زوجتي تعاني من شك مرضي دمر حياتي، فكيف أتصرف معها؟
2020-03-08 01:10:05 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولاً: أسأل الله لكم الأجر على ما تقدمونه للمجتمع من استشارات قد تكون سببا في فرج كربة أحدهم.
أنا متزوج منذ خمس سنوات ولدي ابنة، وعلاقتي بزوجتي تسوء أكثر وأكثر؛ لأنها شكاكة بشكل غير طبيعي، بمجرد خروجي من البيت للجامعة أو لأي مكان فهي تستمر بمراسلتي، وأنني أخونها وأنني كذاب وأن لدي عشيقة، وهذا يجرها لأن تستخدم أسوأ الألفاظ، وتمتنع عن خدمتي كزوج منذ شهر، وفي أوقات تصرخ وتتلفظ بأبشع الألفاظ وترسم قصة في مخيلتها وتصدقها وتحاكمني بها بشكل أقرب للجنون.
يعلم الله أني تعبت من هذه الحالة التي لها سنوات، وأنا لا أحصل على حقوقي من جميع النواحي، وفكرت في الطلاق لكني أفكر بابنتي فأتراجع، فما العمل؟ هل توجد عيادات نفسية تنصحون بها؟ حيث أني سأخيرها بين مراجعتها أو الطلاق، إذا يوجد لديكم مقترحات لعيادات أو مركز استشارات في المنطقة الغربيه فأرجوكم لا تبخلوا علي، فإني في أمس الحاجة للمساعدة.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أبو محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
غيرة الزوجات منتشرة في كثير من الأحيان، ولكنّه لا ينحى منحى مرضي، الغيرة المرضية – أو الشك المرضي – يكون نوعين: النوع الأول هو: شك مرضي والحياة الزوجية تستمر بالرغم من ذلك، ولا يُحدث خللًا في الحياة الزوجية، وإنما تكون هناك بعض المتاعب للزوج.
أمَّا الشك المرضي الذي يأخذ شكلاً ذهانيًّا – أي يكون هذا الشك في شكل ضلالات فكرية عند الزوجة، هي مقتنعة تمامًا، ومتأكدة أن زوجها يخونها، وهذا نوع من الضلالات الفكرية ويصل إلى الاضطراب الذهاني، وهذا النوع من الشك يجب علاجه –أخي الكريم– ولا ينبغي السكوت عنه، يجب أن تُصارحها بأن شكّها أصبح شكًّا مرضيًّا، ولا بد من الذهاب إلى طبيب نفسي.
وفي أحيانٍ أخرى – أخي الكريم – إذا وصل الأمر إلى مرحلة التهديد مثلاً – أو استعمال العنف – فقد يكون الطلاق هو الحل المناسب، ولكن إذا استجابت هي للعلاج وأخذت العلاج – وهو مضادات للذهان – واختفت الأعراض، فيمكن للحياة الزوجية أن تستمر.
فأنا أنصح بالذهاب لأقرب طبيب نفسي – أخي الكريم – ويجب أن تخطرها (تُخبرها) بأنه لا بد لها أن تقابل طبيبًا نفسيًا، لأن الحياة أصبحت لا تُطاق بينكما، ولا بد أن تقابل طبيبًا نفسيًا ليقوم بالكشف عليها، وبالتأكد من أنها فعلاً تعاني من اضطراب ذهاني، لأن هذا النوع – كما ذكرتُ – لا بد من علاجه، وقد لا تستمر معه الحياة الزوجية، ولا تستقيم.
وفقك الله وسدد خطاك.
--------------------------------------------------------
انتهت إجابة: د. عبدالعزيز أحمد عمر -استشاري الطب النفسي وطب الإدمان-،
وتليها إجابة: د. عقيل المقطري -مستشار العلاقات الأسرية والتربوية-.
---------------------------------------------------------
مرحبا بك -أخي الكريم- وردا على استشارتك أقول:
قد يكون الواقع المعيش في بلاد الغرب والتفسخ والانحلال الخلقي من الأسباب التي تزرع في قلوب النساء المسلمات الشك في أزواجهن، وفي هذه الحال يتوجب على الزوج أن يعمق الثقة في نفس زوجته من خلال إشعارها بالأمان وأن يشعرها بأنها هي الوحيدة التي في قلبه، ويشعرها بمقت المتعريات والمتبرجات اللاتي في الشوارع والجامعات.
لا بد من أن تحس الزوجة بأنها هي المتربعة على قلب زوجها بما تحمله من الصفات وأن الأخريات -وإن كن على مقدار من الثقافة والمكانة الدنيوية- فهن لا يسوين شيئا أمام زوجته.
على الزوج إلا يبقى خارج المنزل أكثر من الوقت الذي يحتاجه، لذلك فالبقاء خارج البيت بدون حاجة ضرورية يولد الشك في قلب الزوجة.
البقاء على تواصل مع الزوجة بعد الخروج من البيت والتفقد لحالها وإرسال الرسائل الغزلية والتي يمكن أن يعدها الزوج مسبقا في مذكرة هاتفه ولا يكلفه ذلك وقتا، فهذا يشعرها بتعلقه فيها مما يجعلها مطمئنة.
في حال العودة إلى البيت لا تنشغل بالهاتف والتراسل، فذلك يولد الشك في نفسها وتعتقد أنك تتراسل مع النساء، وفي حال المذاكرة اجعل باب غرفتك مفتوحا ولا تغلق شاشة الكمبيوتر إن دخلت، لأن ذلك يشعرها بأن هنالك أمرا تريد ستره عليه وهذا يجلب لها الشكوك.
اعطها الوقت الكافي للجلوس معها والتحاور والخروج للتنزه في أيام العطلة، فذلك سيهدئ من روعها.
لا تغفل الجانب الإيماني لديك ولدى زوجتك، فذلك دور عظيم في تعزيز الثقة بينكما، فاجعل لنفسك وزوجتك برنامجا عمليا في الأعمال الصالحة كتلاوة القرآن وصيام بعض نوافل الصيام وأداء لصلاة الوتر وبقية النوافل وغير ذلك.
ليكن لكما ورد في تلاوة القرآن الكريم بحيث تكون لكما حلقة يوميا كل يقرأ مقطعا حتى تنتهيا من الورد، مع المحافظة على أذكار اليوم والليلة فالذكر يجلب للقلب الطمأنينة يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
الحياة الطيبة السعيدة لا توهب إلا لمن آمن وعمل صالحا فاجتهدا في ذلك يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
تضرع بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجد وتحين أوقات الإجابة وسل ربك أن يصلح زوجك وأن يذهب الشك والوساوس من قلبها وأكثر من دعاء ذي النون (لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
لا تهمل أن تهدي لها بين الحين والآخر بعض الهدايا ولو أشياء رمزية، فالهدية تعمل عملها في القلوب يقول عليه الصلاة والسلام (تهادوا تحابوا).
الزم الاستغفار وأكثر من الصلاة على النبي -صلى الله عليه وسلم-، فذلك من أسباب تفريج الهموم وتنفيس الكروب؛ ففي الحديث: (مَنْ لَزِمَ الِاسْتِغْفَارَ جَعَلَ اللَّهُ لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا، وَمِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ) وقال لمن قال له أجعل لك صلاتي كلها: (إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ).
عود زوجتك على الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم في حال توارد الشكوك على قلبها، فإن للشيطان مداخل، في هذا الباب والاستعاذة تدفعه -بإذن الله تعالى-.
هذه بعض الموجهات التي أسأل الله تعالى أن ينفعك بها، ونسعد بتواصلك في حال أن استجد أي جديد، والله الموفق.