أشعر أنني السبب في وفاة والدتي، أشيروا علي بنصحكم.
2020-07-29 03:54:01 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أمي (رحمها الله) كان لديها ورم حميد في الدماغ، وكانت تشكي من ألم في عينيها، وأغلب وقتها كانت نائمة، ولديها ضعف بسيط في الجانب الأيمن من الجسم بسبب الورم؛ لأنه في الدماغ وجالس على الأعصاب.
بعد مراجعة الأطباء في العراق قالوا لي: والدتك لا تتحمل عملية جراحية لأن لديها مرض السكري وارتفاع في ضغط الدم، وقالوا: يجب عمل أشعة كاما نايف لوالدتك.
بعدها ذهبت إلى تركيا لإجراء أشعة كاما نايف، وقلت للأطباء في تركيا أن الأطباء في العراق قالوا لي والدتي لا تتحمل عملية جراحية، فقالوا لي نقوم بإجراء الفحوصات والتحاليل، وعلى أساسها نقرر هل تتحمل عملية أم لا.
بعد ظهور نتائج التحاليل والفحوصات قالوا لي: والدتك تتحمل عملية جراحية، وكانت والدتي خائفة من العملية، ولا تريد عملها، وقلت لها: لا تخافي، هي مجرد ساعات وتنتهي العملية، وشجعتها لأنني أريدها أن تكون بصحة أحسن، ولا تشكي من شيء، والله يشهد على ما في داخلي.
بعد إجراء العملية مباشرة دخلت في غيبوبة، وبعد ٣ أشهر نقلتها إلى بغداد وهي في الغيبوبة، وبعد ١٥ يوم من نقلها إلى بغداد توفت (رحمها الله).
علماً بعد الاستفسارات تأكدنا أن أشعة الكاما نايف لا تصلح لوالدتي؛ لأن حجم الورم لوالدتي كان 6cm والكاما نايف قادرة على حجم ورم 3cm.
وما أود معرفته من جنابكم، وحسب القرآن والسنة والأحاديث:
١- لو لم أذهب بها إلى تركيا ولم تعمل عملية، هل كانت سوف تتوفى في نفس اليوم؟
٢- هل يقع علي ذنب لأنني شجعتها على العملية، والله شاهد علي كنت أتمنى لها الخير؟
٣- هل رحلت أمي وهي لم تكن راضية عني بسبب هذا الشيء؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -أيها الأخ الحبيب- في استشارات إسلام ويب، نسأل الله تعالى أن يُعظّم أجرك في مصيبتك بوفاة أُمك، وأن يغفر لها ويرحمها، ويجعل ما أصابها من المرض كفّارة لها.
وبخصوص ما سألت عنه نقول: أولاً اعلم أن المقادير مكتوبة والآجال معدودة، وقد أخبرنا الله تعالى في كتابه في آياتٍ كثيرة عن أن أجل الإنسان لا يتقدّم ولا يتأخّر، {فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون عنه ساعة ولا يستقدمون}، وهذا القدر المكتوب لا يُعارضه شيء، ولا يتوهم الإنسان أبدًا أنه لو لم يفعل كذا لما مات فلان أو لما قُتل فلان، وقد أخبرنا الله تعالى عن هذا الموضوع بخصوصه في سورة آل عمران في الآية 154 من السورة، يتكلّم الله تعالى فيها عن قول بعض المنافقين ومرضى القلوب أنهم قالوا: {لو كان لنا من الأمر شيء ما قُتلنا هاهنا}، فأجابهم الله: {قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كُتب عليهم القتل إلى مضاجعهم}، يعني: لو كنتم في مكان بعيد جدًّا عن القتل وفي أأمن مكان -وهي البيوت- ولم تخرجوا إلى غزوة أحد لخرجَ هؤلاء إلى هؤلاء الناس الذين كتب الله لهم الشهادة {لبرز الذين كُتب عليهم القتل} أي: لخرجوا {إلى مضاجعهم} أي: إلى هذه المواضع التي قُتلوا فيها.
فهذا قدرٌ ولا بد أن يكون، فإذًا لا تذهب نفسك حسرات، ولا تتأسّف على ما كان منك، فإنك أردت بأُمّك البر والخير، وقصدتَّ النفع والمصلحة، والله تعالى لا تخفى عليه خافية، وقد قال -سبحانه وتعالى- في كتابه الكريم: {والله يعلم المفسد من المصلح}، وقال في آية الوالدين على وجه الخصوص في سورة الإسراء: {فلا تقل لهما أفٌ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمًا * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرًا} ثم قال: {ربكم أعلم بما في نفوسكم إن تكونوا صالحين فإنه كان للأوابين غفورًا}.
فيُخبرنا تعالى عن علمه بما في نفوسنا من إرادة الخير للوالدين والبر بهما والإحسان إليهما، وأنه يُعاملنا بهذا الذي في نفوسنا، ويتجاوز عن بعض الأخطاء وبعض التقصير الذي قد يحدث في بعض الأحيان، هذا لو حدث تقصير أو خطأ، أمَّا في حالتك أنت فلم يحدث شيء من ذلك، فأنت أردتّ الخير والبر ولكن قدر الله تعالى سابقًا، وكانت أُمُّك ستموت في هذه الساعة التي ماتت فيها، وفي هذه البقعة التي ماتت فيها، لا تتغيّر تلك الأقدار ولا تتبدّل.
وبهذا علمتَ أنه ليس عليك ذنب لأنك شجعتها على العملية، بل أنت مُحسنٌ، والله تعالى يقول: {ما على المحسنين من سبيل}، وأُمُّك رحلت وهي تعلم أنك أردتَّ بِرّها ودوائها وتخليصها من الآلام التي تعيشُها، فستكونُ -بإذن الله تعالى- راضيةً عنك.
نوصيك بالدعاء لها، وإصلاح حالك أنت مع الله تعالى.
نسأل الله تعالى بمنِّه وكرمه أن يُسكن أُمك الفردوس، وأن يأجرك على بِرّك بها وإحسانك إليها.