صعوبة التكييف مع وجود أطفال ذوي احتياجات خاصة يؤرقني، فما توجيهكم؟
2016-09-19 06:34:29 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا عمري 39 سنة وزوجتي بنفس العمر، تزوجت من زوجتي وعمري 31 سنة، أنا جامعي وزوجتي جامعية.
أنجبت ابني البكر بعد سنتين ونصف من زواجنا، تم تشخيص ابني عندما كان بعمر سنتين ونصف أن عنده تأخر في التطور، واضطراب في التواصل واللغة، بالإضافة إلى مشاكل سلوكية.
وأدخلته بعدها إلى جمعية تعالج الأطفال، بالإضافة إلى علاجات خارجية إضافية كل أسبوع (علاج نطق ووظيفي)، بعد ثلاث سنوات من العلاج قمت بتسجيله بمدرسة إطار عادي مع أطفال طبيعيين وليس جمعية علاجية، بقي طفلي يواجه مشاكل عديدة من ناحية التواصل مع زملائه بالصف ومع المعلمة ومشاكل في التركيز.
بعد عامين من ولادة ابني البكر أنجبت زوجتي طفلة، وكانت طبيعية جدا على عكس ابني، وفرحنا بها كثيرا؛ لأنها تتواصل معنا وتتكلم، ولكن للأسف لم تكتمل فرحتنا، بعد عام ونصف انقلب وضعها 180 درجة، انقطع كلامها وتواصلها، وأصبحت تضحك وتبكي بدون سبب، وتسرح لفترات طويلة بدون استجابة، وعند تشخيصها قال لنا المختصون أنها مصابة بالتوحد، وقد قمت بإدخالها جمعية لعلاج الأطفال، وهي الآن ما زالت تتعالج في هذه الجمعية.
مشكلتي كالآتي: زوجتي مغتربة في بلادي ولا يوجد أحد من أقاربها لتعبر له عن حزنها أو فرحها، وهي بحالة نفسية سيئة جدا لا توصف بسبب غربتها ومشاكل أطفالها؛ لأننا لا نجد تقدما ملحوظا بالنسبة للأطفال، إضافة إلى التعب النفسي الناجم عن التعامل مع الأشخاص الذين يتعاملون مع أطفالنا في الجمعيات أو المدارس، حيث إنه يجب علينا أن نشرح لهم مشكلة أطفالنا بشكل دائم لكي يستطيعوا التعامل معهم، وبالرغم من ذلك قلّ ما تجد أشخاصا متفهمين لحالة الأطفال أو جديين في التعامل معهم، بالإضافة لتعرض الأطفال في بعض الأحيان إلى إساءات أو عودتهم للبيت مع آثار كدمات أو جروح دون معرفة السبب؛ لأن الأطفال لا يستطيعون التعبير والتواصل، فيستغل طاقم الجمعية أو الأشخاص الذين يتعاملون معهم بشكل عام هذه المشكلة لتغطية الحدث والتكتم عن الأسباب الحقيقية.
بالإضافة إلى عدم استطاعتنا الخروج لوحدنا من البيت ولو لفترة صغيرة بدون الأولاد؛ لأنه لا يوجد شخص يقبل الاعتناء بهم، وإذا خرجنا معهم يكون المشوار ضغط نفسي لي ولزوجتي بشكل كبير بسبب فرط الحركة عند أطفالي، وبعض الأحيان تقوم ابنتي بالصراخ لفترة طويلة مع إيذاء نفسها أمام الناس، كما أن بعض النساء يسألون زوجتي عن عمر ابنتي وسبب عدم الكلام أو الاستجابة إلى غير ذلك من الأمور، كما أن الوضع الأمني للدولة التي أعيش فيها لا يسمح بالخروج لكثير من الأماكن.
ووضعي المادي ليس جيدا؛ لأنني مستأجر شقة ووالداي كبيران في السن ويقطنون معي بنفس الشقة، وعندي ديون للأقارب بسبب العلاجات والتزامات الحياة المرهقة، حتى عملية المعاشرة الزوجية قلّ ما نقوم بها أو يتوفر الجو المناسب لها؛ بسبب أن الأطفال نومهم قليل جدا ومضطرب بشكل يومي، مع أنهم لا ينامون طوال النهار مطلقا، علما أن زوجتي لا تعمل ومتفرغة تماما من أجل الأطفال، وأنا أعمل طوال النهار وبعد الانتهاء من عملي أساعدها في تربية الأطفال ومتابعة علاجاتهم، وأعمل كل جهدي لأخفف عنها وأقدم لها كل ما تطلبه.
وقد عرضت زوجتي على استشاري نفسي، وشخص حالتها على أنها اكتئاب بسبب الضغوطات التي تمر بها، وقال لي: أنها ليست بحاجة إلى أدوية، وقام بعمل جلسات تفريغ لها، وكانت تبكي في وقت الجلسة، ولكن بعد انتهاء الجلسة ببضع ساعات تعود نفسيتها كما كانت بدون فائدة.
كل هذه الأسباب التي سبق ذكرها أدت بحياتي أنا وزوجتي، وخصوصا زوجتي إلى أن تتحول إلى حياة كئيبة ومدمرة ويائسة.
كل ما أتمناه هو أن أجد حلا لمشكلتي هذه، أو أن تقترحوا عليّ ماذا يجب أن أفعل، وخصوصا بالنسبة لزوجتي، وأتمنى من الله أن لا يبتليكم بما ابتليت فيه، وبارك الله فيكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل /nadim حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بما في نفسك وحياتكم من هذه المعاناة، أعانكم الله وصبركم وخفف عنكم.
يبدو أننا يمكن أن نضع هذا التحدي الذي تعيشونه تحت عدة عناوين، سأذكرها هنا مع بعض الشرح المختصر:
1-صعوبة التكيف مع حقيقة أن لديكم طفل وطفلة لديهم احتياجات خاصة:
لا شك أن وجود طفلين باحتياجات خاصة، سواء كان التوحد أو غيره، لا شك أنه أمر صعب، ويضع عادة الكثير من الضغط على الأسرة، وخاصة الوالدين، ولم تذكر لنا إن كان هناك قرابة بينك وبين زوجتك مما يفسر وجود طفلين في أسرة واحدة. وهنا ربما يفيد الاستعانة ببعض الأمور التي تساعدكم، ومنها مثلا التواصل مع أناس آخرين في مدينتكم ممن عند أولادهم بعض صعوبات النمو والتطور، وفي بعض البلاد توجد جمعيات خيرية أو تعاونية لتقديم الدعم لمثل هذه الأسر، وإذا لا يوجد في مدينتكم مثل هذه الجمعيات، فربما يفيد أن تتواصلوا مع غيركم وتفكروا في فعل هذا.
والأمر الثاني: فهمت أن والداك يعيشان معكم، فلماذا لا تستفيدوا منهما، على الأقل مرة في الأسبوع ليقوما برعاية الطفلين، وأن تخرج مع زوجتك خارج البيت لتغيير الجو، وخاصة أنها لا تعمل، ولا بد للزوجة من أن تكون لديها بعض الهوايات أو الأنشطة الخاصة بها، وإلا فهو "الحبس" في البيت وضغط هذا الجو.
2-الجهود التي تبذلونها لتوفير المكان التعليمي المناسب للطفلين، وضعف الخدمات.
نعم، للأسف الشديد فالخدمات التي من المفروض أن تقدم لأطفالنا ممن لديه احتياجات خاصة لم تتقدم التقدم الكافي في كثير من بلادنا العربية، ولا بد في هذا الجو من استمرار البحث عن المكان الأفضل، على صعوبته.
3-حماية الطفلين من الأذى وسوء المعاملة، وتأمين سلامتهما:
نعم، هذا أمر يقلق الآباء والأمهات كثيرا، ولا بد من الانتباه والحذر ومتابعة الأمر عن قرب، لتأمين سلامة الأطفال من أي اعتداء أو حتى تحرش، فمن المعروف أن الأطفال الذين عندهم احتياجات خاصة هم أكثر عرضة من غيرهم لمثل هذه الأعمال، مع الأسف الشديد.
4-صعوبة حياتكما الزوجية في هذه الظروف:
أعتقد بأنه إذا حاولتم ما ذكرته لكم في الفقرة الأولى من رعاية أنفسكم نفسيا، فستكون هناك فرصة أفضل للعلاقة القوية بينكما من المحبة والرعاية، فزوجتك تحتاج لك وأنت تحتاج لها.
5-الصحة النفسية للزوجة، عافاها الله:
لعلي أوافق الطبيب النفسي بأن الزوجة تحتاج للتفريغ العاطفي أكثر من العلاج الدوائي، وربما التشخيص الأدق في حالتها هي حالة من صعوبة التكيّف مع كل هذه الظروف.
أرجو أن يكون في كلامي هذا بعض الموجّهات لكيفية التعامل مع هذا الوضع الحرج الذي أنتم فيه، أعانكم الله، وأثابكم على هذا الجهاد الذي تقومون به.