيضًا، خاصة وأنه قد يكون علمك الشرعي ليس بالقدر الكافي، فتقع شُبهة في نفسك تُفسد عليك دينك ودنياك، وقد تخرجي من الدنيا على غير الإسلام - والعياذ بالله - كحال هذا الشاب.
ولذلك أنا أرى - بارك الله فيك – أن تُغلقي هذا الملف تمامًا، وأن تقولي له: (أخِي الكريم: ممَّا لا شك فيه أنك على خطأ مائة بالمائة، وأن هذه الأفكار التي في رأسك أفكار كُفرية، ويُخشى عليك أن تموت على غير الإسلام والعياذ بالله، وينبغي عليك أن تُراجع العلماء وأهل العلم، وأن تحاول أن تبحث، لأن هناك وسائل للبحث الآن عن طريق الإنترنت وغيرها سهلة ميسورة، أما هذه الأفكار فهي أفكار لا أُقِرُّك عليها، واسمح لي ألا نتكلم في هذا الموضوع مرة أخرى بعد ذلك).
هذا الذي أريده لك، أما هذا الأخ فهو يستطيع – كما ذكرتُ لك – أن يبحث، أما كيف يمكنك مساعدته؟ مساعدته في السكوت عنه، ساعدي نفسك أنت أولاً، لماذا؟ لأنه – كما ذكرتُ لك – واللهِ لا تأمني على نفسك من أن تنتقل إليك هذه الشبهات، فأغلقي الأمر تمامًا، ولا تتكلمي معه في هذا الموضوع ولا غيره، وعندما يقول: لماذا لم تعودي تتكلمي؟ فقولي: لأن هذه أمراض وأنت رجل أفكارك ليست أفكار شرعية، وأنا لستُ على استعدادٍ أن أبيع ديني بسببك، أو أُحرم الجنة بسببك، أو بسبب غيرك، هذه قضيتُك أنت ابحث عنها، وستجد لها حلًّا، لأن كل الكلام الذي ذكرته كلام باطل، ولا أساس له من الصحة، وعندك علماء الإسلام تستطيع أن تُناظرهم وأن تُراجعهم، وكونك انتكستَ بعد أن كنت على الالتزام معناه – والعياذ بالله – أن الشيطان قد لعب بك وضحك عليك.
إذًا ابتعدي عنه تمامًا، ولا تتكلمي معه، وهذه أفضل طريقة لمساعدته، السكوت عنه، ولمساعدة نفسك أنت أيضًا، حتى لا تنتقل إليك تلك الأفكار المرضية.
هذا وبالله التوفيق.