حالتي النفسية تغيرت بعد نظرتي لزميلتي في الدراسة.. ماذا أفعل؟
2017-07-16 04:32:22 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا طالب جامعي -والحمد لله- ملتزم بالدين، وبعد التحاقي بالجامعة كنت محافظا على نفسي، ليس لدي أي مشاكل، لكن بعد شهر تقريبا كنت جالسا في القاعة، فدخلت فتاة، فنظرت إليها صدفة، وفورا غضضت بصري، لكن بعد هذه النظرة الصدفة لا أعرف ماذا حصل لي أصبحت أفكر فيها، وعندما أبدأ في المذاكرة يبدأ فكري بالتشتت، أحيانا أفكر بما حصل مع زملائي في ذلك اليوم، وأحيانا أفكر فيها مع أني أقول لنفسي إنها زميلة لي، وهي مثل أختي وأقنع نفسي بهذا الكلام، لكن عندما أذهب إلى الجامعة وأعرف أنها أمامي، أو هي جالسة في القاعة لا أعرف ماذا يحصل، أنسى نفسي وحالتي النفسية تتغير؛ لأني أحاول دائما أن أظهر أمامها بمظهر جيد، أو أسلوب رائع، على الرغم أني لا أنظر إليها أو أتحدث إليها ولا أقترب منها.
لا أعرف ماذا يحصل! أصبحت متعجلا دائما وأحيانا أغضب، ولم أعد أقدر أن أحافظ على شخصيتي التي أريدها كأن أكون شخصا ملتزما بالدين، وأحب الخير للناس، فأصبحت تأتيني الوساوس بكثرة وأصبحت أهتم برضى الناس، وكيف الناس تنظر إليّ مع أني لم أكن هكذا.
أتمنى أن تساعدوني لأرجعكما كنت، وشكرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الملك حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
لقد أعجبني في بداية رسالتك أنك شاب ملتزم بالدين، محافظ على نفسك، فلله الحمد من قبل ومن بعد، ولقد سعدت بسماع ذلك، ولكن مشكلتك بدأت بعد أن دخلت تلك الفتاة إلى القاعة فنظرت إليها صدفة، وقد غضضت بصرك مباشرة، لكن بعد هذه النظرة الصدفة لا تعرف ماذا حصل لك حسب تعبيرك.
هذه النظرة الصدفة كان لها تأثير قوي عليك، حتى إنها أخذت من تفكيرك حيزاً كبيراً، وأثرت على شخصيتك لدرجة أنك أصبحت تغضب وترى في شخصيتك أشياء لا تحبها، ولا شك أن النظرة سهم مسموم من سهام إبليس، وخاصة إن كان فيها متابعة وترقب واهتمام، ولذلك أمرنا الله سبحانه وتعالى بغض البصر؛ لأنه سبحانه أعلم بمن خلق فهو سبحانه لطيف بعباده، خبير بأخطار إطلاق البصر وآثاره.
قال تعالى: ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ﴾ ( سورة النور ) وفي الحديث النبوي الشريف: عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( النظرة سهمٌ مسموم من سهام إبليس، من تركها من خوف الله تعالى، أثابه الله إيماناً يجد حلاوته في قلبه )) [ أخرجه الحاكم في مستدركه ].
فالنظر إلى المحرمات زنى العين كما في الحديث عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، فهو مدرك ذلك لا محالة، العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه) رواه مسلم.
ولكن نبينا صلى الله عليه وسلم قد أرشدنا إلى تلافي خطر هذه النظرة حتى ولو كانت بشكل فجائي؛ فعن بريدة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم – لعلي: " يا علي لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى، وليست لك الآخرة ". رواه أحمد والترمذي.
وعن جرير بن عبد الله قال: (( سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجاءة، فأمرني أن أصرف بصري ))، ( رواه مسلم )
قال ابن القيم رحمه الله: «فإن السهم شأنه أن يسري في القلب، يعمل فيه عمل السُّم الذي يسقاه المسموم، فإن بادر استفراغه وإلا قتل ولا بد».
وأما انشغال عقلك بهذه الفتاة فهو من شدة تركيزك عليها، والطريق الصحيح في مثل هذه الحالات هو الزواج الشرعي، وذلك من خلال الخطوات الشرعية الصحيحة، والتعرف على أهلها وإرسال والدتك أو أحداً من أهلك إلى أهلها، فهذا هو الطريق السليم، ففي حديث ابن مسعود في الصحيحين قال صلى اللهُ عليه وآله وسَلَّم: «يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ البَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ» رواه البخاري.
فالزواج هو سبيلك الوحيد إلى تحصين نفسك، والعودة بها إلى ما كنت عليها، وهذا في حال كان سنك ووضعك الاجتماعي يسمح بالزواج، وأما إن كان وضعك غير مناسب لمشروع الزواج، فمن الأفضل أن تقوم بقطع أي علاقة معها، وأن تتحاشى اللقاء بها نهائياً، أو أن يجمعكما مكان واحد، فذلك خير لك وأبقى.
وأن تركز على دراستك ومستقبلك وتفوقك الدراسي، واحذف كل الأفكار والخيالات التي تتعلق بهذه الفتاة، واستعن على ذلك بكثرة الصيام، والدعاء أن يصرفها الله عنك، وتصرف بشكل طبيعي، وكن مسيطراً على انفعالاتك الداخلية.
أسأل الله أن يغنيك بالحلال، ويوفقك في دراستك ويجعلك من الناجحين، اللهم آمين.