أشكو من ضعف إيماني وتهاوني بالصلاة.. ساعدوني
2017-05-01 04:30:12 | إسلام ويب
السؤال:
السَّلَامُ عَلَيكُم ورَحمَةُ اللهِ وَبَركَاته، ومَغفِرَتُه، وَفضائِلُه.
جِئتُ شَاكِيَةً إليكُم حَالِي، أنَا فتَاةٌ أَبلُغ من العُمر ستَّة عَشر سنَة، في مَا مَضَى من عُمري كُنت متهَاونَةً جدًّا في أَدَاءِ الصلوَات المفرُوضة، فيَوم أُصَلِّي، ويَوم أصلِّي بعض الصَّلوَاتِ، وَيوم يمر من غير أَن أُصلِّي ولَا أَيَّ صَلاة، والوَالِدَة - حفظهَا الله - كَانت دَائمًا تحثُّني على أدَاء الصَّلوات ولٰكن دُون جَدوَى.
في كُلِّ مَرَّةٍ أعزِمُ فيهَا عَلى أَن أتُوبَ توبَةً نصُوحَة، أستمرُّ عَلى مُواظبتي شهرًا، أو أُسبُوعا أو بِضعَة أيَّام ثُمَّ أرَى أنِّي قد عُدت إلَى مَا كُنت عَليه من الإهمَال، وَالتَّهَاوُن، لَيس هَٰذا فَقط، كمَا أَنني أُعاني بمَا يسمُّونَه "بالوِسوَاس القَهرِي"، فغَالِبًا مَا يُخالجُني الشَّك في ديني، ولكني بنفس الوَقت مُوقنَةٌ بما أُؤمن به، وقَد تروح وتغدُو في بَالي أمُورٌ أتمنَّى فيهَا لَو أنني مِتُّ ولم أُفكِّر بهَٰكذَا أمُور خوفًا من أني قَد أقعُ فِي الكُفر وأكوننَّ من الخَاسرين، كَهذه الذي قَال عَنها رَسُول اللهِ في حَديثه: عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ مَنْ خَلَقَ كَذَا؟ حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَه)، وأيضًا عندمَا جَاء أُنَاسٌ من أصحَاب النبي وسَألُوه: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ، قَالَ: وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: ذَاكَ صَرِيحُ الإِيمَانِ.
وقد شكَيتُ حالي إلى مُعلمَة الدِّين، ونصحتني بالمُواظَبة على الأَذكَار، وقرَاءَة سُورَة البَقرة كَامِلَةً، ولكن إلى الآن وأنَا أعَاني منه.
أيضًا: كمَا جَاء في شكْوَى الصَّحَابي عُثمَانُ بِن أَبي العَاص لرسُول الله حَيثُ قَال: (يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الشَّيْطَانَ قَدْ حَالَ بَيْنِي وَبَيْنَ صَلاتِي وَقِرَاءَتِي يَلْبِسُهَا عَلَيَّ)، بالإضَافة إلى أنني كُنت أثنَاء تَوبتي قَد عزمتُ عَلى أن أخشَع في صلَاتي، لٰكنّي أشعُر بعدهَا بأنِّي لم أخشَع مُطلقًا وكأنني أُؤدي صَلاتي كعَادة وَليست عبَادَة.
ألا والله إنِّي خَائِفَة من أن أكُونَ ممَّن قال فيهُم اللهُ تعالى فيهم:{خَتَمَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ وَعَلَىٰ سَمْعِهِمْ ۖ وَعَلَىٰ أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ}.
أرجُو منكُم أن تُفيدُونِي فيمَا أصنَع وما العمل، سَاءني حَالي لا أريدُ أن أكُون من ضَعيفي الإيمَان، وممن لا يُوفَّقُون بالسير على الصِّرَاط وأن أهلَك، وأنا على هٰذه الحَال، وخَاصَّة أننا الآن في آخر الزَّمَان.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أُمَامَة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فنشكرك على تواصلك مع موقع الشبكة الإسلامية، ونسأل الله أن يصلح شأنك.
وأما الجواب على ما ذكرت، فبداية نحيي فيك حسن التعبير ودقة اللغة العربية في الكتابة إلينا، ويظهر أنك طالبة علم، ولذلك ما لديك من شكوى سيكون حلها سهلا؛ لأن طالبة العلم لديها القدرة على حسن التعامل مع مشكلتها من خلال القراءة الواسعة، والعمل بعملها.
ولقد ظهر من خلال المشكلة أن لديك أمرين، ضعف الإيمان، والوسواس.
والذي يمكن أن ننصح به لتقوية الإيمان.
* عليك بقراءة القرآن بتدبر وتعظيم لكلام الله تعالى.
* استشعري عظمة الله عز وجل، ومعرفة أسمائه وصفاته والتدبر فيها وعقل معانيها.
* واصلي طلب العلم الشرعي؛ لأن العلم سبب رئيس يبعد الله به عنك شر الوسوسة ، وتتعلمين من خلاله التسليم والانقياد للشريعة الإسلامية.
* الزمي حلق الذكر؛ فإنه يؤدي إلى زيادة الإيمان، ومجالسة الصالحين.
* استمري في المداومة والاستكثار والمسارعة إلى الأعمال الصالحة بكل أنواعها من صلاة وصيام وذكر وغير ذلك وملء الوقت بها.
* أحسني إلى الوالدين، والأرحام، والفقراء والمساكين، فكلما قدمتي لهم عونا، أعانك الله وأصلح من شأنك.
* الإكثار من ذكر الموت، وأنك الآن في دار عمل، وغدا ستكونين في دار حساب.
* اقرئي في ما كتب حول الإعجاز العلمي في القرآن والسنة حتى يزداد يقينك بالله تعالى، وما جاء في شريعته.
* إذا أذنبت فسارعي إلى التوبة إلى الله، وحاسبي نفسك إذا قصرت الطاعات أو اقترفت المعاصي.
- وأما مسألة الوسواس، فنسأل الله أن يعافيك وأن يزيل عنك ما تجدينه، وللخلاص منه:
- يجب أن تعلمي أن الوسوسة من أقل مكائد الشيطان على الإنسان المسلم، وكونك تكرهين ذلك وتتمنين زواله، فهذه علامة على قوة الإيمان بالله وأن هذه الوسوسة آيلة إلى الزوال بإذن الله تعالى.
قال بعض الصحابة رضي الله عنهم، للنبي صلى الله عليه وسلم: "إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به"، قال: ( وقد وجدتموه)؟ قالوا: نعم، قال صلى الله عليه وسلم: ( ذاك صريح الإيمان ) رواه مسلم برقم ١٢٣.
وفي رواية" سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة . قال : ( تلك محض الإيمان ) رواه مسلم برقم ١٣٣.
- ويجب أن تعلمي أن للخلاص من الوسواس بشكل عام، عليك بكثرة الذكر وقراءة القرآن، والاستغفار، والاستمرار في حضور مجالس العلم، فإن الذاكر لله تعالى ينصرف عنه الشيطان، وتزول عنه الوسوسة.
قال ابن تيمية: "والوسواس يعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجر؛ لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان، { إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا } [النساء: 76]، وكلما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه، جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطْعَ الطريق عليه".
ومن العلاج العام للوسوسة الالتجاء إلى الله تعالى بالدعاء بصِدق وإخلاص، كي يُذهِب عنك هذا المرض.
- أما العلاج بشكل خاص للوسوسة:
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا، حتى يقول: من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته) رواه البخاري برقم 3276.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله، وفي رواية: يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق السماء؟ من خلق الأرض؟ فيقول : الله ثم ذكر بمثله، وزاد: ورسله ) رواه مسلم برقم 1349
ويمكن أن نستخلص طريقة علاج الوسواس من هذين الحديثين، وذلك بالآتي:
* قولي أعوذ بالله من الشيطان الرجيم عندما يطرأ عليك الوسواس.
* ثم قولي: آمنت بالله ورسوله، أو قولي: آمنت بالله ورسله.
* اتركي الاستطراد في الوسواس، فلا تلتفي لما جاء فيه من أفكار، وأوهام، واقطعي التفكير فيها، ثم أشغلي نفسك بكل نافع ومفيد.
قال ابن حجر الهيثمي: "للوسواس دواء نافع هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردُّد ما كان، فإنه متى لم يلتفتْ لذلك، لم يثبت، بل يَذهَب بعد زمن قليل، كما جرَّب ذلك الموفَّقون، وأما مَن أصغى إليها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثير ممن ابتلوا بها، وأصغوا إليها وإلى شيطانها".
وأخيرا عليك أن تحذري من القنوط من رحمة الله تعالى، فالله رحيم بعباده لطيف بهم، وأرجو التفاؤل بالخلاص مما أنت فيه، فأكثري من الدعاء والاستغفار.
كان الله في عونك.