مشكلة العصبية وعدم القدرة على تحمل الأولاد .. معاناة أم
2005-08-25 14:15:44 | إسلام ويب
السؤال:
أنا أمٌ لثلاثة أطفال: الكبيرة عمرها 6 سنوات، والأوسط عمره 4 سنوات، والأخير عمره 3 سنوات.
مشكلتي هي العصبية، وعدم قدرتي على تحمل الأولاد؛ لأنني أشعر أنهم لا يسمعون كلامي، ولا يفهمونني عندما أخاطبهم لتصحيح أعمالهم الخاطئة، بالعكس لا يسمعون الكلام إلا إذا صحت ورفعت صوتي عليهم، وفي بعض الأحيان أستخدم الضرب، ومع ذلك لا فائدة، صرت لا أحب الخروج من المنزل معهم؛ لأنني لا ألقى منهم سوى النكد، وخاصة عند الأشخاص الذين أذهب لزيارتهم، لذلك أعتكف في المنزل، وهذا أثّر على نفسيتي؛ لأنني أصبحت أشعر أنني أعيش من أجل الطبيخ والغسيل والترتيب من دون أن أرى وجهاً آخر للحياة، وبالتالي صرت مكبوتة ومضغوطة كثيراً، علماً بأنني لا أحب أن أشكي لأي أحد؛ لأنني أشعر أن الناس لا تملك سوى حبها معرفة مشاكل الآخرين والتكلم عنها بمجالسهم.
هذه النفسية المضغوطة جعلتني سوداوية وكئيبة في بعض الأحيان، وأكره الحياة بشكل كبير؛ لأنني لا أجد من الحياة شيئاً سوى الروتين والعصبية.
فما النصيحة التي تقدمونها لي لجعلي أماً مثالية؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الابنة الفاضلة/ Buty حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
نسأل الله العظيم أن يلهمك السداد والرشاد، وأن يحفظك ويصلح لك النية والأولاد، وأن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته.
فإن كثرة حركة الأطفال من علامات نجاحهم في المستقبل بإذن الله، والأصل عند الأطفال الحركة واللعب، وهذه مرحلة مهمة في حياتهم لابد من فهمها والتعامل معها بنفسٍ طويل وصبرٍ جميل، ولكن الكثير من الأمهات الصغيرات يتضايقن من شغب ولعب الصغار، ولا نستطيع المقارنة إلا بعد دخولهم للمدرسة، وعندها سوف نعرف هل الحالة طبيعية أم مرضية؟
وأرجو أن تُغيري طريقتك، وتحاولي مشاركتهم في اللعب وتهيئة الألعاب المناسبة لهم، وتأكدي أنهم يكتسبون مهارات عديدة من خلال اللعب، وليس من المصلحة الحد من حركتهم وحريتهم، وإنما واجبنا فقط يتمثل في إبعادهم عن المخاطر؛ لأن حرمانهم من اللعب يسبب لهم مشاكل في المستقبل ويعطل حركة النمو الشاملة، ولا شك أنهم يتضررون كثيراً من عصبيتك، وقد يتعلموا منك شدة الغضب والصياح، فاجتهدي في التخلص من هذا الداء، وأرجو أن يساعدك الوالد في تربيتهم، وحبذا لو صحب ابنه الأكبر في بعض الأحيان إلى مواطن الخير،وإليك هذه النصائح التي نرجو أن تعينك على أداء مهمتك بنجاح:
1- احرصي على التوجه إلى الله، وعودي لسانك الدعاء لهم، وحذار من الدعاء عليهم.
2- احرصي على زيادة جرعة العاطفة والحب لهم، مع ضرورة العدل بينهم في ذلك.
3- اطلبي منهم مشاركتك في بعض الأعمال، وخاصة تلك الأشياء المتعلقة بهم، أو التي تسببوا في وجودها "كالأوساخ".
4- لابد أن تعرفي أن اللعب ينمي المهارات، ويشعرهم بالذات، وأنه من طبيعة هذه المرحلة، وأن واجبك فقط في تحديد زمانه وتهيئة وسائله ومكانه.
5- يفضل أن يلعبوا إلى جوارك مع شدة الإزعاج، وحاولي الانشغال ببعض الأشياء والإشراف عليهم من حيث لا يشعرون، فإن وجودهم إلى جوارك يوفر لهم الأمن النفسي، وحبذا لو وجدوا منك بعض المشاركات.
6- ليس من المصلحة استخدام الضرب في هذه السن، وعندما نضربهم ينبغي أن نراعي شروط الضرب، والتدرج في استخدام وسائل أخرى بديلة، وقلَّ أن يحتاج المربي الناجح لاستخدام العصا، وأرجو أن تعرفي أن استخدام العصا في غير وقتها ومن غير المراعاة للضوابط يؤدي إلى نتائج عكسية كبيرة.
ومن الضروري كذلك عدم إعلان العجز أمامهم أو في وجود غيرهم؛ لأن ذلك يشجعهم على التمادي رغبةً في الظهور أو لفت الأنظار، وقد تكون الآثار سلبية إذا كان ذلك في وجود من يحبون، فاحرصي على الخروج معهم للتوجيه والنصح، ولا تتخلفي في المنزل، واعلمي أن كل الناس عندهم أطفال وفيهم عيوب، وهذه هي طبيعة الأطفال.
وأرجو أن تستقبلي الحياة بروحٍ جديدة، وأشغلي نفسك بطاعة الله وذكره وشكره، وتعوَّذي بالله من الشيطان.
ولابد أن تعرفي أن عدم خروجك معهم يؤثر عليك وعليهم أيضاً، وليس من الضروري أن تذهبي بهم إلى منازل الناس، ولكن الأفضل لهم هو الذهاب إلى ساحاتٍ واسعة حتى يشبعوا رغبتهم في الركض واللعب، أو الشاطئ مثلاً، مع ضرورة اختيار مكان هادئ ونظيف لا تكثر فيه المخالفات الشرعية، فإن كثرة التعليمات والحبس بين الجدران، وتقييد حريتهم هو الذي عمّق المشكلة، مع أنه في الأصل لا توجد مشكلة.
فاستعيني بالله واصبري، وتذكري أن حاجة الطفل إلى اللعب لا تقل عن حاجته للطعام، وأن الأطفال يصلحهم العطف والعدل بينهم، فجربي هذه الوصفة المقتبسة من هدي نبينا صلى الله عليه وسلم، وشاركيهم في اللعب كما يفعل عليه صلاة الله وسلامه مع كثرة مسئولياته، فكان يصف الصبيان ويكون هدفاً يسبقون إليه فيسقطون على صدره وظهره، فيقبلهم ويضحك عليه صلاة الله وسلامه.
وبالله التوفيق.