بسبب العادة السرية ومشاهدة المواقع الإباحية ضاعت دراستي وحياتي
2017-03-22 02:48:19 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا عمري 20 سنة، طالب جامعي، ملتزم وذكي، أرهقت حياتي بكثرة المعاصي والتفكير والوسوسة، مما أثّر على مستواي الدراسي سلبا.
أمارس العادة السرية وأشاهد المواقع المحرمة، حاولت كثيرا مع هذه المشكلة، وبحثت كثيرا عن الحلول، وقرأت الاستشارات عنها، مع الاستمرار في الدعاء وقراءة القرآن، وأنا دائما من الناصحين لغيري في هذا الأمر، وبالرغم من ذلك لم أستطع أن أتوقف عن المعاصي، واستمر الأمر لسنوات وإلى الآن.
أريد توجيه حياتي على المسار الصحيح، وأن أكون نافعا للإسلام بعملي ودراستي في المستقبل، وأريد دراسة العلوم الدينية بجانب دراستي؛ لأساهم في نصح من حولي بالأسلوب الصحيح، وأظن أن هذه رسالتي في الحياة حتى أموت، وأكون قدوة لغيري، هذا ما رسمته لحياتي، ولكني الآن أعاني من الفشل الذريع وأنا في أول هذا الطريق، وأرى أني لم أحقق شيئا، إلا أماني لم أعمل على تحقيقها.
المشكلة أني أبدأ وأستعد للعمل، لكني أنشغل بأفكار ووساوس وأقع في المعصية، حيث أنقاد وراء شهوتي، ثم يضيع الكثير من الوقت لا أستطيع عمل أي شيء سوى التفكير والندم وإلقاء اللوم على نفسي، ومحاولة إيجاد الحلول.
أنا من حبس نفسه في هذه الغرفة المظلمة، وربما زاد هذا التصرف الأمر سوء، وعندما أحاول أن أعمل، أفكر بأن الله لن يعينني على عملي ودراستي.
هكذا يضيع الوقت الضيق الذي أحاول استغلاله في دراستي، وباقي الوقت أنشغل بالسفر وحضور المحاضرات، انخفضت كل معدلاتي الدراسية، وأجد تغيّرا في سلوكي وتفكيري وذاكرتي، فهل يمكنني أن أعود لحياتي الطبيعية؟ علما أني مستمر في محاولة التوقف والتوبة عن هذه الأفعال.
ساعدوني في حيرتي جزاكم الله خيرا، أنا أعاني من القلق الشديد، وأجد صعوبة شديدة في عمل أي شيء.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ wala 7ad 5ales حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إننا نحمد الله تعالى أنك شاب متدين، فاحرص على أداء ما أمرك الله به، واحذر أن يغويك الشيطان، فالإنسان قد يجمع بين الطاعة والمعصية، وذلك خير من أن يكون عاصيا صرفا.
الإنسان قد يقع في المعصية في أي لحظة يضعف فيه إيمانه، ولم يعصم الله تعالى إلا أنبياءه ورسله، فهؤلاء أصحاب نبينا -عليه الصلاة والسلام- وقع بعضهم في المعاصي، فمنهم من شرب الخمر ومنهم من سرق ومنهم من زنا ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- بين أظهرهم، والقرآن يتنزل عليهم، فكيف بنا نحن.
وقوعك في هذه الذنوب سببه ضعف الإيمان، فلو اجتهدت في توثيق صلتك بالله وتقوية إيمانك من خلال تلاوة القرآن الكريم واستماعه وكثرة الصيام، واستماع المواعظ المؤثرة، لتركت تلك المعاصي.
قوة الإيمان تثمر مراقبة الله تعالى في النفس، ومن راقب الله تعالى وعلم أنه يراه استحيا أن يفعل أي معصية.
عليك أن تنمي في نفسك الاستحياء من الله تعالى، وأن تجعله أعظم الناظرين إليك وليس أهونهم، فإن كنت تستخفي من الناس أن يروك على هذه الأعمال القبيحة فالله أولى أن تستحيي منه.
من وسائل العلاج إن كنت تشاهد تلك المقاطع عن طريق هاتفك أن تستخدم جوالا لا يقبل النت ولو لفترة، حتى تقلع وتحسن توبتك.
إخراج النت من البيت إن أمكن، وإن لم يمكن فينبغي ألا تكون في غرفة منعزلة لوحدك، بل اطلب إحدى أخوتك لينام معك.
اشغل أوقاتك بكل عمل مفيد كالرياضة والعبادة وتلاوة القرآن الكريم، إضافة إلى مذاكرة دروسك أولا بأول، قلل من المنبهات ومن الأطعمة التي تهيج الشهوة، ولا تنم في النهار واخلد للنوم ليلا وأنت في غاية الإرهاق.
ما تعانينه من شرود الذهن وتدني مستواك الدراسي إنما هو من تداعيات العادة السرية ومشاهدة تلك المناظر القبيحة لقول الله تعالى: (وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ)، ولقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه).
من آثار إدمان العادة السرية أنك قد لا تجد لذة المعاشرة الزوجية إن تزوجت، وقد تلجأ لممارستها حتى وأنت متزوج كونك لا تجد إشباعا لشهوتك.
اقرأ أكثر عن الآثار المدمرة لهذه العادة، كونك قرأت الكثير من الاستشارات حول إدمان ما أنت مبتلى به ليس هو المقصود، وإنما المقصود هو العمل بتلك الموجهات المذكورة فيها، فإن المريض لن يتعافى بمجرد ذهابه للطبيب ليصف له الدواء حتى يستعمل ذلك الدواء.
الدعاء وحده لا يكفي بل لا بد من العمل بالأسباب التي تعينك على الخروج مما أنت فيه، فهل ستنجح في دراستك إن لم تعمل الأسباب التي توصلك للنجاح، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتروح بطانا)، فأمر بالعمل بالأسباب وهي الحركة والسعي.
شيء طيب أن تنصح زملاءك والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبان، ولكنه من القبيح أن ينصح الإنسان غيره وهو واقع في ذلك الذنب، كما قال تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ).
همك من أجل خدمة دينك وتوجيه من حولك دليل على همتك العالية وذلك أمر محمود، ولعلك توفق له إن بدأت بالخطوات العملية التي توصلك لذلك، وما ذلك على الله بعزيز.
احذر من الرسائل السلبية التي تعطيها لنفسك كقولك إنك فشلت فشلا ذريعا؛ لأن هذه الرسائل تصل إلى العقل فيتبرمج وفقها وينتج عن ذلك أعمال وسلوك.
أنت ستنهض -بإذن الله تعالى- من جديد وسيعود لك نشاطك وتقلع عن تلك القبائح.
الندم وإلقاء اللوم على نفسك دليل حياة الإيمان في قلبك، وأنصحك بالاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم فور ورود الوساوس الشيطانية، وقم بقطعها وعدم الاسترسال معها؛ لأن الاسترسال معها يؤدي إلى تهييج الشهوة لديك وبالتالي الممارسة.
تب إلى ربك توبة نصوحا فأقلع عن تلك الممارسات الخاطئة، واندم على ما فعلت واعزم ألا تعد مرة أخرى، وإن سول لك الشيطان وسولت لك نفسك الأمارة بالسوء فأحدث توبة من جديد وهكذا، ولا تيأس من رحمة الله.
مع كل ما سبق عليك أن تتضرع بالدعاء وأنت ساجد، واستغل أوقات الإجابة كالثلث الأخير من الليل ويوم الأربعاء ما بين الظهر والعصر، وسل الله تعالى أن يتوب عليك وأن يرزقك مراقبته في السر والعلن، وأن يصلح أحوالك، فلعلك توافق ساعة إجابة فيستجاب لك.
الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم وغفران الذنوب، يقول نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إذا تكف همك ويغفر ذنبك).
أكثر من تلاوة القرآن الكريم وحافظ على أذكار اليوم والليلة يطمئن قلبك، كما قال تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
أخيرا أنصحك أن تعرض نفسك على راق أمين وثقة فقد يكون عندك مس شيطاني هو من يؤزك ويدفعك للمعصية ويزينها لك.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى أن يمن عليك بالتوبة والاستقامة، وأن يسمعنا عنك خيرا، والله الموفق.