أمتلك كل مقومات السعادة ولكني أعيش في حزن وانطوائية

2016-08-09 01:49:52 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا طالب عمري 18 سنة, مررت بمشاكل نفسية عديدة لمدة تقارب السنتين, وأغلب مشاكلي تعود لظروف الحرب التي يمر بها العراق, خلال اطلاعي على الإنترنت (بما يشمل ما كتب في موقعكم) عرفت أنني مصاب باضطراب ثنائي القطب, عندها ذهبت إلى الطبيب النفسي، وحكيت له ما الذي يجري معي، ووصف لي دواء السبرالكس، ودواء آخر لا أذكر اسمه.

صحيح أن هذه الأدوية أثرت على دراستي بشكل أو بآخر, إلا أنني تجاوزت مدة الامتحانات, بعدها علم أهلي أنني أتناول هذه الأدوية دون علمهم, فمنعوني منها (علما بأن أمي، وأخي، وأخي الآخر أطباء) معللين أنني يجب أن أصارع الحياة, وأن لا أنسى نعم الله، مضيفين إلى ذلك أن لهذه الأدوية أعراضا جانبية تجعلني لا أشعر بالمسؤولية، هم على حق، وأنا لا أنكر ذلك؛ لأن أمي لديها خبرة 26 سنة في الطب, ولكن بعدما تركت الدواء, بدأت أشعر بمشاعر غريبة, ليس عندي رغبة في الحياة, لم أعد أعط لأهدافي بالاً, لا أشعر بسعادة أو حزن مع أن لدي كل مقومات السعادة, أشعر بأن كل شيء في الدنيا معاد, أشعر بالندم بعد كل قرار أتخذه, أرى كل من حولي سخيفين.

أنا إنسان ذكي ومثقف، وأشعر أن الله سيحاسبني ذات يوم على الأيام التي تمضي دون أن أحقق بها شيئا, وأحس أن الله سيحاسبني على كل هذه النعم التي حولي، ولكن لا أستمتع بها, أنا أعتزل الناس ولا أحب المخالطة, فبعض الناس ما إن تثق به سرعان ما يخذلك.

أتمنى أن تساعدوني بدون وصف دواء طبي, أريد حلا حتى لو تطلب مني ذلك انتظار أشهر.

ومن الله التوفيق.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ذو الفقار حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.

أخي: كان من الأجدر أن تذهب الفاضلة والدتك - وهي طبيبة - معك إلى أحد الأطباء النفسيين، أعتقد أن هذا هو الأفضل حتى الآن أنا أعتقد ذلك، فإن كان بالإمكان أن تذهب معك والدتك لطبيب نفسي متميز - وأعرفُ أن العراق فيها أطباء متميزون بالرغم من الظروف التي تمر بها العراق- فهذا سوف يكون أمرًا جيدًا.

لا تُنهى عن الدواء دون أن تكون لك بدائل، أنا لا أقول أن الدواء هو أهم شيء، لكن الدواء إذا أُخذ برشدٍ مع تطبيق الآليات العلاجية الأخرى فهذا أمرٌ جيد، وأمرٌ مفيد.

أيها الفاضل الكريم: أهم ما أنصحك به أنك يجب أن تتذكر أنك صغير في السن، وأن لديك طاقات شبابية عظيمة يجب أن تستفيد منها، وأن السعادة تُصنع، السعادة تُبنى، السعادة تُجلب، وهذا أمرٌ مهم أيها الفاضل الكريم، وأول ما يُسعد الإنسان في هذه الدنيا والآخرة هي الالتزام بالدين، وما أجمل الشاب الذي يلتزم بالدين: صلاتك في وقتها، صيامك، تلاوة القرآن بتدبُّر ومعرفة، الدعاء، الذكر، عمل كل ما هو خير وطيب، بر الوالدين... هذا - يا أخي - يُعطيك شعورًا عظيمًا بالمسؤولية الإيجابية حيال نفسك ويعود عليك بمردود عظيم جدًّا.

الشيء الثاني الذي تحتاجه هو: أن تضع أهدافًا، أنت قلت أنك لا تستمتع بالنعم التي حولك، ولديك فكر وسواسي، هذا الذي تتحدث عنه من شعور بالندم، وأنك يمكن أن تُحاسب على هذه النعم: هذه اجترارات وسواسية وليس أكثر من ذلك، هذا فكر سخيف، يجب أن تُحقِّره، أن تتجاهله.

لكن في ذات الوقت أنت مطالب أن تكون لك أهدافًا فعّالة، ولا يمكن للإنسان أن تكون له أهداف حقيقة إلاَّ إذا أحسن إدارة وقته، أو لا يستطيع أن يُنفذ أهدافه إن لم يكن مُدبِّرًا ومُديرًا لوقته، والذي يُدير الوقت يُدير الحياة.

أخي الكريم: ارسم لنفسك خارطة، حدِّد أهدافك الآنية، والهدف الآني هو الذي يجب أن يتحقق في خلال أربع وعشرين ساعة، ثم أهداف متوسطة المدى، تُحققها في خلال ستة أشهر، ثم أهداف بعيدة المدى تُحقق في خلال عام مثلاً أو عامين أو في ثلاث أعوام أو في أربعة أعوام، الدراسة الجامعية والماجستير والدكتوراه، وحفظ القرآن الكريم، وحفظ السنة النبوية، وغير ذلك من أمور دنيوية وأخروية.

الأهداف قصيرة المدى: أن تذهب وتزور مريضًا في المستشفى، هذا هدف عظيم جدًّا، يعود عليك بمردود نفسي إيجابي كبير.

الأهداف في خلال ستة أشهر: أن تحفظ جزئين من القرآن، أن تُصِر أن تُحسِّن معدَّلك الدراسي خلال هذه الستة أشهر، أليست هذه أهداف؟ أهداف عظيمة جدًّا.

وعلى المدى البعيد: أن تتصور نفسك بعد عشر سنوات من الآن، ما هي درجتك الجامعية أو فوق الجامعية؟ الزواج، الأبناء، العمل.... أشياء من هذا القبيل، يجب أن تكون لك أهداف، لا تأتي الحياة بمعناها الحقيقي، أو لا نستشعرها إلا إذا كانت لنا أهداف.

وعليك بالصحبة الطيبة، الرِّفقة الطيبة مهمة جدًّا، الإنسان يحتاج للنماذج الإيجابية والطيبة في حياته.

ولا بد أن تكون الرياضة جُزءًا من حياتك، الرياضة تُحرِّك المكونات البيولوجية والعصبية الدماغية التي تتحرَّك أو تُحفِّزها الأدوية، فالرياضة بديل وبديل عظيم جدًّا.

فيا أخي الكريم: هذه نصائحي لك، ولا تدخل في مناقشات سلبية مع والديك، وإن ذهبتْ والدتك معك للطبيب أعتقد أن هذا أيضًا سوف يكون إضافة إيجابية جدًّا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net