توجيهات بشأن دعوة الأقارب
2005-07-21 11:24:05 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أنا ملتزم ـ هكذا يقال عني ـ ولكني أريد هداية إخوتي وأبي ولا أعرف ما أفعل؟ كل ما تكلمت معهم جعلوا أصابعهم في آذانهم، أرجو إعانتي وإنزال هذه المشكلة على السيدي القادم لو تكرمتم.
مع جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عمر محمد خالد .. حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد:
فنسأل الله العظيم أن يجعلنا سبباً لمن اهتدى، وأن يلهمنا رشدنا، ويعيذنا من شرور أنفسنا، وأن يرزقنا الإخلاص في أحوالنا وأفعالنا.
فكم نحن سعداء بك وبأمثالك يا عمر الخير، وهكذا يخرج الإسلام الشباب المؤمن الحر الأمين، كما قال الشاعر:
شباب لم تحطمه الليـــــالي *** ولم يسلم إلى الخصم العرينا
إذا شهدوا الوغى كانوا كماةً *** يدكون المعاقل والحصــــونا
وإن جن المساء فلا تراهــــم *** من الإشفاق إلا ساجدينـــــا
هكذا أخرج الإسلام قومــــي *** شباباً مؤمناً حـــــــــراً أمينا
وعلمه الكرامة كيف تبنـــى *** فييأس أن يهون ويستكينـــا
وزادك الله حرصاً وكثر في شبابنا من أمثالك.
ولا شك أن الدعوة إلى الله هي أشرف المهام وأعظم الأعمال، {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ}، وهي تطيل الأعمار وتجلب رضا الغفار، ولأن يهدي الله بك رجلاً واحداً – أو امرأة – خير لك من حمر النعم، والمسلم إذا ذاق حلاوة الإيمان يتمنى لو أن الناس نالوا ذلك الخير؛ فهو يحب لإخوانه ما يحبه لنفسه، ولا نجاة للصالحين إلا إذا كانوا بعد الصلاح مصلحين، {وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ}.
وقد أحسنت بمحاولتك واجتهادك في هداية أسرتك؛ فإن الله قال لنبيه صلى الله عليه وسلم: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} فهم أولى الناس بكل معروف وخير، وأعظم صور البر والوفاء هو دعوتهم والعمل على إخراجهم من الظلمات إلى النور، والإسلام دين عظيم ورسالةٌ جميلة لكنه يحتاج إلى الإخلاص والاجتهاد وحسن العرض والصبر على المدعوين خاصة إذا كانوا من الآباء والإخوان؛ فالإسلام دعوة لكسر الأوثان وصلة الأرحام.
ومما يعينك على أمر دعوتهم - بعد توفيق الله - ما يلي:
1- التوجه إلى الله والدعاء لأهلك، فإن القلوب بين إصبعين من أصابع الرحمن يصرفها كيف شاء.
2- الإخلاص لله فإن الله ينفع بكلام المخلصين.
3- اختيار الأوقات المناسبة والألفاظ اللطيفة.
4- حسن المدخل ويكون ذلك بذكر محاسن المدعو في البداية مثلاً.
5- اعتماد أسلوب الدعوة الفردية.
6- التفريق في أسلوب دعوة الوالدين عن غيرهم، فإن الإنسان إذا نصح والديه أو دعاهما إلى الله ينبغي أن يكون في غاية الأدب وقمة اللطف، كما فعل الخليل إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وقد ذكر الله خبره في سورة مريم: {يَا أَبَتِ...}
7- عدم نصحهم أثناء وقوع المخالفات خاصة إذا كانوا مجتمعين؛ لأنه قد يشوش أحدهم على الموعظة ويتابعه الآخرون مجاملة.
8- اعتماد أسلوب السر في النصح وأحسن من قال:
فإن النصح بين الناس لونٌ من *** التوبيخ لا أرضى سماعه
فإن خالفتني وعصيت أمري *** فلا تجزع إذا لم تعط طاعــة
ومن نصح أخاه سراً فقد نصحه وزانه، ومن نصح أخاه جهراً فقد أذله وشانه.
9- من الضروري أن يشاهدوا عليك علامات الالتزام وصفات المؤمنين مع ضرورة إظهار الشفقة عليهم والحرص على هدايتهم.
10- عدم إظهار الأستاذية والتعالي عليهم؛ لأن هذا يجعل الشيطان يحرضهم على رد دعوتك وإساءة عشرتك.
11- ضرورة التنويع في أساليب الدعوة، واستخدام كافة الوسائل المتاحة؛ كما فعل نبي الله نوح الذي دعا قومه ليلاً ونهاراً، وسراً وجهاراً، وأعلن لهم وأسر لهم إسراراً، قال القرطبي: يعني دخل إلى بيوتهم، ودعاهم سراً لما رفضوا دعوة العلانية.
12- الحرص على التدرج في دعوتهم ونصحهم؛ فمن الضروري أن تكون البداية بالمعاصي الكبيرة مع حرص على غرس شجرة الإيمان والخوف من الرحمن في نفوسهم حتى يكون الإخلاص نابعاً من الداخل.
13- البداية بالأقرب إلى الهداية ليكون عوناً لك.
14- ضرورة إنزال الوالد منزلته والإحسان إليه ومشاورته وتذكيره بدوره وأثره، وكذلك الوالدة، ونحن مطالبون بالإحسان للوالدين حتى لو كانوا كفاراً؛ فكيف إذا كانوا من أهل الإسلام مع شيء من الغفلة.
15- عدم اليأس والإصرار على مواصلة الدعوة، وطلب الأخيار لزيارة المنزل خاصة إذا كانوا أصحاب وجاهة وحكماء في دعوتهم، مع ضرورة مشاورة الأخيار من قرابتك في مسيرة الإصلاح.
والله الموفق.