أخشى أن أفصل من الجامعة بسبب تدني درجاتي وأخفي ذلك على والدي.. ماذا أفعل؟
2019-01-16 08:48:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أنا طالبة في السنة الأخيرة في الجامعة، وأحلم بأن أحصل على شهادة جامعة بمعدل عال، أدرس دائما وأجتهد وأتعب كثيرا، لكن لا أعلم لماذا أفشل دائما في كل شيء، في الدراسة والعمل وحتى في الزواج، (مع أنني ملتزمة في صلاتي)، وأحيانا أقيم الليل، وأدعو الله أن يوفقني أو يستجيب دعواتي، لكن لم تتيسر لي حاجة واحدة منذ أن كنت صغيرة حتى الآن.
يتقدم لي العديد من الأشخاص للزواج لكنني أرفض، لا أرى فيهم ما يرضي الله ويرضيني، وأنا أدعو الله منذ زمن بأن يرزقني شخصا أرى فيه كل ما يرضي الله ويرضيني حتى أكون سعيدة.
قبل أن أدخل الجامعة قال لي والدي: إذا كنت تريدين دراسة الجامعة أريد منك أن تكوني الأولى، وإذا قصرت في شيء سوف أخرجك من الجامعة ولن أدعك تكمليها، وسوف تتزوجي رغما عن أنفك.
كنت خائفة جدا من كلامه، سجلت في الجامعة، أسعى وأجتهد أثناء الدراسة، لكنني أفشل وكل علاماتي ليست عالية، ولا أعلم لماذا؟ وحين يسألني عن علاماتي أكذب عليه وأقول علاماتي عالية خوفا منه، ولا أريده أن يحزن هو وأمي.
الآن لا أعلم ماذا أقول؟ وصلت لمرحلة صعبة جدا في الجامعة، حيث وضعت تحت المراقبة بسبب معدلي، وأخاف أن أفصل، أشعر بخوف شديد، أدعو الله أن ينجيني من هذه المصيبة، وأن يحفظ سري، ولا يحرمني من فرحة التخرج، أقسم بالله أنني أتمناها من قلبي، ولا أريد أن أخسرها.
الغريب أكثر أن كل من حولي وفقهم الله، رغم أنه لا أحد فيهم يصلي، ويعملون بالسحر، ويحسدون الناس كثيرا، ويتكلمون على الناس بالكذب، يتمنون زوال النعمة من الناس لتكون لهم فقط، وكل أمورهم ميسرة، الجميع تزوج إلا أنا، ويتمنون من الله أن أبقى بلا زواج حتى يبقوا سعداء، أنا لا يهمني أحد لا حاسد ولا ساحر؛ لأن الزواج بيد الله وحده لا شريك له، وكل ما يهمني أن ينجيني الله من هذه المصيبة، ويحفظ لي سري، ولا يحرمني من فرحة التخرج، وأن لا أنكشف أمام أهلي حتى لا يحزنوا، لقد ضاق قلبي، لم يعد هناك أي سبيل سوى أنني أدعو الله.
هل لك أن تساعدني، هل هناك دعاء معين أدعو به، هل هناك سورة معينة أقرأها حتى ينجيني الله؟ أنام وأنا خائفة، وأقوم من النوم وأنا خائفة من أن يكشف أهلي أمري ويجعلني أترك الجامعة، أدعو الله وما زلت خائفة.
ساعدني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ آلاء حفظها الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فمرحبا بك -ابنتنا وأختنا الفاضلة- في موقعك، ونشكر لك الاهتمام والرفقة في التفوق وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يبلغك مقصودك ويحقق لك الآمال، وأن يطيل لنا ولك في طاعته الآجال، وأن يملأ قلوبا بالثقة فيه، ويهدينا لأحسن الأخلاق والأعمال.
أسعدتني جدا رغبتك في التفوق، وأفرحني بذلك للمجهود، وأنتظر رضاك بما يقدره الكريم الودود، فاثبتي على ما أنت عليه من الحرص، وأصلحي ما بينك وبين الله ليصلح الله لك الأحوال، وتسلحي بالصبر، فإن العاقبة لأهله، واشكري الله على ما أولاك من النعم لتنالي بشكره المزيد.
استمري في الدعاء، وتنبهي لقول النبى -صلى الله عليه وسلم-: "يستجاب لأحدكم ما لم يدع بأثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل، قيل يا رسول الله وما الاستعجال؟ قال يقول: قد دعوت وقد دعوت فلم أر يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويترك الدعاء"، واعلمي أنه ما من مسلمة تدعو الله بدعوة إلا أعطاها الله بها إحدى ثلاث:
1- إما أن يستجيب الله لها.
2- إما أن يدخر لها من الأجر مثلها.
3- إما أن يصرف عنها من الشر النازل فأنت رابحة في لجوئك إلى الكريم الوهاب في كل الأحوال، ونحذرك -يا ابنتنا- وكل الصالحات من التضجر والاعتراض على عدم الإجابة، واستمعي إلى ما قاله أبو الفرج ابن الجوزي صاحب زاد المسير عن أدب السلف في دعائهم، حيث قال: "كانوا يسألون الله فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه، فيقول: مثلك لا يجاب، أو يقول: لعل المصلحة في أن لا أجاب، وكم من فتاة تطلعت إلى الارتباط بشاب، وحالت إرادة العظيم أن لا يتم الزواج؛ لأن في ارتباطها به ضياع دينها ودنياها، وكم من إنسان سأل الله مالا فلم يعط؛ لأنه لو أعطى لضيع دينه وقطع رحمه وأفسد في الأرض، ومن هنا قيل ما يختاره الله لنا أفضل مما نختاره لأنفسنا.
وجاء قول عمر -رضي الله عنه- لو كشف الحجاب لما تمنى الناس إلا ما حصل لهم وقدر، أما عمر بن عبد العزيز فقال: "كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار".
أما قولهم مثلك لا يجاب ففيه معنى مهم، وأريد أن أقف معك حوله وقفات؛ لأن فيه معنى المراجعة للنفس، وللخطط وللمقاصد، وهذا أمر في غاية الأهمية، وعليه أرجو أن:
1- أن تستمري في الدعاء بإلحاح ويقين وصدق مع الله.
2- أن تقدمي بين يدى الدعاء الاعتراف والثناء على الله بما هو أهله، ثم تصلي على النبي -صلى الله عليه وسلم- ثم ترفعي حاجتك إلى الله قاضي الحاجات، ثم تختمي بالصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-.
3- أشغلي نفسك بما عليك من المذاكرة والاجتهاد وتنظيم الوقت، ولا تضيعي وقتك في التفكير في الرسوب، وموقف الأهل وبقية الأمور التي لم تأت، ونسأل الله أن يكتب لك الخير ويخرجك مما أنت فيه.
4- ابتعدي عن القلق الزائد والخوف الزائد فإنهما أشياء تضيع الوقت، وتقعد عن القيام بالمطلوب، والإنسان عليه بذل الأسباب ثم التوكل على الكريم الوهاب.
5- تعوذي بالله من شيطان همه أن يحزن أهل الإيمان، وثقي بربنا الرحمن وتفاءلي بالخير تجديه، وظني بربك خيرا.
6- اجعلي تركيزك في المذاكرة على الأشياء المهمة، وأعط جسمك حقه من الراحة وحظه من النوم.
7- تذكري أن كلام الوالد دافعه الحب لك والخير، وسوف يقف معك في كل الأحوال، ونحن آباء ونشعر بمكانة أبنائنا والبنات.
8- أجلي موضوع الزواج وتواصلي مع موقعك بعد الفراغ من الامتحان لنضع معك النقاط على الحروف، وثقي أن في الزواج الخير وأنك صاحبة القرار، وأن دورنا جميعا ما هو إلا دور توجيهي وإرشادي.
9- أسلوب التهديد من الوالد لم يكن صحيحا، وإخفاؤك للحقائق كانت معالجة للخطأ بخطأ أكبر، فغفر الله له ولك ولنا جميعا.
10- الذي وفق من حولك سوف يوفقك، ونعمه علينا وعليك كبيرة، فلا تغتمي لكلام أحد، ولا تحزني لما تشاهدينه عن الذين حولك، واحمدي الواحد الأحد على ما ميزك به، واشكريه لتنالي بشكره المزيد.
11- الكون هذا ملك لله، ولن يحدث فيه إلا ما أراد، والسحرة والكهنة لا يملكون لأنفسهم فضلا عن غيرهم ضرا ولا نفعا، فتوكلي على الله، ونامي قريرة العين بعد أن تقومي بما عليك، فالذي يفرج الهموم هو الله، فتعوذي به من الهم والغم والعجز والكسل وسوء المنقلب.
وهذه وصيتنا لك بتقوى الله، ثم بكثرة اللجوء إليه، ونسال الله أن ينجحك ويسعدك ويستر عليك ويثبتك، ويوفقك لما يحب ويرضي.