أعاني من ضعف التركيز وعدم الاستيعاب منذ زمن
2017-10-16 02:03:18 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أعاني من مشكلة كبيرة جدا، فأنا لا أكتسب الخبرة من أي شيء، وأعاني دائما من النسيان، والتشتت، والسرحان، والبطء الشديد بالفهم، وضعف التركيز الشديد، أنسى الأشياء سريعا على الرغم من مشاركتي فيها، فمثلا عند الانتهاء من الطعام لا أتذكر ماذا أكلت، أنسى أشياء كثيرة في عملي، بالإضافة إلى أنني كسول جدا، وأكره القراءة، ولا أنمي نفسي أبدا، ولو قرأت شيئا غالبا لا أفهمه، حتى القرآن لا أفهم منه شيئا، وأنا بطيء جدا في القراءة.
موظف وأعمل منذ 15 عاما، وأشعر دائما بمجاملة من حولي، نظرا لمعاملتي الحسنة لهم، ولكن الحقيقة أن هناك زملاء بسن أصغر ولكنهم أفضل مني في العمل، خبرتي ضعيفة، ولم أكتسب أي خبرات جديدة، ولا أملك كما يقال باللهجة العامية المصرية (الفهلوة)، لدي عيوب عديدة، فأنا شخص متردد، وكثير السرحان، ولا أستطيع أن أكون صاحب قرار، دائما أرجح قرار الشخص الموجود أمامي، وآخذ رأيه بأنه الصواب، وأنصاع للغير.
خلال أول وظيفة لي قام مديري بإبلاغ أهلي أنني بطيء الفهم والاستيعاب، وأنني عديم الثقة بالنفس، ودائما أشعر بالجهل، أعمل في مجال من المفترض أن يكون لدي خبرات معينة فيه، ولكنني لا أملك الخبرات المطلوبة، وأنا لا أنمي نفسي بالقراءة، ودائما ما يضحك علي الناس بسبب قلة خبراتي وجهلي، وزملائي الأصغر أفضل مني.
حكم الناس علي بأنني صغير ولست مصدر ثقة في العمل، وأنني شخص جبان ولا أستطيع إدارة الأمور، وأنا بالفعل كذلك، يوميا أسمع الكثير من الأحداث والكلام ولكنني لا أستوعبه إلا باليوم التالي، والكثير من الكلام يوجه لي ولا أفهمه، وأرد بشكل خاطئ، وأندم وأؤنب نفسي لو أنني قلت كذا وكذا.
متزوج ولدي أبناء، وللأسف من كبر منهم لديه المشاكل التي أعاني منها، ولا أدري ماذا أفعل لنفسي وأولادي؟ فأنا شخص غير قادر على تحمل المسؤولية، شخص متردد وأخاف من الأمور، ولا أملك حسن التقدير لأي شيء، وحكمي على الأشياء دائما سطحي.
لا أحب الحياة، فأنا لم أحقق ذاتي في العمل، ولست من الناس الذين يُنادى لهم لتحمل مسؤولية أي شيء، وفي معظم الأحيان أنا متوتر وغير مرتاح، وحتى عندما أنام واستيقظ لا أشعر بالراحة، ولا أشعر بأنني نمت، لا يمكنني حل مشكلاتي ولا تطوير نفسي.
تناولت عدة أدوية بالسنوات الماضية، مثل: سيروكسات، ورسبردال، وتيبونينا، وأدوية أخرى، ولكنها ليست حلا لمشكلتي، ولا أحب أن أصنف نفسي بأنني مريض نفسي، وأنني لا بد أن أعيش بعلاج نفسي، حاليا أتناول فيتامين ويلمان.
لا يمكنني التركيز، ومثال على معاناتي، عندما أعمل على مكتبي ويكون هناك أحد الزملاء يتحدث بالمكتب المجاور لا يمكنني التركيز معه، وحينما يسألني عن كلامه وأقول بأنني لم أركز، يقهقه من الضحك مع بقية الزملاء.
وصلت إلى مشارف الأربعين ولا تطور في شخصيتي، مشاكلي تكبر معي، عملي يعتمد على التخطيط وأنا لا أجيد التفكير في أي شيء، أنسى التواريخ كثيرا، مثال: تاريخ خطبتي وميلادي وغيرها.
زوجتي تعاني معي بسبب النسيان، والتردد، وعدم وجود أي تخطيط لأي شيء من جانبي، فأنا دائما ما أعتمد على الغير لقضاء الأمور والمتطلبات.
ساعدوني وشكرا لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا على ثقتك في إسلام ويب.
أيها الفاضل الكريم: من خلال اطلاعي على رسالتك الذي استنتجته أنك تعاني من إجهاد عامّ، إجهاد نفسي، ويظهر إجهاد جسدي كذلك، وأنت لست مرتاحًا لضعف استيعابك، وأن شخصيتك ليست جيدة وقوية على المستوى الذي تُريده، وحقيقةً مثل حالتك هذه في علم النفس والسلوك نعتبرها نوعًا من ضعف تقدير الذات، وهذا يُسبب مشكلة كبيرة للناس، معناه أن الإنسان لا يثق في مقدراته، لا يُقدِّر نفسه التقدير الصحيح، وهذا يجعله دائمًا يحسُّ بالانهزامية وتقلُّص الدور الاجتماعي وقلَّة المهارات.
المفترض أول خطوة علاجية هي أن تثق في مقدراتك، وأنك لست بأقلَّ من الآخرين، هذه هي النقطة الأولى.
النقطة الثانية: تأمَّل وفكّر في إيجابياتك، وهي كثيرة -أخي الكريم- فأنت رجلٌ صاحبُ أسرة، وصاحب عمل، إذًا لديك دور، لديك دور اجتماعي حقيقي تقوم به، فلا تُقلِّل أبدًا من شأن نفسك.
النقطة الثالثة هي: أن تُقدِّر نفسك التقدير الصحيح، تعرف إيجابياتك، وتعرف سلبياتك، وتسعى لتنمية الإيجابيات وتقلِّص من السلبيات.
النقطة الرابعة: المثابرة وصدق النيَّة، والنيّة الصادقة تعني العزم والقصد، هذا في كل شيء، أي شيء تريد أن تُنفِّذه لا بد أن تعقد نيَّة قوية وصارمة، وأن تكون حازمًا مع نفسك.
تكرار المحاولات مطلوب، وأقرب مثال في تكرار المحاولات هو أدسون الذي اكتشف الكهرباء، يقال أنه حاول أكثر من ألف مرة، وفي المرة السبعمائة انفجر مختبره واحترق، لكنّه لم يتوقف، حاول وحاول وحاول حتى أضاء لنا ليل الدنيا، ومثال ذلك أيضًا محاولات الأمريكان والروس في الصعود إلى الفضاء ونزولهم القمر واكتشاف الفضاء، وغير ذلك من المحاولات والاختبارات والتجارب التي أفادت الدنيا واستفاد منها الإنسان وتطور العلم من كل النواحي.
فإذًا الإصرار والمثابرة والمحاولة وتكرار المحاولة وتصحيح الأخطاء في المحاولات السابقة يصل بالإنسان إلى النجاح، ومهم جدًّا أن الله تعالى قد حباك بالمهارات، وقد حباك بالطاقات، قد تكون مختبئة أو متعطِّلة، كل إنسانٍ مِنَّا فيه إبداعات أوجدها الله فينا، مجرد أن تُحسن نيتك وتُصِرّ على الإنجاز فإنك سوف تتغير، قال تعالى: {إن الله لا يُغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم}.
أخي: أنصحك بشيءٍ مهمٌّ جدًّا، وهو: أن تجعل لنفسك يوميًا مهمَّتين يجب أن تقوم بهما، يوميًا، هذا في خلال الشهر الأول، وفي الشهر الذي يليه اجعلها ثلاث مهام، وهذه المهام ليس من الضروري أن تكون ضخمة، مثلاً أن تزور صديقًا، أو تزور أحد أرحامك، أو تزور مريضًا في المستشفى، أو تذهب مثلاً إلى مناسبة فرح، أو إلى عزاء وتشييع جنازة... هذه مهام، ومهامٌّ مهمَّةٌ جدًّا، فلا بد أن تُنجز مهمَّة على هذه الشاكلة يوميًا.
والمهمَّةُ الثانية التي يجب أن تُنجزها هي أن تمارس الرياضة، رياضة المشي، على الأقل تحتاج أن تمشي لمدة خمسة وأربعين دقيقة يوميًا وهكذا، في الشهر الذي تليه تزيد من مهامك، بهذه الكيفية تتغيَّر، والتغيير يأتي منك أنت.
أمرٌ آخر وهو أهمية التواصل الاجتماعي، التواصل الاجتماعي مهمٌّ جدًّا، ويجعل الإنسان أكثر قدرة على الثقة في نفسه.
تلاوة القرآن الكريم بتدبُّرٍ وتمعُّنٍ تُحسِّن من التركيز، وقد قال الله تعالى: {واذكر ربك إذا نسيت}، وقال: {ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم}، وقال: {واذكروا الله كثيرًا لعلكم تفلحون}.
واحرص على صلاة الجماعة، والمحافظة على أذكار الصباح والمساء، والأذكار الموظفة، ستجد أنك أصبحت شخصا آخر، شخصا يُحب الله ورسوله، ويُحبُّه الله ورسوله، نحسبُ ذلك والله حسيبنا، وهو نعم المولى ونعم الحسيب.
وأنصحك بإجراء فحوصات عامَّة، هذا أفضل، تتأكد من مستوى الدم لديك، ووظائف الغدة الدرقية، ومستوى فيتامين (ب12)، وفيتامين (د)، لأن أي خلل في هذه المكونات ربما يؤدي إلى نوع من الإنهاك الجسدي والنفسي.
أنت محتاج لدواء واحد يُحسِّنُ من مزاجك ومن فعاليتك، ويُسمَّى (فلوكستين)، ويسمَّى تجاريًا (بروزاك)، وفي مصر يُسمى (فلوزاك)، تناوله بجرعة كبسولة واحدة يوميًا لمدة ستة أشهر، ثم توقف عن تناوله.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.