أعاني من كثرة الآثار الجانبية التي تسببها أدوية الاكتئاب، فما السبب؟
2016-10-25 04:17:51 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شاب عمري 30 عاما، وأعاني من الضغوط النفسية والاكتئاب من الدرجة الشديدة إلى المتوسطة، منذ عدة سنوات وأنا أعاني من ألم شديد في كل أطراف جسمي ورأسي، وأشعر بآلام عصبية أو عضلية بدون سبب واضح، وهذه الآلام تزعجني جدا، واعتبرها ابتلاء، فقد استمرت سبع سنوات.
تناولت البروزاك منذ سبعة أعوام، ثم تركته واختفت الأعراض، فعقار البروزاك كما أسلفتم في استشارة سابقة هو السبب في معاناتي، وصف الطبيب دواء آخر، اسمه سيتالوبرام، وبعد تناوله لاحظت رجوع الآلام العصبية والعضلية والوخز، فتركت العلاج، ثم تم استبدال العقار بسيبرالكيس، ولا فائدة، كرهت الأدوية بعد معاناتي معها، علما أنني بعد ترك الأدوية أحتاج إلى عدة أسابيع حتى تزول الأعراض كليا، لماذا يحصل معي هذا الأمر؟ وما هو الدواء البديل لتلك العلاجات؟ ولا أرغب بتناول تريبتزول وتفرانيل؛ لأنهم يسببون لي خمولا شديدا، وأنام لفترات طويلة مع أقل جرعة، أتمنى منكم التوضيح ما هي أسباب شعوري بالألم عند تناول تلك الأدوية؟
وشكرا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عنان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك العافية والشفاء والتوفيق والسداد.
أخي الكريم: أرجو أن تتعامل مع الاكتئاب فكريًا، إذا كنت فعلاً مكتئبًا فلا تقبل الاكتئاب، وغيِّر أفكارك، اجعلها أكثر إيجابية، تغيير الأفكار يؤدي إلى تغيير المشاعر، ولابد أن تكون إنسانًا فاعلاً مهما كانت أعراضك، فالفعالية في الحياة والحرص على الإنجاز أن يقوم الإنسان بدوره كاملاً حتى وإن كان مُحبطًا، هذا يؤدي إلى مردود إيجابي عظيم على النفس، مما يجعل الاكتئاب ينقشع وتفرح النفوس -إن شاء الله تعالى-.
الرياضة يجب أن تُمارسها بكثافة، هذه الآلام العضلية التي تأتيك هنا وهناك بالجسم هي نتيجة للاكتئاب أو القلق الذي يصحب الاكتئاب، التوترات النفسية الداخلية والمشاعر السلبية تنعكس على الكثير من عضلات الجسم، مما يجعل الإنسان يحس بآلام عضلية متكررة.
أريدك أن تقوم بإجراء فحوصات طبية عامّة، هذا أفضل، هذه قاعدة رصينة، تأكد من كل وظائف جسدك من الناحية الطبية، وبعد أن تطمئن لا بأس أبدًا أن تتناول أحد مضادات الاكتئاب وتحسين المزاج، ومن أحد الأدوية التي تزيل الآلام الجسدية.
بالنسبة للآثار الجانبية التي تحدث لك مع بعض الأدوية: هذا أمر معروف، كثير من الناس في الأربعة الأسابيع الأولى حين يبدؤون تناول هذه المركبات التي تعمل على كيمياء الدماغ قد يحدث لهم أثرًا سلبيًا من الدواء، وليس أثرًا إيجابيًا، وذلك نسبةً لأن إفرازات المواد الكيميائية الدماغية التي تُعرف بالموصلات العصبية لا يكون منتظمًا في بداية الأمر، وهناك تفاوت بين الناس، فبعض الناس لا تظهر لهم هذه الظاهرة أبدًا، يكون الدواء متوافقًا معهم منذ اليوم الأول، وبعض الناس -مثل شخصك الكريم- يحدث لهم ما قد حدث لك.
فإذًا هذا التباين ناتج من التركيبة الجينية لكل إنسانٍ، فالعوامل الوراثية الجينية تُحدد كيفية تفاعلات أجسادنا مع الأدوية، حتى مع بعض أنواع الطعام، وهذا أمرٌ معروف، إذًا هذه التباينات تباينات فسيولوجية طبيعية جدًّا، لذا الصبر على الدواء مطلوب، مطلوب جدًّا، يجب ألا تُبدِّل الدواء لمجرد أنك قد تعبت منه وحدثت لك آثار جانبية منه في بداية تناوله، هذا سوف ينتهي تمامًا ويذهب تمامًا.
الدواء الذي أراه مفيدًا جدًّا لك هو العقار الذي يُعرف تجاريًا باسم (زولفت)، ويسمى علميًا (سيرترالين)، ربما تجده في فلسطين تحت مسمى آخر، ابدأ في تناوله بنصف حبة -أي خمسة وعشرين مليجرامًا-، تناولها ليلاً لمدة أسبوعين، ثم اجعلها حبة واحدة ليلاً لمدة شهرٍ، بعد ذلك انتقل إلى الجرعة العلاجية، وهي حبتين ليلاً -أي مائة مليجرام-، تتناولها لمدة أربعة أشهر، ثم ارجع للجرعة الوقائية، وهي أن تجعل الجرعة حبة واحدة يوميًا ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم نصف حبة ليلاً لمدة شهرٍ، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ آخر، ثم تتوقف عن تناول الدواء.
وليس هنالك ما يمنع أن تُدعم السيرترالين بدواء آخر بسيط يُعرف باسم (ديناكسيت)، وهو متوفر في فلسطين المحتلة، تناوله بجرعة حبة واحدة في الصباح لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناوله، لكن عليك بالاستمرار في تناول السيرترالين بالكيفية التي ذكرتها لك.
السيرترالين لا علاقة له بالتربتزول أو التفرانيل، فهو من الأدوية التي تعمل مباشرة على استرجاع السيرتونين انتقائيًا، وليس مثل الأدوية التي تعمل من خلال ثلاثية الحلقات كما هو معروف.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.