أعاني من وسواس التحقق القهري والشك الكثير
2020-03-24 05:17:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
اسمي خالد، وأعمل ممرضاً، لدي وسواس التحقق القهري عن طريق الشك، فأكثر الأشياء التي أقوم بها هي التحقق، على سبيل المثال أتحقق من الملابس يومياً وبطريقة غير طبيعية، حيث يجب أن أتأكد من أن تلك الملابس كلها جميع ملابسي خالية من النقود أو الأوراق، ولا أرتاح حتى أتأكد من أنها خالية فعلاً.
في اليوم التالي ينتابني أن تلك الملابس حدث بها شيء ما خطأ، أو أنني لم أتحقق جيداً بالأمس فأقوم وأفحص مجدداً، ومن الممكن أن أقوم بتلك العملية خمس مرات في الأسبوع مثلاً، ولا أوصيك بالإرهاق البدني والذهني، ففعلاً قد تعبت وليست الملابس فقط بل المنطدة والسرير والمكتب والمروحة والشبابيك والباب والسجادة، تلك الأشياء الموجودة في غرفتي، حيث أن تلك الأشياء من الممكن أن أقوم بالنظر إليها لمدة ساعتين مثلاً في قطعة واحدة من الموجودة بالغرفة وأفحصها جيداً، حيث مثلاً درج المكتب لا لأنظر إليه من الداخل وحسب، بل يجب علي خلعه من مكانه والتحقق منه بدقة شديدة، حتى يقول لي ذهني كفى إنه جيد، وإن لم تأتني الفكرة أنه جيد وتم فحصه لا أتركه من يدي أبداً، وينتابني شعور أنني قد تركت نقوداً أو سجائر مثلاً في غرفة من المنزل غير التي أسكن فيها، فأبقى متوتراً طول اليوم، ولا بد أن أفحص هذه الغرفة جزءاً جزءاً، حتى يرتاح ضميري!
أخيراً قد تطور الأمر معي، حيث من الممكن أن أقوم بتمزيق طقم التنجيد في الكراسي أو الكنبة تمزيقاً كاملاً أو مثلاً كسوة السرير حتى تتلف في إسعاد نفسي أنه لا يوجد شيء تحت ذلك الكرسي أو السرير!
أرجو أن تساعدوني، لدي هذا المرض منذ 3 أعوام.
شكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ خالد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأشكرك على الثقة في إسلام ويب، أخي وصفت حالتك بصورة واضحة جداً، وهو بالفعل نوع من الوسواس أو ما يعرف بوسواس التحقق القهري، والوسواس دائماً يقوم على فكر، يعني الأفعال والطقوس والشكوك الوسواسية يسبقها فكر، والفكر تسبقه خاطرة، والوسواس يجب أن يوقف عند بداية الخاطرة وليس بعد أن تتكون الفكرة هذه من أهم العلاجات السلوكية، بمعنى أن تغلق الطريق أمام الخاطرة، لا تجعلها تتحول إلى فكرة، لأن الفكرة ستكون مطبقة وملحة ومستحوذة مما يدفعك للفعل.
إذاً المبدأ الأول هو التحقير والتجاهل، وعدم تحليل الوسواس.
النقطة الثانية: أنا أرى أنك محتاج لأن تسترشد بمعالج نفسي، المعالج النفسي سيطبق المبدأ السلوكي المعروف، والذي يسمى التعريض مع منع الاستجابة السلبية، ستقوم بكتابة كل وساوسك، تبدأ بأهونها أو أبسطها وتنتهي بأشدها، ومن ثم يطبق معك المعالج مبدأ التعريض مع منع الاستجابة.
مثلاً: يطلب منك المعالج أن لا تقوم أبداً بالتأكد من أن جيبك به نقود أو ليس به، لا تقم بذلك أبداً، وسوف يحدث لك نوع من القلق الشديد، وتستمر في نفس الموقف التعرض لهذا دون أن تستجيب، بتكرار مثل هذه التمارين البسيطة سيضعف الوسواس حتى ينتهي.
ربما تقول لي: إن الأمر ليس بهذه البساطة، لا الأمر بهذه البساطة لكنه يحتاج إلى الصبر ويحتاج للتأمل والتدبر في التطبيق، ويحتاج لأن تكون هنالك عزيمة وقصد حقيقي للشفاء، وأن يتم رصد الوساوس واحدا تلو الآخر، ومن العلاجات السلوكية العامة هو الربط مع المنفرات، مثلاً أن تفكر في أي من هذه الوساوس وتربطه مع شيء منفر.
تتذكر مثلاً حادثاً بشعاً أو أي شيء من هذا القبيل، أو تقوم بشم رائحة كريهة وتفكر في الفعل الوسواسي، أو تقوم مثلاً بالضرب بيدك بقوة وشدة على جسم صلب حتى تشعر بألم شديد، وفي ذات الوقت تكون تفكر أو تقوم بالفعل الوسواسي، وتكرر هذا التمرين عدة مرات، التمارين التنفيرية مهمة جداً إذا أخذت بجدية وطبقت بصورة صحيحة.
هنالك أيضاً تمارين إيقاف الأفكار، اجلب الخواطر ثم خاطبها بأقف أقف أقف حتى تحس بالإجهاد، هذا يا أخي الكريم أيضاً تمرين ممتاز، وقطعاً أنت محتاج لعلاج دوائي.
الأدوية المضادة للوساوس كالبروزاك والفافرين مع جرعة صغيرة من الرسبيريادون فاعلة جداً، فيا أخي الكريم اخرج بمجموعة علاجية كاملة، الجانب النفسي الذي تحدثنا عنه، والجانب الاجتماعي، والجانب الدوائي، وأسأل الله تعالى أن يعافيك، وأرجو أن لا تتعايش مع الوسواس، يجب أن تعالجه ويجب أن تتخلص منه، لأن ترك الوسواس دون علاج والتعايش معه وتحمله يفقد الإنسان الاستبصار، ويرى الوسواس كأمر عادي.
بارك الله فيك وجزاك الله خيراً.. وبالله التوفيق والسداد.