أشعر بخوف وأبكي، وحياتي الزوجية غير مستقرة.
2020-04-28 04:02:25 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا متزوجة وأم لطفلة، علاقتي بزوجي غير جيدة ولكنها مستمرة، أغلب الأيام يبات في العمل، وكل طرف منا له غرفة مستقلة، اعتدت على الوحدة منذ فترة طويلة بحكم علاقتنا غير المستقرة، ولكن الآن أمر بحالات خوف وأرق، ولا أستطيع النوم، وأبكي دائما لا إراديا.
الأصوات المرتفعة توترني، أصاب بهيسترية كل ليلة، وأتخيل أني أطعن قلبي بسكين، وأحيانا أضرب على صدري حتى الوجع مع بكاء شديد، ليس رغبة في الانتحار، ولكني أتمنى أن لا أشعر بشيء، أعاقب قلبي على إحساس الخوف وتمني أشياء لن تحدث.
ملتزمة بالصلاة والأذكار وقراءة القرآن يوميا، ولا أرغب في الانتحار، فقط حالي خوف وبكاء.
أرجو الإفادة، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ مي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -أختنا الكريمة- وردا على استشارتك أقول مستعينا بالله:
لم تخبرينا سبب عدم استقرار حياتك، وما نوع المشاكل التي بينك وبين زوجك، فلعل ما تمرين به ناتج عن ذلك، ومعرفة الأسباب يعيننا على توصيف المشكلة ووضع الحلول النافعة -بإذن الله تعالى-.
هل يحصل تصالح فيما بينك وبين زوجك؟
هل تتكلمين معه، أم أنه يدخل البيت ويذهب مباشرة إلى غرفته ويغلق على نفسه؟
إن كنتما تتصالحا، فكم المدة التي تمكثان في تصالح؟ وما الأسباب التي ترجعكما للمشاكل؟
هل تحدث بينكما علاقة حميمية أثناء المشاكل، أم أنه هجران من كل شيء؟
ما أسباب الخوف الذي تمرين به؟
هل هو ناتج عن وحدتك في البيت، أم تأتيك وساوس وخواطر؟
وهل هذا الخوف طوال اليوم أم يكون بالليل؟
متى بدأ هذا الخوف والأرق والبكاء؟
هل كانت هنالك حادثة معينة بدأ بعدها الخوف والأرق؟
هذه أسئلة لا بد لها من أجوبة حتى نتمكن من تشخيص حالتك والإجابة على استشارتك.
ومع هذا فإني سأضع بين يديك بعض الموجهات الضرورية:
- عليك أن تكوني متوكلة على الله في كل أمورك، وأن تتيقني بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك.
- اعلمي أن كل شيء بقضاء وقدر، فكل أمر من أمور حياتك مقدر عليك من قبل أن تخلقي، والإيمان بالقدر جزء من الإيمان كما لا يخفى، ثم إن الله سبحانه قد يبتلي عبده ليرفع درجته ويظهر محبته له، ففي الحديث: : (إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاءِ، وإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاهُمْ، فمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ) فعليك أن ترضي بقضاء الله وقدره وحذار أن تتسخطي، وإلا فالجزاء من جنس العمل.
- المؤمن يتقلب بين أجري الصبر والشكر، كما قال عليه الصلاة والسلام: (عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ).
- عليك ألا تجعلي هذه المرحلة تمنعك من التجمل لزوجك، أو تجعلك تهملين نظافة بيتك، أو القيام بحق زوجك من إعداد الطعام أو غسل الملابس وما شاكل ذلك.
- أوصيك أن تقتربي من زوجك، ولا تجعلي الشيطان يحول بينكما، وخيركما من يبدأ بالكلام والسلام والاقتراب، واطلبي منه أن يمنحك ساعة من وقته للنقاش ومعرفة الأسباب التي تجعلكما في خصومة وهجران، فإنه إن عرف السبب بطل العجب، وأمكن إصلاح الخلل وبضدها تتميز الأشياء.
- اطلبي منه أن ينقدك ويقيم تعاملك، وتقبلي منه النقد، وعديه بأنك سوف تجاهدين نفسك من أجل التغيير، وعليه كذلك أن يعترف بخطئة إن وجد والتقصير إن كان حاصلا.
- لا بد أن تدركا أن بينكما طفلة وتوتر الحياة بينكما سينعكس عليها سلبا، فاتقوا الله فيها.
- البكاء الدائم ووجع القلب يؤشر إلى أنك تعانين من اكتئاب، وهذا الاكتئاب علاجه يكمن بكثرة تلاوة القرآن وذكر الله سبحانه والرضا بما قدره الله تعالى، يقول تعالى: (الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
- الحياة الطيبة لا توهب إلا لمن آمن وعمل صالحا، كما قال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).
- الذنوب والمعاصي من أسباب فساد الحياة، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ) وقال عليه الصلاة والسلام: (وإن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه)، ومن أفضل الرزق الحياة السعيدة.
- أكثري من الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وخاصة حينما تشعرين بضيق الصدر، أو تتخيلين أنك تطعنين نفسك بالسكين، لأن هذه خواطر شيطانية قد تتطور إن لم تدفعيها بالاستعاذة وكثرة الذكر.
- لا تحبسي نفسك في الغرفة حين تشعرين بالضيق والبكاء، ولكن تحركي من المكان الذي أنت فيه، ومارسي أي عمل يلهيك عن تلك الحالة، مع كثرة الذكر والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم.
- تضرعي بالدعاء بين يدي الله تعالى وأنت ساجدة، وسليه أن يلهم زوجك الرشد ويلين قلبه، وأن يؤلف بين قلبيكما، وأكثري من دعاء ذي النون (لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَاْنَكَ إِنِّيْ كُنْتُ مِنَ الْظَّاْلِمِيْنَ) فما دعا به أحد في شيء إلا استجاب الله له، يقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (دَعْوَةُ ذِي النُّونِ إِذْ دَعَا وَهُوَ فِي بَطْنِ الحُوتِ: لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَدْعُ بِهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ فِي شَيْءٍ قَطُّ إِلَّا اسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ).
- لا تكثري التفكير بما تمرين به، واجتهدي في أن تتجاهلي ذلك، وأشغلي نفسك ووقتك بكل عمل مفيد، ومارسي ما يمكن من الرياضة.
- لا تحبسي نفسك في البيت، فاخرجي إلى جاراتك وأهلك وتجاذبي معهن أطراف الحديث، ولو أمكن أن تلتحقي بحلقة لتحفيظ القرآن الكريم، فذلك حسن، وشاركي في الأعمال الاجتماعية على مستوى الحي الذي أنت فيه.
- اجعلي القرآن شغالا في بيتك وبصوت منخفض مسموع، وخاصة سورتي البقرة وآل عمران.
- آمل أن تستفيدي من هذه الموجهات وأن تبدئي بتنفيذها فورا، فإن عجزت عن ذلك فأنصح بزيارة طبيب نفساني حاذق، فلربما أعطاك بعض العقاقير الطبية، وما أنزل الله من داء إلا وأنزل له دواء.
نسعد بتواصلك، ونسأل الله تعالى لك التوفيق.