مللت من الوسواس القهري، فكيف أتغلب عليه؟!
2018-03-27 02:55:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
الموت أفضل لي من مرض الوسواس القهري، فمنذ مدة طويلة وأنا أعاني منه، للأسف ذهبت لأطباء كثر، وأعطوني كل الأدوية، انافرانيل وفافرين وغيرها بجرعة كبيرة، لكن لا يوجد تحسن، فهل يوجد حقا علاج أو حقنة لهذا لمرض؟ مللت من حياتي، الوسواس القهري شديد للغاية.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
الوسواس القهري بمعناه المعروف يمكن أن يُعالج، وأستطيع أن أقول لك إن نسبة النجاح تعتبر تسعين بالمائة، وهذه نسبة كبيرة جدًّا في الطب، قد لا نجدها في الأمراض الأخرى.
الإشكال أن العلاج يفشل إذا لم يكن متكاملاً، وأقصد بتكامل العلاج الدوائي، زائدًا العلاج النفسي، زائدًا العلاج الاجتماعي، زائدًا العلاج الإسلامي. ولابد أن يكون المعالِج والمعالَج على درجة عالية جدًّا من الالتزام، كلٌ يقوم بدوره، الطبيب يُقدِّر مريضه، يحترمه، يكون أمينًا وصادقًا معه، يخلص في الجلسات النفسية، والمريض يُطبِّق ما يُوجهه إليه الطبيب.
هذه - أخي الكريم - هي المبادئ المهمَّة، وأنا أعرف أنك مُدركٌ لها، لكن وددتُّ أن أؤكد عليها، لأن كثيرا من مرضى الوساوس يقنعهم الوسواس نفسه بعدم جدوى العلاج، ولذا تجد أن هنالك تردُّدا وتنقُّلا بين الأطباء، فأنا أريدك أن تكون مع طبيبٍ واحدٍ، ولا تتنقَّل بين الأطباء.
العلاجات الدوائية لها فنياتٍ مُعيَّنة، هنالك الوسواس العادي، هنالك الوسواس المُطبق، وهنالك الوسواس المقاوِم للعلاج، وهذا له فنيات مُعيَّنة، على سبيل المثال أنا وجدتُّ أن عقار (إرببرازول) والذي يُسمَّى تجاريًا (إبليفاي)، يُضاف إليه عقار (بروزاك)، و(فافرين)، هي من أنجع وأفضل العلاجات، لكن هذا يجب أن يكون تحت إشراف طبي. وجدنا أيضًا أن جرعة كبيرة من عقار (رزبريادون) مع جرعة كبيرة من عقار (فافرين)، هذا يؤدي إلى نتائج كبيرة، بشرط أن تكون هنالك تطبيقات سلوكية تقوم على مبدأ: تحقير الوسواس، وفك الارتباط الشرطي، والتنفير.
على النطاق الاجتماعي - أخي الكريم - من المهم جدًّا أن يشغل الإنسان نفسه، الوسواس يتصيّد الناس من خلال وجود الفراغ الذهني والفراغ الزمني، وعليه يُعتبر أمر التواصل الاجتماعي مهمٌّ جدًّا، وبناء شبكة اجتماعية ممتازة، وأن يجتهد الإنسان في عمله، وأن يطلع ويقرأ ويكتسب معلومات، والقيام بالواجبات الاجتماعية، وحسن تنظيم الوقت، ووضع خططٍ مستقبلية لإدارة المستقبل... هذه - أخي الكريم - كلها علاجات وعلاجات مهمَّةٌ جدًّا.
وعلى الصعيد الإسلامي والعلاج بالالتزام الديني: أول ما يلتزم به الإنسان ما نصح به الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة الذين اشتكوا له من الوساوس، وقطعًا أنت على دراية بالحديث الذي ذُكر فيه أن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - اشتكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوساوس، لدرجة أن أحدهم قال للرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه: (والله لزوال السموات والأرض خير لي أن أتحدَّث ممَّا يأتيني في نفسي)، وكان هذا هو الوسواس، فكانت نصيحة الرسول صلى الله عليه وسلم بأن يقول: (آمنت بالله) ونصحه بالانتهاء وعدم الخوض في الوسواس وعدم الاسترسال بقوله (ثم انتهي)، والانتهاء هنا يعني ألَّا تناقش الوسواس، أن تحقِّره، أن تتجاهله.
أخي الكريم: من المهم الإكثار من الاستغفار، والصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، والاستعاذة بالله من الشيطان، والأخذ بالمعوذات الثلاثة (قل هو الله أحد)، (قل أعوذ برب الفلق)، (قل أعوذ برب الناس)، وأن يحرص على الإنسان على تلاوة القرآن والدعاء، والذكر على الدوام، خاصة أذكار الصباح والمساء... هذه علاجات مهمَّة وتؤدي إلى حياة طيبة، قال تعالى: {من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياةً طيبة}.
إذًا لا يأس، ولا قنوط، ويا أخي الكريم: لا تتمنَّى الموت لضرٍّ أصابك، فعلك تكون مُحسنًا فتزداد إحسانًا، أو مُسيئًا فتستعتب وترجع وتتوب، وإن كنت لابد فاعلاً ومتمنِّينًا الموت فقل: (اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي).
أخي الكريم: الوسواس يُعالج، ويُعالج بصورة فاعلة جدًّا، أرجو أن تتقدَّم لعلاجه مع طبيبٍ واحدٍ تثق فيه، وأخونا الدكتور (وائل أبو هندي) من أفضل الأطباء الذين يُعالجون الوسواس القهري في مصر.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.