زوجتي تعاني من اضطراب الاضطهاد (بارانويا)، ما نصيحتكم؟

2018-10-08 04:38:28 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

زوجتي تعاني من اضطراب الاضطهاد (بارانويا) طبقا لآخر تشخيص من طبيب نفسي، ومنذ خطبتها ولأكثر من 10 سنوات وأنا أعاني من ظنونها وشكوكها، وتدهور علاقاتها المستمر مع الجميع دون تمييز، حتى من أفراد أسرتها أنفسهم من أب وأم.

مع الولادة المتكررة ازداد الوضع تدهوراً ولم أحتمل العيش معها بالغربة، تدهورت الأمور مؤخراً، واتجهنا للطب النفسي.

حيث دخل الاكتئاب إلى حالتها، وأدى بها إلى أعراض تحولية عنيفة، وبحمد الله تعافت منه في خلال 8 شهور من العلاج، باستخدام لوسترال .

مع نهاية علاج اللوسترال تحدث معها الطبيب ومعنا، ومن المواقف الأخيرة اتضح أنها تعاني من البارانويا، وحذرنا من عدم وجود شخص معها، ومع الأولاد في نفس البيت، ووصف علاجاً يؤدي إلى النوم، وهي ترفض الفكرة تماماً، ومصرة على إيقاف اللوسترال، وعدم الدخول في أي أدوية، لأنها ترى نفسها مستقيمة، ولا تعاني من أي شىء آخر.

أنا قلق على أولادي ال 4 من عمر عام إلى 9 أعوام، وأفكر جدياً في الفصل بينهم، والاستعانة بأهلها لتقيم عندهم دون أولادي حتى تتحسن حالتها، لأني في إجازاتي ألاحظ خللاً، واضحاً في تعاملها مع الأولاد، والتمييز بينهم فضلاً عن عدم قدرتها على ضبط إيقاع حياتهم من نوم أو أكل أو غيره.

أرجو المشورة في أمر فصل الأولاد عنها تسهيلاً لمهمة أهلها في علاجها؛ لأني أخشى أن يؤثر القرار سلباً عليها، وفي نفس الوقت أعلم أن استمرار الوضع الحالي سيدمر أولادي حتماً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

جزاك الله خيرًا على ثقتك في إسلام ويب، وأسألُ الله تعالى لزوجتك الفاضلة الشفاء والعافية.

أيها الفاضل الكريم: مرض الـ (بارانويا) قطعًا هو علَّة نفسيَّة رئيسية، لكن بفضل الله هو أحد الأمراض التي تستجيب للعلاج بصورة ممتازة، وفي ذات الوقت لا يؤدي إلى تدهور أو تفَّتت في شخصية المريض، ولا تُنقص من مقدراته المعرفية، وهذا مهمٌّ جدًّا.

العلاج هو دوائي في المقام الأول، لكن أتفق معك أن كثير من هؤلاء المرضى لا يتعاونون أو لا يرغبون في تناول الدواء اعتقادًا منهم أنهم ليسوا بمرضى، وحقيقة: إنكارهم لوجود المرض وافتقادهم البصيرة في هذا الشأن هو أحد المعايير التشخيصية، فما يصدر من زوجتك الكريمة هو المسار الطبيعي لهذا المرض.

أنا أقول لك – أخي الكريم – أن العلاج موجود، والحمدُ لله تعالى هذه السيدة رزقك الله تعالى منها الولد، ولا شك أنها في حالة يجب أن تُحسن إليها، وتساعدها، وتكون بجانبها، والعلاج كما ذكرتُ لك متوفر.

بالنسبة لموضوع الأولاد: قطعًا قد تكون هنالك تأثيرات تربوية سلبية، وقد لا تكون. وجود المرض في حالة نشطة هذا أمرٌ لا نرغب فيه، لأنه بالفعل لن يعطيها؛ أو لن تكون ذات كفاءة نفسية عالية لتربية أولادها.

الذي أودُّ أن أقترحه عليك – أخي الكريم – أن تتركها مع أولادها، لكن تستجلب أحد قريباتها (والدتها، أختها، خالتها) أي إنسانٍ يجلس معها خلال هذه الفترة، فترة غيابك، وفي ذات الوقت يجب أن نقنعها بتناول الدواء، وخيرُ وسيلة في حالة زوجتك هي أن تتناول الإبر قوية المفعول، هنالك مضادات ممتازة للذهان تُعطى مرة كل أسبوعين، أو ثلاثة أو أربعة، والاستجابة لها ممتازة جدًّا.

إذاً يُبذل جُهدًا لإقناعها لتناول العلاج، وحين تجد أن العلاج قد أصبح مختصرًا في شكل إبر (مثلاً) سوف تتناوله، وتجاربنا الحمدُ لله تعالى إيجابية في هذا الموضوع.

دع الشخص الذي تثق فيه هي يتكلَّم معها حول العلاج، ولا نقول لها أنك مريضة أو متوهمة، كل الذي يُقال لها: (إنك تعانين من شيء من الإجهاد النفسي، والمرض ليس بعيب، وهذا المرض سوف يتعالج، والعلاج سوف يؤدي إلى تحسُّنٍ في مزاجك، وتحسِّين بارتياحٍ أكبر...) وبهذه الطريقة يمكن إقناعها.

أمَّا – يا أخي الكريم – إذا كان من الصعب جدًّا ألَّا تجد أحدًا يكونُ معها، في هذه الحالة ربما يكون من الأفضل أن تترك الأولاد تحت إشراف شخص آخر وتدخل هي المستشفى لتلقي العلاج الداخلي، ودخلوها المستشفى سوف يكون عظَةٍ كبيرة لها بأهمية العلاج ومواصلته.

هذا هو الذي أقترحه، وبارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.

www.islamweb.net