الخيانة الزوجية .. أسبابها وكيفية تجنبها
2005-08-10 11:35:58 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أريد الإجابة على هذه الأسئلة:
هل الخيانة الزوجية مرض، أم ناجمة عن فشل في حياة الإنسان، أم لها دوافع أنانية خاصة؟
لماذا يلجأ الكثير من الرجال إلى الخيانة الزوجية؟
ما مدى مسئولية الزوجة عن خيانة زوجها؟
ما هي التوصيات لتجنب الوقوع في الخيانة الزوجية؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابن الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يحفظنا جميعاً من الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه، وأن يحفظ أعراضنا وأعراض المسلمين.
فإن الله تبارك وتعالى أمر المؤمنين والمؤمنات بغض الأبصار وحفظ الفروج، واتخذت هذه الشريعة العظيمة عدداً من التدابير الواقية للفرد والمجتمع، فباعدت بين أنفاس الرجال والنساء، وحرّمت الخلوة بالمرأة الأجنبية، وحذرت من الدخول على النساء، وحرّمت الأغاني الماجنة، وصانت الأعراض، وحفظت للبيوت حُرمتها، فشرعت الاستئذان، وأمرتنا أن نفرّق بين أطفالنا في المضاجع، وحضت على الستر والحجاب، وربّت الجميع على الغيرة على الأعراض.
ولكن مما يؤسف له أن بعض الناس لا يراعي هذه الضوابط والآداب، فيقع في فاحشة الزنا أو اللواط، ويخرج هذه الشهوة في غير الطريق الذي أباحه هذا الدين الذي أحل النكاح وحرم السِّفاح.
وإذا وقع الإنسان في الزنا، وتمادى في هذه المعصية، فإن لذته -والعياذ بالله- تُصبح في الحرام؛ لأنه اعتاد أن يُمسي عند عاهرة ويصبح مع أُخرى، وربما تكون زوجته من أجمل النساء لكنه -والعياذ بالله- لا يجد للحلال طعماً، وقد أصاب الله الزناة بالأمراض الفتاكة والأضرار القاتلة؛ فالزنا يُقصِّر الأعمار، ويورث الذلة والافتقار، ويسلب صاحبه اسم المؤمن العفيف؛ ليصبح فاسقاً خائناً، وتكون الزانية موضعاً للقاذورات ومعرضةً نفسها لغضب رب الأرض والسماوات.
وقد وضعت الشريعة أسوأ العقوبات على الزاني المحصن، فجعلت حكمه أن يقتل رجماً بالحجارة حتى يصل الألم إلى كل بقعة في ذلك الجسد الخائن الذي طلب اللذة بالحرام، ووضعت الشريعة الزنا مع المعاصي الكبيرة، مثل الإشراك بالله وقتل النفس التي حرم الله، قال تعالى: ((وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ))[الفرقان:68-69]، وهذه الجرائم كلها جرائم قتل، فالإشراك بالله قتلٌ للفطرة، والقتل إهلاكٌ لهذا الإنسان الذي كرمه الله، والزنا قتلٌ للطهر والعفاف، وخلطٌ للأنساب، ونشر للأمراض، وغرس للبغضاء والعداوات.
والخيانة الزوجية مرضٌ عضال علاجه بالتوبة إلى الله والندم على ما مضى، ولابد من الإسراع في الرجوع إلى الله قبل أن يحل غضب الله فإنه يمهل ولا يهمل، وإذا تمادى الإنسان في هذا الدرب الذي قال عنه ربنا: ((وَسَاءَ سَبِيلًا))[الإسراء:32]، فإنه سوف يُصاب بأمراض وآفات، وسوف يعرض عرضه للخطر، فإن صيانتنا لأعراضنا تبدأ بمحافظتنا على أعراض الآخرين، وقد أحسن الشافعي في قوله:
عُفُّوا تعفَّ نساءكم في المحرم وتجنبوا ما لا يليق بمسلم
إن الزنا دينٌ فإن أقرضته كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
من يزنِ في بيت امرئٍ بألفي درهم يزن فـي بيتــــه بغـــير الدرهـــم
من يزن يزنَ به ولو بجداره إن كنت يا هذا لبيباً فافهم
يا هاتكاً حرم الرجال وقاطعاً سبل المودة عشت غير مكرم
لو كنت حرّاً من سلالة ماجد ما كنت هتاكاً لحرمة مسلم
ولا شك أن هناك علاقة وثيقة بين فشل الحياة الزوجية وبين الوقوع في الفواحش والموبقات، ولكن هذا لا يحدث إلا من ضعاف الإيمان؛ لأن المؤمن يراقب الله، وكل طالب للحلال والعفاف يجد بغيته في زوجة ثانية أو ثالثة أو رابعة، بل إن المؤمن يردعه تقواه لله ويحجزه خوفه من الله وعقابه، وقد يكون لتقصير الزوجة في زينتها وعدم اهتمامها بمظهرها أثر في هذا الأمر، ولكن الرجل العاقل ينصح زوجته ويُهيأ لها ما تتزين به، ويمدحها ويثني عليها عندما تتزين، ويحرص هو أيضاً على أن يتزين لزوجته؛ فهذا حق مشترك بين الرجل وزوجته؛ كما قال ابن عباس: (إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي)، وهذا زمانٌ لابد أن نهتم فيه بالزينة الحلال؛ لأن موجة العري والشهوات عاتية، ولابد كذلك من إبراز العواطف والكلمات الجميلة حتى لا يطلبها الإنسان خارج بيته فيقع في الفاحشة، ونحن لا نستطيع أن نعفي كثير من النساء من المسئولية عن انحراف زوجها؛ لأن بعض النساء لا تهتم بزينتها إلا في الأيام الأولى من زواجها، وبعضهنَّ لا تتزين إلا للخروج والمناسبات، وهذا فيه معاندة ومصادمة لما تريده هذه الشريعة التي تجعل زينة المرأة وجمالها لزوجها وليس للعلوج في الشوارع والأسواق، ولكننا نذكر بأن المسئولية مشتركة، وأن تقصير أي طرف لا يُبيح للآخر الوقوع في الحرام، فإن الله أمر من لم يجد سبيلاً إلى الحلال بلزوم العفة والإكثار من الصيام؛ فإن فيه الوجاء؛ فقال تبارك وتعالى: ((وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ))[النور:33]، فكيف بمن أكرمه الله بزوجة حلال اختارها من بين النساء، وما هو عذر تلك المرأة التي تخون زوجها الذي ارتضته لنفسها وارتبطت معه بميثاقٍ غليظ؟ ومما يعين الجميع على تجنب الخيانة ما يلي:
1- مراقبة الله في السر والعلن.
2- منع الاختلاط في مؤسسات التعليم وإدارات العمل.
3- تشديد الرقابة على وسائل الإعلام وضبط ما ينشر.
4- منع الدخول على النساء لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إياكم والدخول على النساء، فقالوا: يا رسول الله: أفريت الحمو؟ فقال: الحمو الموت)؛ لأنه لا يتهم عند دخوله وخروجه، فتقع الكوارث وتحصل الشرور.
فإن الشيطان حاضر وهو الثالث يزين الشر ويدفع إلى الفحشاء، ويسهل الخيانة.
5- رعاية الضوابط والآداب في لباس المرأة مع الأجانب ومع محارمها، ومنع البنات من الملابس الفاتنة أمام إخوانهن وأعمامهن وفي ذلك منعٌ للإثارة.
6- الانتباه لخطورة القنوات الفضائحية والشبكة العنكبوتية، ووضع هذه الأشياء في صالاتٍ عامة إذا كانت هناك ضرورة لوجودها؛ حتى تسهل علينا مراقبتها.
7- تيسير الزواج وعدم رد الأكفاء.
8- تذكير الموحدين بخطورة إطلاق النظر في الغاديات والرائحات.
والله ولي الهداية والتوفيق.