أشعر بالغيرة والشفقة على نفسي عند المقارنة بغيري، فماذا أفعل؟
2020-06-20 22:20:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: أحب ان أشكر العاملين على هذا الموقع، وأسأل الله أن يكتب لهم الأجر والثواب ويرزقهم الجنة -بإذن الله-.
ثانياً: أنا شخص تغيرت حياتي عندما أقدمت على تغيير تخصصي، فكنت طالب طب وحولت لتخصص آخر لعدم قبولي للطب، مع العلم أن معدلي كان مرتفعا جدا ولله الحمد ولكن رغبة مني غيرت، المشكلة أني عندما غيرت تخصصي أصابني إحباط وشعور بالخذلان حيث إني حولت لتخصص أسهل نوعا ما، وبدأت الناس تعاتبني على قراري؛ لأنني معروف بالتفوق الدراسي.
بعد هذا التغيير أصبحت تتراكم علي الهموم، فمثلا قلة ثقتي بنفسي لدرجة أني لا أستطيع مواجهة الطلاب لإلقاء كلمة أو ما شابه، فثقتي أصبحت شبه منعدمة.
ما يقلقني أني منذ الصغر كنت أغار من بعض أصحابي، فمثلا من يجعل الناس تضحك ويكون محبوبا بينهم أشعر بالغيرة منه وأريد أن أكون مثله، إلا أنه مؤخرا زادت هذه الغيرة حيث يذهب يومي وأنا أراقب الناس، وأراقب أصحابي وعلاقاتهم مع الناس ويصيبني الحزن كيف لبعضهم أن تتعدد علاقاته وأنا علاقاتي محدودة، قد تقول أني يجب أن أوسع من علاقاتي ولكن أخذت الناس صورة عني أني لست بالاجتماعي، وبدأت أشعر أني مثير للشفقة إذا ما قارنت نفسي بغيري.
أرجوكم أريد المساعدة، فأنا قرأت وبحثت ولم يجد شيئا معي. أريد أن أكون قنوعا سعيدا بما لدي وشاكرا، وأن لا أحسد أحدا ولا أراقب أحدا.
مع جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في الشبكة الإسلامية، ونشكرك على ثقتك في هذا الموقع، وعلى كلماتك الطيبة.
أنا أعتقد أن المشكلة بسيطة، أنه حدث لك اهتزاز في ثقتك في نفسك، وتغيير من تخصص إلى آخر جعلك تحس بشيء من الندم، وبعد ذلك طبعًا كلام الناس أيضًا أدخلك في المزيد من الندم والتردد حول دراستك الحالية.
أنا أعتقد أن قرارك صحيح، بأن تُغيّر التخصص، لأن الرغبة مهمّة جدًّا، وأصلًا التعليم حقيقة فيما يتعلق باختيار التخصص نُحدّده من خلال كلمة (رفق)، وتعني: الراء للرغبة، والفاء للفرصة، والقاف للقدرة. لا تندم أبدًا على هذه الخطوة التي قمت بها، وأنا أؤكد لك أن نوعية التخصص ليس مهمًّا، إنما المهم هو الإبداع والتفوق في أي نوع من الدراسة يتخيّرها الإنسان. أنا أعرفُ أن هنالك أشخاص درسوا أشياء بسيطة في ظاهرها – كإدارة الأعمال – تفوقوا أفضل من الأطباء، وأصبحوا أحسن من المهندسين... وهكذا.
أيها الفاضل الكريم: ليس هنالك ما تندم عليه، لا تستمع لما يقوله الآخرون، كن أكثر ثقة في نفسك، وأثبت لهم أنك سوف تتميّز في مجالك.
أنا أعتقد أنك حساس أكثر من اللزوم، وربما تكون ضخمت هذا الشيء ممَّا جعلك تحسّ بما أسميته الغيرة والحزن وشيء من هذا القبيل، لا، أنا أعتقد أن قرارك صحيح، وأسأل الله تعالى أن يوفقك فيما اخترته، ونظّم وقتك، واجتهد.
الأمر الآخر هو: يجب أن تُدير حياتك بصورة إيجابية، خاصّة إدارة وقتك، تُخصص وقتًا للدراسة، ووقتًا للترفيه عن النفس، ووقتًا للعبادة، ووقتًا للرياضة، وهكذا... حسن إدارة الوقت تعني حسن إدارة الحياة. ويجب ألَّا تُقيِّم نفسك تقييمًا سلبيّا، الإنسان لا يُضخم نفسه ولا يُعظّمها ولا يُقِللُّ من شأنها أيضًا، الوسيطة هي المهمّة.
أعتقد أنك محتاج لأن تقرأ عن علم (الذكاء الوجداني/العاطفي)، هذا من أفضل العلوم التي إذا تفهمها الإنسان تجعله يستشعر قيمته بصورة واقعية ومنطقية، ويتعامل معها إيجابيًا، وكذلك مع الآخرين. يوجد كتاب رائع جدًّا للدكتور (دانيال جولمان)، أنا دائمًا أشير إليه، الكتاب يُسمَّى (الذكاء العاطفي)، وموجود أيضًا باللغة الإنجليزية، والدكتور دانيال جولمان هو أحد كِبار رواد علم الذكاء العاطفي، من خلاله تتعلَّم كيف تتعامل مع نفسك إيجابيًا، وكيف تفهم نفسك، وكيف تفهم الآخرين وكيف تتعامل معهم.
أريد أن أذكّرك بأشياء بسيطة جدًّا في الحياة لكنّها مهمّة، وهي: برّ الوالدين، بر الوالدين يفتح لك آفاقا عظيمة، وإن شاء الله تعالى يقودك إلى الثبات الوجداني والثبات المزاجي، وهو باب من أبواب التوفيق في الحياة ولا شك في ذلك.
أيضًا عليك بالصحبة الطيبة والرفقة الصالحة، فإنها تعين الإنسان على نوائب الدهر، الصحبة إذا كنت مسيئًا كانت عونًا على الطاعة، وإذا كنت محسنًا كنت مُعينًا لهم على الإحسان.
أنا لا أعتقد أنك تحتاج لأكثر من ذلك، ولست في حاجة لعلاج دوائي، وأنت لست بمريض أبدًا، فقط تذكر كلمة (رفق): راء للرغبة، والفاء للفرصة، والقاف للقدرة، وكلها مجتمعة فيك بحول الله وقوته. اجتهد وفكر من الآن في الماجستير وفي الدكتوراه، وهذا هو المهم.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.