هل أواصل في تخصصي أم أبحث عن تخصص آخر؟
2020-05-04 02:54:55 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شاب أبلغ من العمر ٢٠ عاماً، ومنذ سنتين تقريباً كنت أجاهد نفسي على الالتزام بالدين والصلاة وترك المنكرات، ونجحت إلى حدٍّ ما ولله الحمد، ولكن للأسف بعد تخرجي من الثانوية لم أحصل على فرصة للدراسة إلا في كلية مختلطة بشكلٍ كبير جداً، وهذه الكلية عدد الإناث فيها أكبر من عدد الرجال بكثير، والفتيات متبرجات وبعضعن كاشفات رؤوسهن مما يسبب الافتتان والإثارة.
في البداية كنت رافضاً الذهاب لهذه الكلية ولكن والداي أجبراني على الذهاب وخاصةً والدي، أقنعت نفسي بأني قادر على المحافظة على ديني، وكنت شديد الحياء من النساء، ولكن للأسف مع الوقت بدأت أعتاد على الاختلاط والتحدث معهن، حتى أني أعجبت بإحداهن، وبدأ التزامي يقل مع الوقت، رغم أني أجاهد نفسي، وأصلي، وأقرأ القرآن.
وأيضاً أقنعني أحد الزملاء الذين تعرفت عليهم في هذه الكلية بارتداء الجينز والقميص وشيئاً فشيئاً ذهب مني الحياء، وأخاف أن أقع فيما هو أكبر -والعياذ بالله-، علماً أن هذه الكلية تخصصها المصرف والبنوك، وأنا غير مهتم بهذا المجال؛ أولاً لأني لا أنوي العمل في البنوك؛ لأنها ربوية، وثانياً لأني سيء في الرياضيات، وهذه سنتي الأولى الآن في التخصص، وها أنا ذا أعاني من صعوبة الدراسة؛ لأني سيء في الحساب، ومن الفتن المفككة للدين.
أعطوني اقتراحاتكم، بارك الله فيكم وعلى القائمين على هذا الموقع.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Qaisar حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
بارك الله فيك -أخي العزيز- وأهلا وسهلا ومرحبا بك، وأسأل الله أن يرزقك العفو والعافية والعفة والستر والثبات على الدين والهداية إلى الصراط المستقيم.
-أهنئك على الحرص على مجاهدة نفسك على الاستقامة والالتزام رغم ضغوط الواقع والحياة والشباب والأصدقاء والجامعة والأسرة، وهو دليل على ما أكرمك الله به من حسن الدين والأخلاق والتربية ومحبة الله ورسوله، وفقك الله لكل خير، الأمر الذي له أثره الكبير في توفيق الله لك على التوبة والصلاح مهما تعثرت في بعض حالك، فغفر الله لك وعفا عنك (وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) وقد صح في الحديث: (من سرته حسنته وساءته سيئته فهو المؤمن).
ومما يسهم في الثبات عند الفتن، الحرص على تعميق الإيمان بطلب العلم النافع والعمل الصالح، ولزوم الأذكار، والصحبة الصالحة، والدعاء، وقراءة القرآن الكريم، والاهتمام بحضور الخطب المتميزة والدروس والمحاضرات النافعة، ومتابعة البرامج المفيدة، والإكثار من الاستغفار، قال تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ).
الأصل -أخي الفاضل حفظك الله ورعاك- في اختيار الجامعة والتخصص الموافق لميولك وقدراتك ومواهبك العلمية والعملية والنفسية؛ كون ذلك أدعى للنجاح والتفوق والتميز والنفع لنفسك ومجتمعك.
ويجب تذكيرك -وأنت بحمدالله على ذكر كما في استشارتك- بأنه لا يجوز لك العمل بعد التخرج في البنوك والمصارف والمؤسسات الربوية، فإن كان ولا بد لك من الدراسة في هذا التخصص، فأضمر النية في العمل لدى البنوك والمؤسسات الإسلامية الموافقة لأحكام الشريعة بعيدا عن كبيرة الربا والشبهات، فلا يخفاك النصوص الكثيرة المعظم من كبيرة الربا، ومنها ما ورد من التهديد والوعي في قوله تعالى في حق أهل الربا: (فَإِن لَّمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ )، وما صح في الحديث من قوله -صلى الله عليه وسلم- : (لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه، وقال: هم سواء) متفق عليه.
يمكن أن تجلس مع والدك وتشرح له الوضع في الكلية وأنك لست مرتاحا فيها، وأن هذا قد يؤثر على مستواك ومعدلك، وأن الأفضل أن تنقل إلى كلية أخرى تحبها، فالدراسة هي رغبة في المقام الأول، لعله قد يقتنع ويتفهم وجهة نظرك، وتختار حينها التخصص الذي تجد نفسك فيه وتبدع، فإن أصر فيجب أن تشد همتك لرفع مستواك فيهذه الكلية، ومما يعينك على تجاوز ضعفك في بعض المواد الدراسية، المراجعة مع الزملاء السابقين والحاليين الجيدين في فهمهم وأخلاقهم، كما يمكنك أخذ كورسات في الحساب ودورات خارج الدراسة أو الاستفادة من دروس ودورات الحاسوب أيضا.
ومما يسهم في البعد عن الفتنة، البعد عن أسبابها من الاختلاط بالنساء ومتابعة الصور والبرامج المثيرة في وسائل الإعلام والتواصل والتعامل معها بمقتضى ذلك غض البصر؛ كونه بريداً وذريعة إلى الفاحشة، وقد قال تعالى : (وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا)، (وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ).
الحرص على مجاهدة النفس عن الشهوات المحرمات، (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ )، (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى)، فأحسن الظن بالله مستعيناً به متوكلاً عليه واثقاً بتوفيقه (إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ )، (وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ).
المبادرة إلى الزواج ما أمكن لإعانتك على غض البصر والعفة، (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج) متفق عليه.
ومن المهم في هذا الباب أيضا: لزوم الصحبة الصالحة الطيبة، والمحافظة على اللحية واللباس اللائق بأهل العفة والالتزام، واجتناب المظهر غير الشرعي وغير اللائق من لباس أهل الفسوق، لإعانتك على الالتزام بدينك وصرف أهل الفسق عنك، والبعد عن الاختلاط بالنساء ما أمكن في الفصل الدراسي والساحة ونحوها.
اللجوء إلى الله تعالى بالدعاء أن يوفقك للتوبة ويمن عليك بالعفو والمغفرة والرحمة والثبات والصبر والهداية والنجاح في حياتك عامة وحسن الختام، والله الموفق والمستعان.