حاولت كثيراً أن أوجه زوجتي إلى طريق الحق لكن لا فائدة
2017-04-17 02:17:51 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا شاب من اليمن، متزوج من بنت خالتي، منذ أكثر من سنة، ظهرت لنا خلافات بين أهلي وأهل زوجتي، وكلما احتلت مشكلة ظهرت لنا مشكلة أكبر، حتى أقنعني والداي أن أطلق زوجتي، ولكني رفضت تلك الفكرة، وخرجت من منزل أبي، وعملت منزلاً لي ولزوجتي عسى ولعل أن تصلح زوجتي، لأنها كانت صغيرة ومتهورة في بعض الأمور، وبعد فترة أقل من أسبوع رجعت إلى بيت أبيها وسألت عن سبب ذلك، وكان الجواب لا يوجد ترفيه في المنزل، وضيق في المسكن!
علماً أن زوجتي لا تقوم بالأمور الزوجية، وعندها الكذب وعدم الصبر في بعض مشاكل الحياة، ولا يوجد من يقوم بنصحها وتوجيهها من قبل أمها وأبيها.
علماً أني بينت لهم أكثر من مرة أن زوجتي تضيع حقوقي الزوجية، ولا حياة لمن تنادي، فهل أطلقها؟
علماً أني خائف عليها بسبب عدم تقبل أهلها عيوب ابنتهم، وضاقت عيشتي ولا أقدر أن أتحمل أكثر من ذلك، وحاولت أكثر من مرة أن أوجه زوجتي إلى طريق الحق لكن لا فائدة!
بماذا تنصحوني؟ هل أبقى معها أو أتزوج غيرها؟ علماً أني خائف من مشكلة القطيعة بين العائلتين، ولنا أرحام وأقارب.
بم تنصحوني؟ وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ناصر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لا شك أنه – في الأصل – ما من مشكلة إلا ولها حل, وأن هذا الحل يعتمد على مدى استعداد الزوجين كليهما للإصلاح والتغيير, فابدأ – أخي العزيز – بتدارك أخطائك وعيوبك ما أمكن, إذ التقصير من الإنسان وارد, والكمال المطلق لله تعالى.
كما أن الأساس في معالجة التقصير والأخطاء معرفة مكمن هذه الأخطاء من الطرفين بتوفير الجو المناسب للحوار والتفاهم بعيداً عن الانفعال والغضب، وذلك بحسن الإنصات والاستماع والتفهم.
أما بالنسبة للزوجة فربما لكونها صغيرة السن أو قليلة التجربة، ولم تحظ بالقدر المناسب من التوجيه والتربية من جهة أهلها أو من جهتك، مما يستوجب عليك الدخول في تحدٍ ومهمة كبيرة.
لا بد أن تأخذ هذه المهمة حقها من الوقت في تغيير مفهوم زوجتك للزواج والحقوق الزوجية، وفي تغيير طباعها وأخلاقها وعاداتها ونفسيتها، وربما منشأ تقصيرها في تدخل أسرتك أو أسرتها, وكثيراً ما تنشأ المشكلات أو تتزايد أيضاً بسبب سكن الزوجين مع الوالدين والأسرة، حيث لا تتوفر الخصوصية اللازمة أحياناً، وتضعف خصوصية قوامة الزوج لمزاحمة أسرته له فيها فتتدخل الأسرة في أمور الزوجين الخاصة أو حقوق الزوجة أو تضخيم عيوبها بدافع الفضول أو الحسد أو سوء الفهم والظن.
لذلك فإن الحل يبدأ أولاً بالدخول مع زوجتك في حوار هادئ ومناسب، بعيداً عن عوامل الاندفاع والغضب، متضمناً النصيحة المدعومة بالحجج العقلية والشرعية، وبيان مراعاة المصلحة في حفظ الزواج ومصلحة الزوجين والتنبيه - أو التحذير - من الأسباب السابقة والتي تؤثر غالباً في الإخلال بالعلاقة الزوجية.
يمكنك الاستعانة بمن تثق من أهل العلم والأمانة، لاسيما من الجهات المعتبرة والمؤثرة لديها، كأن يكونوا من الأقارب والأصدقاء خاصة, كما يمكن توفير حكمين عاقلين ناصحين: حكم من جهتك, وحكم من جهتها، كما قال تعالى: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما).
كما ينبغي إعطاء الزوجة حقها من توفير سكن خاص للزوجة ولو بقرب الوالدين لكنه يحافظ على خصوصية الزوجة في الطعام والمنام ونحوها.
احرص على تمتين وتنمية المحبة والمودة والسكن النفسي والرحمة بينكما, وذلك هو مقصود الشرع في الزواج كما قال تعالى: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون), ومما يسهم في تنمية هذه المشاعر الأخلاقية والعاطفية أن يبذل الزوجان ما يمكنهما من الكرم المادي والعاطفي, وإعطاء النفس حقها من الترويح والراحة والخروج إلى المتنزهات ونحو ذلك.
نعم فقد بين الله تعالى ثلاث وسائل لتأديب المرأة الناشز وهي التي تتمرد على زوجها وتعصيه, وذلك في قوله سبحانه: (واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن) إلا أن الوعظ ينبغي أن يحتف بالقدوة الحسنة من الزوج وبالأسلوب المناسب.
كذلك الهجر في المضجع، ينبغي أن يكون مصحوباً بحفظ الحقوق الشرعية والزوجية الأخرى, وكذا الضرب ينبغي أن يكون غير مبرح وغير مؤثر على الجسم, وأن يكون للتأديب لا للتعذيب، كأن يكون بوسيلة السواك ونحوه, مع التنبيه أنه ليست كل النساء قابلات نفسياً واجتماعياً للضرب، لذا فإني لا أنصحك به إلا بعد مراعاة العُرف المتبع في منطقتكم، ومراعاة المصلحة، وبحسب الضرورة والتي تقدر بقدرها.
قبل كل هذا فإن من أنفع الحلول, بل أنفعها على الإطلاق التزام الزوجين بشرع الله، واللجوء إليه والتقرب بالطاعة، والعبادة والذكر وقراءة القرآن وطلب العلم النافع، والازدياد من العمل الصالح, وهي أسباب فاعلة ومؤثرة وضرورية لتنمية الإيمان، واستمداد عون الرحمن وتهذيب النفس ومجاهدة الهوى وإرغام الشيطان.
ذلك أن صلاح الفرد أساس صلاح الأسرة, وحسن الصلة بالله أساس حسن الصلة بالآخرين، (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم).
كل هذه الإجراءات الوقائية والتأديبية حرصاً على بقاء الزواج، ومنع أسباب الطلاق، لا سيما مع ما ذكرت من خشيتك لإحداث الطلاق مشكلات أسرية, ولا شك أن التفكك الأسري يتنافى مع فريضة وشعيرة (صلة الرحم) مما يستوجب الكثير من الصبر والحلم والأناة والحكمة والرحمة.
إن لم تنفع هذه الوسائل والأساليب المادية والمعنوية فلا يجوز الاستعجال بالطلقات الثلاث كما يفعل الكثير من الناس، والذين ذمهم القرآن في قوله تعالى: (ولا تتخذوا آيات الله هزواً), وعليه فلا بد من الالتزام بحكم الشرع في تطليقها الطلقة الأولى حتى إذا انتهت عدتها شرعت في الطلقة الثانية وهكذا الثالثة، كما قال تعالى: (فطلقوهن لعدتهن)، وذلك لإعطاء الزوجين فرصة وزمناً أكبر للمراجعة والحل.
حاول أن تراضي والديك الكريمين في اتباع هذه الإجراءات، وتذكيرهما بفضيلة ومصلحة صلة الأرحام، وبقاء العلاقة الزوجية، ثم لا مانع بعد فشل كل هذه المحاولات وأخذها المدة اللازمة من طاعة والديك في الطلاق؛ لما في بر والديك من إرضائهما أولاً وهو أمر معتبر شرعاً بشكل عام وفي خصوص الطلاق؛ بدليل أمر الرسول عليه الصلاة والسلام عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بطاعة أبيه الصحابي الجليل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في طلاق زوجته وقوله له فيما رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني: (أطع أباك)، كما فيه أيضاً - عند تعذر استمرار العلاقة الزوجية - من حفظ مصالحك الدينية والدنيوية وربما مصالح زوجتك أيضاً.
لذلك قال الله تعالى: (وإن يتفرقا يغنِ الله كلاً من سعته وكان الله واسعاً حكيما).
أسأل الله تعالى أن يفرج همك ويكشف غمك، ويشرح صدرك، وييسر أمرك، ويعينك ويوفقك لما فيه مصلحتك ويلهمك الرشد والصواب.