بعد أن تم قبولي في التخصص الذي حلمت به، أفكر في تغييره!
2017-11-06 23:23:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالبة جامعية في سنتي الأولى بتخصص الهندسة المعمارية، لكن بصراحة أفكر أن أحول تخصصي، مع أنه كان دائما بالنسبة لي حلم الطفولة، ولكن للأسف أشعر أنه كابوس، فالأول أريد أن أقول لكم قصتي حتى قُبلت فيه؛ لأني ما دخلته بسهولة، لا أريد أن أقول دخلت بواسطة لكن حدثت معي ظروف سببت لي تأخير بتقديم الطلب، لكن دخلت على أكثر من مكتب بالجامعة وشرحت لهم ماذا حدث معي، بالنهاية قرروا يمنحوني فرصة، يومها شعرت بفرحة لا توصف، ووعدت الله أني أبذل كل جهدي بهذا التخصص، لكن للأسف منذ شهرين وأنا مداومة فيه أشعر بعدم راحة، وكآبة شديدة لدرجة دفعتني بالتفكير في تحويل التخصص!
أخبرت أمي وصديقاتي المقربات وقالوا لي أنهم يدعمونني مهما كان قراري، بصراحة وقتما أتخيل نفسي بتخصص آخر أشعر براحة نفسية، لكن في نفس الوقت عندما أتذكر أني ممكن أترك الهندسة المعمارية أحزن وأختنق، والسبب أنه كان دائما حلمي من أكثر من 6 سنوات، وأنا من كنت مصرة على دخوله، مع أني حصلت على معدل عال يدرسني تخصصات أعلى منه حتى، وعندما أتذكر الذين منحوني الفرصة، وكذلك من أراهم يوصونني بالاجتهاد في التخصص أختنق، وأريد أن أبكي وأقول لهم سامحوني، أشعر بأني ضائعة، والله لا أنام ولا أرتاح، والأسوأ أني أهملت دراستي من فرط التفكير في الموضوع
أعتذر على الإطالة، أرجوكم ساعدوني، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ رنا حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك – أختي الفاضلة – وأشكر لك تواصلك وحسن ظنك بالموقع، سائلاً الله لك تعالى أن يوفقنا لما يحب ويرضى، ويرزقنا سعادة الآخرة والأولى.
- لاشك أنك تعانين من القلق الذي اعتاد أن ينتاب الكثير من المقبلين على الدراسة الجامعية واختيار الأنسب للتخصص الدراسي لهم، ولا شك أن التخصص الدراسي له أثر كبير في مستقبل الطلبة والطالبات وتوفير الأمن الوظيفي له، فينبغي أن يعتمد على معايير علمية صحيحة تراعي مواهب الطالب وشخصيته ونفسيته، ومدى قابليته واستعداده العلمي والعملي وميوله وقدراته، وحاجة المنطقة والبلاد لهذا التخصص، والحذر من التدخُّل الخاطئ من الأسرة أو الأصدقاء بفرض الاختيار عليه بناءً على رغباتهم ونظراتهم وخيالاتهم وعاداتهم، حيث لا يخفى تأثير ذلك سلبياً على الطالب في تثبيطه أو إلحاق الفشل والخذلان له، إلا أن لاستشارة أهل الخبرة والتجربة منهم فائدة كبيرة لا تخفى.
- وأما عن الاستمرار أو التغيير للدراسة في الهندسة المعمارية، فإن هذا لا يعتمد على ميولك ورغباتك فحسب، وإنما على قدراتك وإمكاناتك أيضاً، فإن علمتِ وآنست من نفسك اجتماع الأمرين:
الميول والقدرات، فالذي أنصحك به هو الاستمرار على هذا التخصص، ويمكنك تجاوز مشاعر الكآبة والضيق بالرقية الشرعية، وذلك بالمحافظة على قراءة القرآن، وأذكار الصباح والمساء، واللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، وبالترويح عن النفس كلزوم الصحبة الطيبة، ومتابعة عادة القراءة والبرامج المفيدة، وزيارة الأهل والأصدقاء، كما أن هذه المشاعر قد تزول بعامل الوقت والانشغال في الدراسة، والمراجعة مع زميلات التخصص، لاسيما مع ما يسهم فيه من توفر عامل ميولك ورغباتك فيها.
- وأما إن كانت مشاعر الكآبة والضيق بسبب صعوبة الدراسة مثلاً أو لغيرها من الأسباب المادية الواضحة والمثبّطة، فلا مانع من تغيير التخصص إلى تخصص آخر يتناسب مع ميولك النفسية وقدراتك العقلية والعلمية.
- ومن المهم هنا تذكيرك بأن التردد والضيق في بدايات الأمور عامة، وفي اختيار التخصص الدراسي خاصة ظاهرة معروفة، لكن يجب عدم الاستسلام لذلك، فأدعوك إلى التحلي بعامل الثقة بالنفس والحزم والعزم والتصميم وقوة الإرادة، مع حسن الظن بالله تعالى، والتحلي بالأمل والطموح والتفاؤل والثقة، وطرد وساوس النفس والأوهام.
- كما ينبغي بصدد تعزيز الثقة بنفسك وتحصيل التفوق والنجاح والإحساس بالفاعلية، بل والتميز أيضاً، التحلي بحسن الظن بالله تعالى والثقة به، وتنمية الإيمان بملازمة الطاعات والأذكار وقراءة القرآن، حيث لا يخفى ما لذلك من أثر حسن في استمداد عون وتوفيق الرحمن، والشعور بالراحة والاطمئنان، وطرد وساوس النفس والهوى والشيطان، قال تعالى: (ومن يؤمن بالله يهدِ قلبه)، وقال سبحانه: (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، وقال جل شأنه: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون).
- ولتحذري – حفظك الله – من وساوس توهم عدم القدرة على النجاح، فإن استرجاع الثقة والطاقة والحيوية والتحصيل الدراسي، يحتاج لعوامل التحلّي بالشجاعة ومرور الزمن وتعزيز الثقة فحسب، كما قال تعالى: (ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين)، وأن تطرحي مخاوفك جانباً، وتتغلبي على شكوكك، وتطردي الأفكار السلبية، وتصفي ذهنك، وتتحرري من القلق والشعور بالضعف.
- ومن المفيد هنا أيضاً الحرص على ممارسة هواياتك المحببة لديك، والرياضة، والقراءة، والدخول في تنافس مع نفسك ومع غيرك فإن (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف) رواه مسلم.
- فاستعيني بربك وتوكلي عليه وتيقّني بقدرتك على النجاح وتحقيق غاياتك وأهدافك النبيلة والجميلة، وفي الحديث: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف... احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) رواه مسلم.
- وخير ما أوصيك به في اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء، متحيّنة أوقات الإجابة، حيث قال تعالى: (وقال ربكم ادعوني استجب لكم)، (وإذا سألك عبادي عنّي فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعانِ).
- أسأل الله لكِ التوفيق والسداد، وأن يلهمك الصبر والثبات، وحسن الظن بالله، والثقة بالنفس والخير والهدى والصواب والرشاد.