لماذا رجع الاكتئاب بعد سنة من علاج صحيح؟

2020-06-15 02:44:54 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم.

مشكلتي بدأت منذ 8 سنوات عندما سافرت للخارج لمدة سنة كاملة للدراسة، حيث أصبت بالقلق والتفكير المتواصل بالأهل، حتى أصبت بأول نوبة هلع وبعدها اكتئاب، ذهبت لطبيب نفسي عندما عدت لبلدي، ووصف لي السيروكسات، أخذته لمدة شهرين وتوقفت عنه فجأة بدون أعراض انسحابية، وتحسنت كثيرا.

في عام 2018 سافرت مرة أخرى للعمل في الخارج، وبعد 3 أشهر أتت أول نوبة هلع بسبب التوتر المستمر في العمل، والتفكير بشكل دائم عن مكان وجودي، أين أنا؟ علما أني في كل مرة أصاب بالاكتئاب أربط الموضوع بتغيير المكان وابتعادي عن عائلتي.

ذهبت لطبيب ووصف لي الزولفت، وكنت آخذه بالتدريج من 50 حتى وصلت لجرعة 100 ملغ مدة شهر ونصف، فأصبحت شخصا أفضل من حيث نومي وأكلي، وحياتي أصبحت ممتازة، ومشاعري طبيعية جدا، واستمررت على العلاج لمدة 8 أشهر، ثم أوقفت الدواء بشكل تدريجي جدا خلال 3 أشهر تقريبا، ثم جاء موضوع الكورونا، وتعرضنا لمنع التجول لمدة شهر ونصف، فعادت لي أعراض الاكتئاب والتفكير السلبي بأن الكرة الأرضية بالكامل توقفت، وخسارةالعمل والأفكار السلبية حول المستقبل.

عدت للسيرترالين بجرعة نصف حبة يوميا 25 ملغ لمدة شهر، ومنذ 11 يوما رفعت الجرعة إلى حبة كاملة 50 ملغ، فأصبت بعد 3 أيام بالأعراض الجانبية للدواء مثل الانزعاج والغثيان والضيق، علما أني تحسنت قليلا، وأشعر بالاسترخاء في المساء.

أرجو تقديم المشورة فيما يتعلق بالجرعة اليومية ومدة العلاج، حيث رجع الاكتئاب بعد سنة من العلاج، علما أنني أود أن أبقى على هذه الجرعة بسبب انزعاجي من عودتي للعلاج أصلاً، ولماذا انتكست حالتي خلال 3 أشهر بعد علاج صحيح لمدة سنة؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سامي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في الشبكة الإسلامية، وأسأل الله تعالى لك العافية والشفاء.

رسالتك واضحة جدًّا، وأنت الآن بدأت الزولفت مرة أخرى لعلاج الشعور الاكتئابي الذي ينتابك، ولديك تاريخ لقلق المخاوف ونوبات الهرع، وأعتقد أن أحد أسباب الانتكاسة هذه – أو دعنا نسمِّيها الهفوة، وإن شاء الله لم تصل لمرحلة الانتكاسة الكاملة – أحد أسبابها الظرف الحالي الذي يمرّ به العالم، موضوع الكرونا وما سبَّبته للناس من اضطراب في كل المجالات، الاقتصادية والنفسية والسلوكية والصحية، وعدم التيقُّن ممَّا يحمله المستقبل؛ لأن حتى العلم حقيقة فشل في أن يُحدد حقائق علمية صلبة حول هذه الجائحة واستمراريتها وطرق علاجها والتحصين منها.

والأمر الآخر: أعتقد أنه لديك شيء من القابلية والاستعداد أصلاً لقلق المخاوف. هذا طبعًا ليس عيبًا في تركيبك النفسي، حيث أن الناس يختلفون، هنالك بعض الناس شخصياتهم فيها حساسية كثيرة، البعض أصلاً لديه نواه قلقية عالية، أو هكذا.

وأعتقد أن الأمر الآخر - وهو مهم جدًّا من وجهة نظري – هو أن كثيرًا من الأخوة والأخوات يعتقدون في العلاج على الأدوية بدرجة كبيرة، بالرغم من أن الأدوية مساهمتها هي ثلاثون بالمائة فقط في هذه الحالات، والمكونات العلاجية الأخرى – وهي مهمَّة جدًّا – هي أن يسعى الإنسان أن يكون إيجابيًا في تفكيره ومشاعره وكذلك سلوكه، أن يُحسن الإنسان إدارة وقته، أن يكون فعَّالاً، أن يمارس الرياضة، أن تكون هنالك أهداف واضحة، أن يكون هنالك حرص على العبادة والاجتهاد في الدراسة مثلاً لمن يدرس، وفي العمل لمن يعمل.

فيا أخي الكريم: تغيير نمط الحياة أراه أمرًا مهمًّا، والذين يدفعون ذواتهم ويتطبّعون على نمط حياة جديد فيه إيجابية في الفكر والشعور والفعل، هؤلاء قطعًا أقلّ الناس عُرضة للانتكاسات المرضية، ودائمًا نحن نقول أن علاج الرهاب والاكتئاب والقلق في إدارة الوقت مهمَّة جدًّا، وممارسة الرياضة، والتواصل الاجتماعي، فاحرص – أخي الكريم – على هذه الأسس العلاجية.

أنا أقترح عليك أن تظل على حبة واحدة من السيرترالين، أراها كافية جدًّا، نعم الجرعة قد تصل إلى أربع حبات في اليوم، لكن لا أراك في حاجة لجرعة أكبر من حبة واحدة، ويمكن أن ندعمها بعقار (دوجماتيل/سلبرايد)، خمسين مليجرامًا، لمدة شهرين فقط، ثم تتوقف عنه، وتستمر على السيرترالين، وأرى أن أقل مدة للعلاج هي ستة أشهر، وبعض علماء النفس والمختصين يرون أن الإنسان يمكن أن يستمر على الدواء ثلاثة أشهر بعد أن يصل إلى درجة المعافاة الكاملة، يعني: ثلاثة أشهر هذه سوف تكون فترة وقائية، لكن طبعًا الناس تختلف وتتباين جدًّا في درجة استجاباتها والقابلية للانتكاسة أو الشفاء.

فإذًا استمر على الدواء لمدة ستة أشهر، وبعد ذلك قيِّم حالتك، وأظن قد أوضحتُ لك أسباب الانتكاسة التي حدثت لك.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

www.islamweb.net