أتوهم المرض وأُشعر نفسي أنني مصاب به.
2019-01-06 08:01:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لكم مني جزيل الشكر لما تقدموه من إرشادات نفسية.
حياتي انقلبت جحيما بسبب الخوف من الإصابة بمرض الفصام، والتفكير الدائم بأنني سأصاب به في القريب العاجل، أو أنني مصاب به ولا أعلم؛ لأن مريض الفصام لا يكون مستبصرا بمرضه.
المشكلة أنني قرأت عن الفصام كثيرا في مواقع الإنترنت لكي أطمئن نفسي أنني شخص سليم العقل، ولكن حدث العكس، كل ما قرأته أصبح لا يفارق مخيلتي، وأطبقه على نفسي حتى وصل الأمر بي إلى أن أشاهد وأسمع وأشم أشياء من الواقع، تراودني فكرة خبيثة، تقول لي: أنت فقط من تشاهد وتسمع وتشم هذا وهذا، توهم مثلما يحدث مع مرضى الفصام، ولكن أنا أعلم ومدرك أنني أعيش الواقع مثل الأشخاص سليمي العقل، وأي صوت أسمعه أذهب لأتأكد من مصدره هل هو حقيقي أو توهم مثل توهم مرضى الفصام.
عندما أكون مع أصدقائي كثيرا ما أسألهم هل شاهدوا وسمعوا مثلما شاهدت وسمعت، وتكون إجابتهم بنعم مثلي، ولكن تطورت معي أفكاري الحقيرة لدرجة أنني أكون مع أصدقائي فتقول لي نفسي: أنت لوحدك، وأنك تتوهم مثلما يتوهم مريض الفصام.
أعراضي الحقيرة كلما قرأتها في الإنترنت أتذكرها في حياتي اليومية، سأعطيكم أمثلة عن معاناتي، قرأت أن مريض الفصام عندما ينظر في المرآة يتوهم بأن وجهه وجه كلب -أعزكم الله-، وصاحب المقالة واضع صورة وجه كلب على المرآة، فأصبحت أخاف النظر في المرآة ليس اعتقادا مني بأنني سأرى وجهي على شكل وجه كلب، أنا أعلم أن هذا خرافة، ولكن مباشرة عندما أنظر في المرآة أتذكر الصورة التي رأيتها الخاصة بوجه الكلب.
كذلك قرأت أن مريض الفصام عندما يضحك أي شخص يظن أمامه أنه يضحك عليه، فأصبحت عندما يضحك أي شخص أتذكر ما قرأت، أنا أعلم أن الشخص الذي يضحك لا يقصدني، وأيضا أن مريض الفصام يرى اسمه مكتوب على لوحة الترقيم الخاصة بالسيارات، فأصبحت أخاف من رؤية لوحات ترقيم السيارات لدرجة أنني أحيانا أغمض عيني لكي لا أرى اسمي، أنا أعرف أن هذه خرافة لا أساس لها من الواقع، ولكن أجد في مخيلتي اسميا مكتوبا، أي إنسان يستطيع أن يتخيل اسمه مكتوب، أرجو أن تفهم قصدي جيدا.
وقرأت أن مريض الفصام يشعر بأن أشخاصا يلمسونه، حدث أن ركبت الحافلة ركب بجانبي شخص أنا أعلم أنه لم يلمسني، ولكن أتذكر فقط.
نأتي الآن إلى النوم، لا أنام جيدا، وسرعان ما أستفيق، وفي مخيلتي أشياء وكلمات قرأتها عن توهمات مريض الفصام، أعطيكم مثالا أستفيق مفزوعا من النوم على كلمة مثل سأقتلك، أو الو، أو رنين هاتفي، ليس طول الوقت، مجرد أن تأتي في ذهني هذه الأصوات أستيقظ وأستغفر الله، لا أعلم هل هي أصوات حقيقية أو توهمتها كما يتوهم مريض الفصام؟ هل أنا مريض بالفصام؟! أرجو الرد.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخ الفاضل/ Tahari حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، استشارتك استشارة مهمة جداً، لأنها بالفعل تتعلق بأمر ضروري ومهم في الطب النفسي والصحة النفسية، أنت لا تعاني من مرض الفصام، وليس لديك أي مؤشرات على أنك تعاني من مرض الفصام، هذا حقيقة يجب أن أؤكدها لك في بداية الأمر.
أنت تعاني من مخاوف وسواسية تتعلق بالإصابة بمرض الفصام، والاسترسال والاستحواذ واضح جداً، وهذه سمة من سمة الوسواس، دخلت في تفاصيل كثيرة قرأت عن الأعراض، أخذت الأشياء التي تكتب بحروف صغيرة جداً حول مرض الفصام، هذا الذي ذكرته كله يثار في الأفلام، ومرض الفصام ليس بهذه الطريقة التي ذكرتها، ومرض الفصام حوله كثير من الاختلاف، وهنالك من علماء الطب مثل أرديلينك وطوماس ساس هم من أكبر علماء الطب النفسي، قد أنكروا وجوده تماماً وأنه مسمى ألصقه البعض ببعض أعضاء المجتمع استضعافاً لهم وأخذهم ككبش فداء، ولننظر إلى أنفسنا على أننا نحن الأصحاء وهم المرضى، ربما يكون كلاماً فلسفياً لكنني شخصياً معجب به.
أيها الفاضل الكريم :لا أريد أن أعقد عليك الأمر، بكل بساطة أنت لديك مخاوف الوسواسي حول الفصام وليس لديك مرض الفصام، وهذا يجب أن تعالجه، أولاً يجب أن توقف قراءتك واطلاعاتك هذه عن الفصام، مرض الفصام يتطلب جهدا كبيرا ليفهمه الإنسان، وأقول لك بكل تواضع أنا الآن أمارس الطب النفسي منذ 36 عاماً أو 37 عاماً، كل يوم أضيف معلومة جديدة حول مرض الفصام، فأرجو أن تحرر نفسك من هذا الفكر، بأن تحقره ولا تتشعب فيه من خلال كثرة القراءة والاطلاعات وسوء التأويل الذي تلجأ إليه، حين تأتيك هذه الفكرة الملحة خاطب الفكرة، قل لها: أنت فكرة حقيرة لن أهتم بك، أنا بخير وأسأل الله تعالى أن يحفظني من كل شر، بهذه الكيفية أيها الفاضل الكريم تستطيع أن تتعايش مع نفسك في أمان وسلام.
أنصحك أن تذهب إلى طبيب نفسي، بل أنصحك أن تتناول أدوية مضادة للمخاوف الوسواسية، عقار فافرين سيكون دواءً مثالياً في حالتك، والجرعة هي أن تبدأ بـ 50 مليجرام ليلاً بعد الأكل لمدة أسبوعين ثم تجعلها 100 مليجرام ليلاً لمدة أسبوعين آخرين ثم تجعلها 200 مليجرام ليلاً وهذه الجرعة العلاجية في حالتك تستمر عليها لمدة أربعة أشهر، ثم تنتقل إلى الجرعة الوقائية بأن تتناول 100 مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم تخفضها إلى 50 مليجرام ليلاً لمدة شهراً ثم 50 مليجرام يوم بعد يوم لمدة شهراً آخر ثم تتوقف عن تناوله، وتضيف إليه الدواء الداعم وهو الرزبيرادون الذي أنصحك بأن تتناوله بجرعة صغيرة جداً وهو 1 مليجرام ليلاً لمدة شهرين، أدوية سليمة وبسيطة وفاعله بإذن الله تعالى.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.