أفتقر إلى الجراءة في مواجهة المواقف قبل استعداد نفسي مسبق
2017-10-16 03:25:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا شاب عمري 23 عاماً، أعاني من عدة مشاكل قد تكون نفسية وقد تكون مترابطة، ملخصها فيما يلي:
طبعي خجول ولدي قلق بسيط ببعض أموري الحياتية، وأخشى أن أتكلم بحضور الناس، وأتفادى مخالطة المجتمع فأبقى منعزلا في بيتي، وليس لدي أي صديق حقيقي.
وأعاني كثيراً وفي السنة الأخيرة، خصوصاً من كثرة النسيان وعدم التذكر حيث وصل الحد إلى أنني أدخل على المتصفح وأريد شيئا فإذا دخلت نسيت ما أريده، وكذلك محادثاتي القريبة مع الأشخاص منذ أقل من الأسبوع أكاد لا أتذكر شيئا منها نهائياً.
وقدرتي على التركيز في الدراسة ضعيفة، وعندما أتحدث مع شخص يبدأ السرحان وأفكر في أشياء لا علاقة لها مع موضوع حديثنا، ولا أستطيع تتبع ما يقوله، وأرتبك عندما أنظر لأي شخص وأجد نظره لي، ولا أستطيع أن أنظر في عين المتحدث معي، وطالما أخفض البصر حتى أمام طفل، علماً بأني عندما أكون في سباق علمي وأنني سوف أتكلم أمام الجميع -في حصة دراسة مثلاً أو عرض موضوع أمام الجميع-، أستعد نفسياً لهذا وأتعوذ بالله من الخجل والجبن، وأقوم بهذا العمل بتوفيق، غير أنني أود أن أقوم بهذا العمل طبيعياً ودون سابق استعداد نفسي، فاعرضوا علي حلولاً لهذه المشاكل حتى أتخلص منها نهائيا، فأنا مستعد نفسياً لكي أغير نفسي.
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أخي: حسب وصفك لحالتك فإنك تعاني ممَّا يُعرف بالقلق التجنبي، وهذا هو الذي أدَّى إلى نوع من الانحسار والانزواء الاجتماعي، لكنّه ليس مزعجًا، والدليل على ذلك أنك يمكن أن تؤدي اجتماعيًا بصورة ممتازة إذا قمتَ بالاستعداد، وكل إنسان محتاج أن يستعدَّ لما سوف يقوم به، يحتاج أن يُحضِّر، يحتاج أن يُبرز نفسه، والقلق هنا مطلوب، ونعتبره طاقة إيجابية جدًّا.
فيا أخي الكريم: لا تعترض على منهجيتك، أنت تريد أن تكون الأمور سلسة أكثر، هذا نتفق معك فيه، وهذا يتأتَّى من خلال: الإكثار من التدريب، والإكثار من المواجهة، علماء النفس يقولون أن التعريض مع منع الاستجابة السلبية هو الحلّ لمثل هذه الحالات.
فيا أخي: أكثر من هذا التعرضُّ وهذا التعريض للمواقف الاجتماعية، صلِّ مع الجماعة في المسجد خاصة في الصف الأول، هذا نوع من التعريض والتعرُّض الإيجابي جدًّا، خمس مراتٍ في اليوم، وتلقائيًا سوف يضمحل القلق والتوتر.
أخي الكريم: احرص على تعابير وجهك ولغتك الجسدية ونبرة صوتك، هذه لا بد أن تكون إيجابية، ومفعمة بالاقتدار والكفاءة، هذه أمور مهمَّة جدًّا وأساسية.
تمرين آخر - أخي الكريم -: احرص أن تبدأ بالسلام على الناس، اجعل لذلك برنامجا، قم بزيارة بعض الناس، حتى تبدأ أنت بالسلام، واعلم أن تبسُّمك في وجوه إخوانك صدقة.
أريدك - أخي الكريم - أن تكون فعّالاً على النطاق الأسري، الأسرة هي النواة الاجتماعية الأولى، والإنسان إذا كان فعّالاً في أسرته ولم يكن مهمَّشًا ومُنزويًا يستطيع بعد ذلك أن ينفتح على المجتمع، والانفتاح على المجتمع وبناء الشبكات الاجتماعية الفاعلة وجده علماء السلوك أنه الآن من أفضل السبل التي ترتقي بصحتنا النفسية، فيا أخي الكريم: اجعل لنفسك نصيبًا من هذا.
الالتزام بالضوابط الاجتماعية، وتلبية المناسبات الاجتماعية أيضًا مهمّ ومهم جدًّا.
أخي الكريم: كثرة النسيان ناتجة من القلق وليس أكثر من ذلك، فأرجو أن تمارس الرياضة، وتلاوة القرآن تُحسِّنُ من التركيز، والنوم الليلي المبكر أيضًا يُحسِّنُ من التركيز، وعليك بالدراسة في فترة الصباح بعد صلاة الفجر، ادرس لمدة ساعة إلى ساعتين، هذه الساعة في الصباح بعد الفجر خاصةً تُساوي ثلاث أو أربع ساعات في بقية الأوقات، هذا أمرٌ مثبتٌ تمامًا، لأن في البكور بركة، وقد سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- الله تعالى أن يُبارك لهذه الأمة في بكورها.
أخي: لا أراك محتاجًا لعلاج دوائي، إذا طبَّقت ما ذكرته لك أعتقد أنك سوف تخطو خطوات إيجابية جدًّا، وأنصحك أيضًا - أخي الكريم محمد - أن تقرأ عن الذكاء العاطفي أو الذكاء الوجداني، لأنه يُعلِّمنا كيف نتعامل مع أنفسنا ومع الآخرين بصورة إيجابية، وكيف نقبل ذواتنا وأنفسنا ونقبل الآخر، كُتب كثيرة جدًّا كُتبتْ عن الذكاء العاطفي، أفضلها كتاب (دانيل جولمان) الذي كتبه عام 1995، وهو رائد هذا العلم، لكن توجد أيضًا كتب أكثر بساطة في المكتبات.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.