هل أترك أخويّ المعاقين وأتزوج؟
2018-09-30 08:06:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم أقم بطرح مشكلتي أبدا، ولكنني أرى في موقعكم أهلا لطرح مشكلتي وإرشادي إلى فعل الصواب.
أنا فتاة أبلغ من العمر 29 عاما، مشكلتي أن لدي أخوين من ذوي الاحتياجات الخاصة وهم لا يستطيعون خدمة أنفسهم أبدا، أبي وأمي كبار في السن وصحتهم ليست جيدة بما يكفي للاعتناء بأخوي المعاقين، أخواتي اللاتي أصغر مني تزوجن، أنا الكبرى ولكني إلى الآن لم أتزوج؛ لأني لا أستطيع ترك أخويّ بدون معين أو معيل.
سبق أن جربت تركهما عند أخي المتزوج، ولكنني فوجئت بآثار حروق على جسديهما، وعرفت أن زوجة أخي قامت بذلك، بعد هذه الحادثة لم أوافق على أي خاطب كان يأتي، كنت أدعو الله كثيرا أن يرزقني رجلا صالحاً يقبل أن يأخذني وأخويّ.
رأيت أناس كثيرة ساعدت أناس لا تعرفهم وقلت يمكن أن يمن الله علي برجل صالح يقبل أن يعيش أخوي معنا، وأنا لن أقصر في مسؤولياتي تجاهه أبدا، ولكن إلى الآن لم يأتي ذلك الرجل، كل من حولي يقولون لي لا يوجد رجل كهذا، تزوجي لقد كبرتي، ولكن كلما نظرت إلى أخويّ كرهت فكرة الزواج، بل صغرت في عيني الدنيا كلها، لا أستطيع تركهما ورائي والذهاب لبدء حياة جديدة.
إذا ذهبت إلى السوق لعمل ضروري أعود أجدهما ينتظران أن أطعمهما، وكذا سائر أمورهما، ولا يوجد أحد غيري يهتم بهما. والداي مريضان وكبيران في السن ولا قدرة لهم على الاهتمام بأخويّ.
أنا محتارة في أمري، أشعر بأنني سأكون أنانية جدا لو فكرت بالزواج وتركهما ورائي على أمل أن يتغير الزوج ويقبل بوجودهما معنا مستقبلا، وكلما كنت أفاتح الخاطبين بأمر أخويّ كانوا يذهبون بلا عودة.
هل عندما أنتظر رجلا يريد الأجر والثواب ويعينني على العناية وتربية أخويّ المعاقين العاجزين هل أنا أحلم! هل أنا كما تقول صديقاتي أعيش في الأحلام وأجني على نفسي؟
أنا عندما أمرض أو أتعب ليوم أو يومين أجد أخويّ لا زالا بلا طعام أو دواء، ولم يتلقى أي اهتمام لا من قريب ولا من بعيد، كيف أتركهما وأتزوج؟!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ إسلام حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أختنا الكريمة، ورداً على استشارتك أقول:
إن موضوع زواجك يرجع تقديره إليك، هل تستطيعين الصبر والعيش بدون زوج أم لا؛ لأن حالة إخوانك باقية ما بقوا أحياء، أما مسألة أنك تنتظرين الزوج الذي سيقبلك أنت وإخوتك في بيت واحد فهذا يندر أن تجديه.
الأصل عدم قبول أي زوج لمثل هذه الحالات إلا أن يشاء الله سبحانه وتعالى، ولكني أرى أن هنالك حلا وسطا، وهو أن تتزوجي بحيث يكون سكنك بالقرب من إخوتك أو في نفس العمارة بحيث تتمكنين من القيام بخدمتهم، وهذا يكون بالاتفاق مع من سيتقدم لك.
من الحلول الممكنة أن تنظري في إمكانية وضع إخوانك في بعض الدور الحكومية المعدة لمثل هذه الأغراض وتبقي تتعاهدينهم ما بين الحين والآخر وبهذا تجمعين بين الزواج وتعاهد إخوتك.
الأمر الذي يبعث على الأسى هو تخلي بقية إخوتك عن والديهم وإخوتهم المعاقين وتركهم لك تذوقين معهم مرارة الحياة، وكان الواجب أن تتقاسموا الهموم سويا فيما بينكم.
أرشدك إلى أن تحتسبي الأجر عند الله سبحانه، وأن تلهجي بالدعاء بين يدي الله سبحانه أن يبعث لك رجلا يتفهم وضعك ووضع أسرتك ولو كان معددا، فذلك خير من أن تبقي وحدك تصارعين وتكابدين الحياة.
أذكرك أن هنالك عددا من الفتيات آثرن حياة العزوبة من أجل البر بآبائهن أو لرعاية إخوانهن ويعشن في سعادة غامرة، لكن تقدير ذلك يرجع إلى المرأة نفسها، وإن كان داعي الفطرة سيبقى يؤرقها ويحزنها ما بين الحين والآخر، والأمر كما ذكرت لك سابقا يحتاج إلى صبر ومجاهدة وعدم الالتفات لكلام الناس، أو التأثر به ومن يتصبّر يُصبّره الله والحياة أنفاس معدودة، ثم تنقضي والنعيم الباقي هو ما عند الله تعالى.
أكثري من الاستغفار والصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم- فذلك من أسباب تفريج الهموم، ففي الحديث الصحيح (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
أكثري من تلاوة القرآن الكريم، وحافظي على أذكار اليوم والليلة، فذلك سيجلب لقلبك الراحة والطمأنينة، يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ ۗ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
وثقي صلتك بالله تعالى، واجتهدي في تقوية إيمانك من خلال الإكثار من العمل الصالح، فذلك من أسباب جلب السعادة، يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖوَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
نسعد بتواصلك ونسأل الله تعالى لك التوفيق.