الخوف من مقابلة الناس عند الأطفال
2005-01-30 19:06:30 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته!
السادة القائمون على هذا الموقع، لكم الشكر والعرفان! وجزاكم العلي القدير خير الجزاء!
المشكلة التي سوف أعرضها عليكم هي تخص ابني ذا الخمس سنوات، تتمثل في أنه يعاني من الخوف من مقابلة الناس، أو الخجل الشديد لدرجة أنه يختبىء ورائي، أو وراء أمه عند مقابلة الناس! وإذا ما جلسنا في مكان فيه ناس أغراب عليه، فإنه يبقى ساكناً، عديم الحركه لدرجة التصلب، لا يتكلم إلا همساً في أذن أمه! وربما يمتقع لونه! كما أنه يصاب بالهلع إذا سمع صوتاً قوياً ومرتفعاً، حيث يقوم بوضع يديه على أذنيه بشكل هستيري!وإذا سمع صوت صياح أو عويل في التلفاز، يخرج من الغرفة، أو يختبىء خلفي محاولاً عدم السماع!
علماً أنه لا يوجد منذ الطفولة من يحاول إخافته، بالعكس هو مدلل ومحبوب، ونحاول أنا وأمه شموله بأقصى درجات الحنان والحب، كما أنه يتمتع بذكاء ممتاز إلا أنه حساس. كل هذه الصفات والحالات تختفي إذا كنا وحدنا، حيث يتحول إلى طفل آخر فيه من الشقاوه والمرح والتعابير السليمة والنبرة الواثقة، ويكون على أحسن ما أتمنى!!
بقي أن أقول: إن الأب -وهو أنا- مصاب بالرهاب الاجتماعي، وما ينتج عنه من قلق وتوتر وغيرها، حيث كنت منذ الطفولة خجولاً ومنطوياً؛ مما نتج عنه ما أعاني من مشاكل الآن.
أرجو منكم أن تساعدوني في إيجاد حل لما يعانيه ابني! حيث إني أصاب بالغم عندما أراه على تلك الحالة! أخاف أن يصاب مستقبلاً بما أصبت به من رهاب؛ لذا أرجو أن تنصحوني ما هو المخرج؟ وكيف الحل!؟ فأنا أتألم وأتقطع من الداخل، وأبكي بصمت! هل الوراثة لها تأثير؟ قال الجاحظ: "هذا ما جناه علي أبي، وما جنيت على أحد" أما أنا فجنيت على نفسي، وربما على غيري!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بدايةً، نبدأ بما انتهيت به، وهي أن مقولة الجاحظ ليست صحيحة، ويجب أن تؤخذ فقط في نطاق أنها من الشعر الجيد، من ناحية الصياغة لا من ناحية المحتوى أو المعنى.
أخي! أولاً: من الواضح أن هذا الطفل يُعاني مما يعرف بقلق ومخاوف الفراق، وربما يكون مرد ذلك هو العطف والمودة الزائدة من قِبلكم، والتي أدت إلى ما يُعرف أيضاً بالالتصاق الوجداني.
ثانياً: أنت كإنسان مصاب بالرهاب الاجتماعي، فربما تكون أكثر تدققاً وخوفاً على ابنك من أن يصاب بنفس الشيء، وهذا ما يجعل أعراض ابنك تتجسد وتتضخم في ذات نفسك.
العلاج سهلٌ جداً، وهو يقوم على الترغيب والترهيب، فيجب أن يشجع هذا الطفل في كل وقت يبتعد فيه عن المحيط الذي تجلس فيه أنت ووالدته، ويمكن استعمال طريقة النجوم التي يمارسها المدرس مع التلاميذ، والتي تقوم بأن يُعطى الطفل نجوماً كمكافئة له في كل سلوك إيجابي، وتسحب منه النجوم أيضاً مقابل كل سلوك سلبي، ويمكن أن تستبدل حصيلته في نهاية الأسبوع بشيءٍ يحبه في حدود المعقول .
الشيء الآخر، يمكن لهذا الطفل أن يُعطى بعض الأدوية البسيطة، والتي لم تؤثر عليه سلباً إن شاء الله، ومن أفضل الأدوية التي تُعالج نوعية هذه المخاوف في الطفولة، الدواء الذي يُعرف باسم تفرانيل، والجرعة هي 10 مليجرام فقط، بواقع حبة ليلاً، لمدة ثلاثة أشهر.
لا نستطيع -يا أخي- أن ننكر أن الوراثة ربما تلعب دوراً في حدوث المخاوف، فقد وُجد أن 30% من الأشخاص الذين يعانون من الرهاب لديهم تاريخ لحالاتٍ مماثلة في أُسرهم، أو أنهم كانوا يعانون من المخاوف، خاصةً الذهاب إلى المدرسة في أثناء الطفولة، علماً بأن الدراسات التي أُجريت على هؤلاء الأشخاص أثبتت أنهم من أُسرٍ مستقيمة ومستقرة، ومعظم أعراضهم سوف تختفي بعد بلوغ الثلاثين سنة من العمر، والشيء المبشر أن الذي يورّث ليس هو المرض في حد ذاته، إنما هو الاستعداد له، إذا توفرت الظروف الأخرى، وفي مثل حالة ابنك العزيز أرجو أن لا توفر له الظروف التي تساعد على حدوث المخاوف، وهي الدلال الزائد في مثل حالته.
وبالله التوفيق.