أمر بدوامة من اليأس والاكتئاب.. أرشدوني
2018-11-15 10:36:07 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
بارك الله فيكم، وجعل عملكم هذا في ميزان حسناتكم.
هذه أول مرة لي أشارك فيها مشكلة، أو شيئا من حياتي الخاصة على الشبكة العنكبوتية.
أنا شاب في الـ24 من العمر، أصلي، وإيماني قوي بالله تعالى، مررت في عمري بكثير من الإخفاقات، وكثير من النكبات، لم أنجح في دراستي، ولم أسع ولم أجتهد في أي شيء، ولم تكن عندي الرغبة لعمل شيء، لم يتسنى لي في صغري أن أحلم أو أن أضع هدفا أصل إليه، بل بقيت هائما لا أدري ما أفعل، وإن فعلت، لا أكمل شيئا.
لطالما كنت خجولا أفكر في إجاباتي وكلامي مرارا قبل أن أنطق بها، أصدق أي شيء بقلب طيب ونية صافية، وأحاول أن لا أجرح أحدا بكلامي، أضع نفسي دائما محل المتلقي لكلامي وأسعى لأن لا أجرح أحدا.
مررت في دوامة يأس واكتئاب شديدين طوال سنوات بسبب انفصالي على فتاة كنت أحبها بكل صدق، وكنت عازما على خطبتها ريثما تتوفر الظروف المادية، لكنها اختارت من له منزل علي، بل لم تفكر حتى مرتين في الأمر، اختارته بدون تردد.
هاجرت لأوربا قاطعا البحر على مركب هجرة غير شرعية لأعجل بتحسين ظروفي وظروف عائلتي، لكني ما لبثت إن كرهت البقاء هناك وأحسست أن هذه الفرصة التي يحلم بها الآلاف من الشباب لا أستحقها، استخرت ربي، ثم استشرت والدي، ثم رجعت إلى بلادي.
لقد كنت أنانيا بحق عائلتي إذ كان من المفترض لي أن أضحي لتحسين ظروفهم، إذ أننا من متوسطي الدخل -والحمد لله- وأنا الابن البكر إذ من المفروض علي أن أضمن مستقبل إخواني الـ4.
لا أدري ما الذي ألم بي من كساد وكسل، فأنا لا أعرف من أي طريق أمضي، ولا من أي طريق أسلك، ضعت ولم أجد السبيل لأجد ذاتي وهدفي في الحياة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سهيل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك أخي الكريم، ونسأل الله أن يصلح حالك، والجواب على ما ذكرت..
- بداية ما أنت عليه من جوانب الصلاح من إيمان بالله، وصلاة، وحسن خلق، والنية الصافية في التعامل، كل هذه العوامل عوامل خير يمكن أن تكون سببا في تحسن حالك، وتغيره إلى الأفضل.
- الإخفاقات التي مررت بها أو أنك لم تضع لك هدفا في الحياة، أو أنك لم تنجح في دراستك، وغير ذلك مما ذكرت، كل هذا ينبغي أن تنساه وأن لا تفكر فيه، ولست وحدك الذي وقع في ذلك، بل هناك الكثير ممن حدث لهم ما حدث ذلك، ولكنهم سعوا وغيروا من حالهم، فلا ينبغي أن تظل رهينا لذلك الماضي، حبيسا بما فيه من آلام وإخفاقات الماضي قد فات، وتذكر أحزانه لن يفيدك شيئا سوى أنك تظل متشائما قاعدا عن إصلاح حالك، ولهذا دع الماضي كله بما فيه، وابدأ مشوار حياتك من جديد، يعني جدد حياتك..
- وحتى تصلح من حالك عليك بداية أن تكثر من هذا الدعاء "اللَّهُمَّ رَحْمَتَكَ أَرْجُو، فَلَا تَكِلْنِي إِلَى نَفْسِي طَرْفَةَ عَيْنٍ، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ" رواه أبو داود.
- ثم عليك أن تشارك في دورة تدريبية في التخطيط الاستراتيجي، وتكوين الأهداف في الحياة، واستعن بمن تعرف من الصالحين الذين يمكن أن يدلوك على ذلك.
- عليك أن تسعى في تحسين دخلك المادي بسبب شرعي بتقوى الله تعالى، وكثرة الاستغفار، والكسب الحلال، والصدقة، والعمل من الصباح الباكر، أو بسبب كوني قدري بأن توجد فرص عمل أخرى، وأن تتعلم مهنة جديدة يمكن أن تحسن من دخلك.
- أمر النفقة على نفسك وإخوانك هذا شعور منك بالمسؤولية، وبعد أن تبذل كل الأسباب لتحسين دخلك، واصبر، ولكن إذا لم يتحسن دخلك فليس عليك إثم في هذا، {ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.
- وأما موضوع تلك الفتاة التي تعرفت عليها، ثُمَّ تزوجت بغيرك، فأقول لك كان الأولى بك أن لا تكون أي علاقة مع تلك الفتاة، فهذا محرم شرعا، والحب الذي يكون قبل الزواج حب فيه أوهام وكذب في الغالب، وهذه الفتاة التي اختارت غيرك قدر الله أنها لم تكن من نصيبك، وهي اختارت حياتها كما تشاء، ولا تستحق منك التفكير بها الآن، بل عليك أن تعاملها بالمثل وتنساها وكأنك لم تعرفها من قبل، واستعن بالله واسأله أن يرزقك زوجة صالحة.
- وأخيرا لا داعي للقلق والشعور بأنك صرت عاجزا وكاسدا، لا تجعل هذا الأمر يسيطر عليك؛ لأن هذا الشعور يجعلك في حالة من الإحباط والضعف، وأنت مؤمن بالله تعالى، وترضى بقضائه وقدره، فعليك تعلم أن الله قادر على أن يغير حالك إذا لجأت إليه وتقربت إليه بالعمل الصالح، ثم إن تشغل نفسك بكل نافع ومفيد، وأبشر بخير بإذن الله.
وفقك الله لمرضاته.