بسبب المشاكل المستمرة بين أفراد الأسرة أعاني من قلق دائم، فما الحل؟
2017-03-12 01:10:59 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهديكم أطيب التحيات، وأشكركم على جهودكم الجبارة في ردودكم على مشاكلنا، ونسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم.
لا أعرف من أين أبدأ كلامي، حيث أنني من كثرة الضغوط والهموم التي أعاني منها لا أعرف ما السبب الذي أدى أو يؤدي بي إلى ذلك، الحمد لله أنني لم أبتلَ بضر، وحياتي إجمالا مستقرة، وبالرغم من ذلك أشعر كأن كل شيء يحيط بي سيء، وأن العالم كله ضدي.
أنا دائم التفكير والقلق من أي شيء محيط بي، فكل موقف أمر به في حياتي أشعر اتجاهه بالقلق، فقد مررت في العديد من المواقف في حياتي جعلتني أشعر بلحظات ضعف ووهن، فأنا الآن أصبحت لا أقوى على شيء، لا صلاة ولا عبادة ولا عمل ولا صحة، أصبحت لا أقوى على القيام بأبسط الأمور، كل ما أريده في هذه الحياة أصبح الهروب من الواقع، ومن الحياة التي أعيشها، لا أريد أن أقلق من أي شيء حولي، أرغب بالعيش في عزلة تامة عن المجتمع وعن أسرتي، أن أجلس في مكان ما وحدي، أقضي فيه شهورا بدون أن أرى أحدا، إنني أعيش في عزلة اجتماعية شديدة بالرغم من أنني شخص اجتماعي، وأحب الناس كثيرا، ولكن لا أدري ما أصابني هذه الأيام.
بداية مشاكلي التي أعاني منها في حياتي بدأت منذ نعومة أظافري، حيث أنني كبرت على المشاكل التي تحدث بين أمي وأبي، كانا دائما في صراع مستمر إلى الآن، ومنذ 28 عاما، وانتقلت هذه المشاكل لتصبح بين إخوتي، فدائما بيتنا مليء بالمشاكل والصراعات بدون أية أسباب واضحة، نحن دائموا الصراخ والضرب والسب والشتم، لا أحد منا يحترم الآخر، حتى أختي الوحيدة لا تحترم أحدا، أجدها تشتم الجميع من أمي وأبي وإخوتي وأنا، بالرغم من أنها ليست صغيرة بالعمر فهي تبلغ 22 عاما.
بدأت رحلتي مع القلق منذ 7 سنوات من الآن؛ حيث أنني وقعت في مشكلة كبيرة مع أصدقائي، رأيت فيها كل أوجه الإهانة والذل ولم أستطع الدفاع عن نفسي، كوني كنت في موقف ضعف شديد، ومن حينها وأنا أخاف من كل شيء حولي، لو رأيت أحدا ينظر لي أحس أن هناك شيئا ما من وراء نظرته، لو أن أحدا أغلق هاتفه أحس أنه يقصدني في فعلته، أضخم الأمور، والمشاكل كثيرا لدرجة لا تصور، أخلق مشاكل من لا شي، فقط من ظنوني، مثلا لو أنني تكلمت مع شخص وافترضت أنه يظن شيئا ما، أخلق مشكلة من ظنوني وليس من أفعاله.
والآن أنا في حالة يرثى لها، حيث أن أختي قد خطبت حديثا منذ شهرين، وهذه أصعب فترة في حياتي، هناك الكثير من المشاكل بين أختي وخطيبها، فلا أستطيع أن أنام، أو أفكر بشيء سواهما، بالرغم من أنني على علم بأن أختي على خطأ في كثير من الأمور والمشاكل، لكنني لا أريد صراعات أخرى في حياتي، كوني قد مللت من كل شيء حولي، فما بالكم بمشكلة إضافية إلى حياتنا المدمرة.
وحاليا فإن هناك مشاكل كبيرة بين أختي وخطيبها قد تؤدّي إلى طلاق محتوم، مما أدى إلى كثرة الوساوس وتهويل الأمر بعد الطلاق بأنه قد يحصل كذا وكذا.
والأعراض التي أعاني منها حاليا: القلق الشديد، الرغبة في الهروب من الواقع، الكسل الشديد، فلا أقوى على الحراك، الصداع وألم في العينين، الوكز على الأسنان أثناء النوم كثيرا، الحزن الدائم، الخوف والهلع من الأشياء البسيطة، ضعف الشخصية والخجل الشديد من الناس، كثرة النوم والرغية به بشكل دائم، تهويل الأمور بشكل لا يطاق، النوم في السيارة خارج المنزل.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو مارسيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
شكرا لك على الكتابة إلينا بكل هذا مما في نفسك، ربما هو قليل من كثير، أعانك الله وخفف عنك وعن أسرتك كل هذه المعاناة.
في الواقع استغربت من سؤالك، ففي بداية تقول بأن حياتك مستقرة، وبأنك لا تعاني،ومن ثم تذكر الصعوبات والمشكلات الكثيرة في أسرتك من شجار دائم وضرب وغيره، وتذكر مشكلات أختك مع خطيبها، وكذلك مشكلاتك وصعوباتك مع أصدقائك، ومن ثم أجدك تقول بأن عندك القلق، ولكن لا تدري من أين أتى هذا القلق!
مما لا شك فيه أنك تعاني من القلق الشديد، ومعظم الأعراض التي عددتها في رسالتك إنما هي أعراض القلق، إلا أن هذا غير مستغرب بعد أن نعرف تفاصيل حياتك الشخصية والأسرية، فأي شاب مكانك لو تعرض لبعض مما تعرضت له، فإننا لن نستغرب بأنه قلق ويشعر بالقلق في حياته، فكل هذا المشكلات والصعوبات هي التي جعلتك الإنسان القلق الذي أنت عليه.
وسؤالك خير دليل كيف أن الكثير من الناس يمرون بظروف صعبة، ومن ثم يعانون من بعض المشكلات والصعوبات النفسية والاجتماعية، إلا أنهم لا يربطون العلاقة بين معاناتهم السابقة وبين واقعهم الحالي الآن!
فإذا أنت قلق ليس لأن عندك ضعف في الشخصية، أو بسبب مرض، وإنما أنت قلق كنتيجة طبيعية لما مررت به في حياتك، ولذلك فإننا نسمي مثل هذا النوع من القلق، بقلق صعوبات التكيّف مع أحداث الحياة، وواضح أنها كثيرة جدا هذه المشكلات والتحديات التي مررت بها، وإن تصحيح هذه النظرة لنفسك هامة جدا، فأنت لست مريضا أو شخصا سيئا، وإنما أنت نتيجة هذه الظروف التي عشتها وتعيشها الآن.
وطبعا هذا لا يعني أنه لا مخرج مما أنت فيه، بل على العكس، فإن هذه النظرة ترفع من معنوياتك، وتجعلك توجه ذهنك بالاتجاه الصحي، وبدل أن تسأل نفسك سؤال: لماذا أنا هكذا؟ فستسأل نفسك سؤالا مختلفا تماما وهو: كيف أخرج من هذا الحال؟ فالسؤال الذي نطرحه على أنفسنا جدا هام، وربما عليه يتوقف إمكانية النجاح من الفشل.
إن فهمك واستيعابك لما جرى في حياتك، وعندما تسأل نفسك: لماذا أنا هكذا؟ فالغالب ستتذكر العوامل السلبية في حياتك والتي أوصلتك لما أنت عليه، بينما عندما تسأل نفسك: كيف أخرج مما أنا فيه، وكيف أغيّر؟ فعندها ستستدعي في ذهنك جوانب القوة والإمكانات التي لديك، لتستفيد منها وتخرج من الحال الذي أنت عليه.
فالآن عرفنا أنك قلق، وعرفنا لماذا أنت قلق، فكيف السبيل الآن للخروج؟
هناك أمور كثيرة تساعدك، ومنها على سبيل المثال:
أن تنمّي عندك المهارات الإيجابية، كمهارات الاسترخاء، والتي يمكن أن تأتي من خلال الصلاة وتلاوة القرآن، ومن ممارسة الرياضة والهوايات النافعة، فالصعوبات والتحديات في الحياة لا بد منها، فكيف ننمي عندنا مهارات التعامل مع هذه التحديات والصعوبات والتي لا بد منها؟
ويعينك أن تفرق بين الأمور التي تخصك بشكل مباشر، وبين الأمور التي تخصّ غيرك، وربما تخصك بشكل غير مباشر، فتتعامل مع الأولى وتترك الثانية للآخرين ليعملوا على حلّها، فأنت لا تستطيع مهما أوتيت من القدرات أن تحلّ مشاكل العالم كله!
وإذا وجدت صعوبة في القيام بكل هذا من نفسك، فلا مانع أن تتحدث مع شخص تثق في مهاراته وحكمته في الحياة لتفضفض له بعض ما يجول في خاطرك، فالحديث مع من ترتاح له، هو نصف العلاج.
أرجو أن يكون في هذا ما يضعك على أول طريق الحل، وما عليك إلا الاستمرار والمتابعة على هذا الطريق.
وفقك الله ويسّر لك أمرك.