كيف أستطيع تغيير حياتي للأفضل؟

2016-10-18 00:24:55 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم..

في الحقيقة أنا مرتبك ولا أعرف من أين أبدأ!! حسنا أنا شاب في 27 من عمري، كنت أعيش في صغري مع جدي حتى سن الـ14، بعدها انتقلت للعيش مع والدي وأختي في بيتهم، لم أكن أخرج من البيت إلا لضرورة لمدة سنوات، ولم أكوّن صداقات، كل هذا أثر على نفسيتي فلم أكبر كبقية الأطفال والشباب، لكنني أحمد الله على كل ذلك، ربما أراد الله أن يغير حياتي نحو الأفضل، وأنا الآن أحاول الخروج من البيت، لكنني أشعر أن المجتمع الذي أعيش فيه لا يلائمني ولا يفهمني.

نسيت أن أذكر لكم أنه ذات يوم أصيبت أمي بنوبة صرع، فأصبت نتيجة لمشاهدتها بوسواس قهري، بدأت في رؤية طبيب نفسي عندما كان عمري 19 سنة، فأخرج لي أدوية لا أزال أتناولها حتى اليوم، لكنه يغيرها لي في مرات وفي مرات أخرى لا يغيرها.

أنا حاليا لدي دبلوم حصلت عليه في دراستي، أحاول ولوج سوق العمل، لكنني أجد نفسي غير مستعد للعمل، زيادة على ذلك لا أرى جمال الحياة إلا لوقت قصير، وبعدها أرجع كما كنت سابقا.

ساعدوني أرجوكم، أريد حلا رغم أنني أحس أنني لم أذكر لكم كل ما أعانيه من مشكلات، ولكن لو ساعدتموني في ما ذكرت فقط أظنني بعد الله سبحانه وتعالى سيكون لكم الفضل في تحسن حالتي.

وشكرا لكم.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، أشكرك على التواصل مع إسلام ويب.

فترة طفولتك ويفاعتك -أيها الفاضل الكريم- لا أعتقد أنها كانت سيئة أبدًا، أن نشأت في بيت جدَّيْك أعتقد أن هذا أكسبك الكثير من الودِّ ومن العطف ومن الحبِّ، أنا أثق في ذلك تمامًا، ثم انتقلت بعد ذلك إلى العيش مع والديك وأختك في بيتهم، هذا أيضًا مكان طيب، وما اكتسبته من مودة وحُبٍّ هناكَ قطعًا تواصل حين كنت في معية والديك وأختك، وحتى إن شعرت أنه كانت توجد حماية شديدة عليك مما لم يُتح لك فرصة الخروج من البيت؛ فهذا ليس كله سيئا أبدًا، هذا قد يكون فيه نوع من الحماية لك في ذلك الوقت، فلا تأسف ولا تأس على ذلك، ولا تعتبرها تربية مُغلقة أو غير منفتحة وأضرَّتْ بك، لا، هي تربية حسنة، تربية طيبة، والآن أنت في عمر الإدراك، في عمر الشباب، طاقاتك عظيمة، كثيرة، المهارات موجودة، لكن محتاج أن تُخرجها وتُوظفها لتكون أكثر تواصلاً من الناحية الاجتماعية، وأكثر ثقة في نفسك، وتطورّ النواحي المهارية لديك.

التغيير يأتي منك أنت وبك أنت، لا يُغير الله ما بقومٍ حتى يُغيروا ما بأنفسهم. كل الذي تحتاجه -أيها الفاضل الكريم- أن تضع لحياتك هدفًا، ما هي أهدافك الآن؟ اترك ما مضى، يجب أن يكون لديك أهداف آنية، وأهداف متوسطة المدى، وأهداف بعيدة المدى.

الهدف الآني يجب أن تُحققه خلال أربع وعشرين ساعة، مثلاً: قل لنفسك إن شاء الله تعالى سوف أذهب وأصلي مع الجماعة في المسجد، هذا هدف وهدف عظيم جدًّا، وتحقيقه يمكن أن يتم في خلال أربع وعشرين ساعة.

على مدار ستة أشهر -أي فترة هدف متوسطي المدى- ضع لنفسك نوع من خارطة الطريق، بأن تبحث عن عمل، لا تقل أنا غير مستعد للعمل، لا، اقبل بأي عمل، اسعَى له ثم اقبله، وفي ذات الوقت يمكن أن يكون أحد مخططاتك أن تحفظ جزئين من القرآن خلاف هذه الفترة - فترة الستة أشهر -.

إذًا البحث عن العمل بجدية، والحصول عليه إن شاء الله تعالى، وحفظ جزئين من القرآن. هذا على مستوى الأهداف متوسطة المدى.

أما على مستوى الأهداف بعيدة المدى فقطعًا أن تطور نفسك، أن تتزوج، أن تكون شخصًا نافعًا لنفسك ولغيرك.

هذه أهداف وليست مستحيلة المنال. بهذه الكيفية سوف تنمي شخصيتك، وهذه هي التنمية البشرية التي يتحدث عنها الكثير من الناس.

أريدك أن تكون شخصًا فاعلاً في أسرتك، نافعًا لأسرتك، هذا أيضًا يطور مهاراتك.

حقِّر كل الفكر السلبي أو الفكر الوسواسي، ما حدث لوالدتك من نوبة صرع كانت تحت ناظريك: لا أعتقد أنك أُصبت بوسواس قهري، حدثتْ لك بعض المخاوف المرضية، وهذه يمكن أن تتجاوزها حقيقة بالتجاهل.

أنت ذكرتَ أنك تُراجع الطبيب النفسي منذ ثمانية أعوام، لكنك لم توضح لي إذا كان ذكر لك الطبيب تشخيصًا مُعيًّا أو أدوية معيَّنة، يمكنك أن تُراسلني في وقتٍ لاحق وتُفيدني بأسماء الأدوية.

الآن أريدك أن تحرص على برامج اجتماعية، كما ذكرتُ لك: النشاط داخل الأسرة، أن تكون نافعًا لأسرتك، لابد أن تصلي مع الجماعة في المسجد، وسوف تجد مَن يفهمك، وسوف تجد من تجده قدوة لك، هذا أمرٌ مجرب، وأريدك أيضًا أن تُشارك الناس في مناسباتهم، أصدقائك من أيام الطفولة مثلاً لبّي دعواتهم، تواصل معهم، مارس الرياضة، هذا كله يفيدك إن شاء الله تعالى.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net